مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

وللأسف الشديد هناك غفلة كبيرة في الواقع العربي كما قلنا، البعض يتفاعل في أحيان نادرة، عندما تحصل كارثة كبيرة جدّاً، فتهزه قليلاً، تنبهه بشيءٍ قليل، بمستوى محدود من حالة الغفلة والسبات، طال سبات هذه الأمة بأكثر من الدب في سباته الشتوي، بشكل كبير جدّاً، سبات لمدى عقود من الزمن، هذا شيء مؤسف جدّاً! متى يمكن أن ننتبه؟!

القرآن الكريم كشف لنا حقيقة أولئك الأعداء، تحدث عن اليهود، عمَّا يُكِنّونه من عداء شديد لأمتنا، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قبل ألف وأربعمائة أنزل في القرآن الكريم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة: من الآية82]، رقم واحد اليهود قبل غيرهم، قبل غيرهم، ويأتي من بعدهم {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، {لَتَجِدَنَّ}، لَتَجِدَنَّ في مؤامراتهم، في مخططاتهم، في ممارساتهم، في ثقافتهم، في عقائدهم، في إعلامهم، في أعمالهم، وأفعالهم، وأقوالهم، وتصرفاتهم، وما يفعلونه بالمسلمين، {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}، تجد أنهم الأشد عداءً بكل ما تعنيه الكلمة، ويتحركون على هذا الأساس.

تحدث في الآيات الأخرى عنهم: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}، عندهم رغبة شديدة، عندهم، دافع نفسي لإلحاق أبلغ الضرر بكم، أشد أنواع الضرر بكم، يبيّن مشاعر متهيجة بالحقد الشديد عليكم، {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}[آل عمران: من الآية118]، تصريحات، عبارات، مواقف، يتحدثون فيها بصراحة، بوضوح عن عدائهم، ولا ينفع في البعض ذلك، لا أقوال، ولا أفعال، ولا مآسٍ، ولا كوارث.

يقول عنهم حتى في اجتماعاتهم التي يخلون فيها، اجتماعات سرية لإعداد خطط ومؤامرات: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران: من الآية119]، يحملون الغيض الشديد عليكم، منتهى الحقد، ومنتهى المشاعر المتأججة بالكراهية والبغض والغيض عليكم، إلى هذه الدرجة التي يُعَبِّر عنها بهذا، حتى للذين يحبونهم من العرب، من أبناء العالم الإسلامي.

ومن العجيب، من العجيب أن يحب أحد أولئك! على ما هم عليه من سوء وحقد وإجرام، حالة غير سليمة، غير صحية، غير طبيعية! أن تحب عدوك الذي يكرهك، ويحقد عليك، ويحتقرك، ويستبيح فيك كل شيء: حياتك، وعرضك، وحقوقك، وأملاكك، وثروتك، ووطنك، كل شيء، يستبيح أن يفعل بك أي شيء، أنت بالنسبة له مهدر الدم، مباح العرض، مباح المال، مباحٌ في نفسك وفيما تملك، ويحقد عليك، ويكرهك، ويحتقرك، وَيُعَبِّر عن ذلك. يقول الله: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران: من الآية119]، هم لا يحملون لكم مشاعر المحبة كما تحملون لهم، هذا للمحبين لهم، للموالين لهم، يقول الله لهم هذا الخطاب.

المشكلة في واقعنا العربي وفي ساحتنا الإسلامية بشكلٍ عام هو: غياب النظرة القرآنية، وأيضاً غياب الاستفادة من الأحداث، وأخذ العبرة منها؛ ولذلك ليس هناك فقط ما يعمله الأعداء في ساحتهم، يعني: في داخل اليهود، في داخل الحركة الصهيونية مثلاً في أوروبا، أو في أمريكا، بل هناك ما يفعلونه في داخل أمتنا؛ لاختراق أمتنا، وخطتهم جزءٌ كبير منها هو في هذا الاتجاه: الاختراق لهذه الأمة، والاستهداف لهذه الأمة؛ ولهذا نرى هذه الأمة مكبلة، أمتنا الإسلامية في الوطن العربي وغيره كم هو عددها؟ في كثير من الإحصائيات أكثر من ملياري مسلم، بشكلٍ عام كل المسلمين، في إمكانيات هذه الأمة المادية: إمكانات هائلة جدّاً. العسكرية: كم لديها من جيوش وإمكانات تبعاً لذلك، من طائرات، ودبابات، وعتاد حربي متنوع، كم إجمالي ذلك؟ بشكل هائل جدّاً. الإمكانات الإعلامية: إمكانيات ضخمة، أين هو دورها في خدمة قضايا الأمة؟ هناك اختراق حقيقي لأمتنا، كَبَّل هذه الأمة وجمَّد هذه الأمة، بحيث يتفرج أكثر أبناء هذه الأمة على ما يجري، على ما يحدث، على المآسي الكبرى، التي تشكِّل خطورة على كل الأمة.

حرص الأعداء على السيطرة على القرار الرسمي، وهذا واضح، يعني: كثيرٌ من بلدان أمتنا هناك قرار رسمي فيها بعدم اتخاذ أي موقف عملي جاد لمناصرة الشعب الفلسطيني، لمساندة المظلومين في غزة، لفعل شيء لصالح الشعب الفلسطيني في غزة بالرغم من كل ما يحصل، ولو على مستوى موقف سياسي حقيقي، أو موقف اقتصادي حقيقي، خطوات عملية، أكثر من مسألة البيانات، هناك تأثير للتوجه الرسمي، الذي هو بقرار، على مستوى تجميد الحالة الشعبية حتى من التظاهر، من الهتافات، من الأنشطة الشعبية التي تُعَبِّر فيها الشعوب عن موقفها مما يحدث، عن ألمها تجاه ما يحدث، عن سخطها تجاه ما يحدث، نشاط للتعبئة في أوساط الشعوب، هناك تجميد بقرار رسمي وموقف رسمي، وتعطيل على المستوى الشامل مع بقية الدول لأي قرار جماعي للأمة، في إطار خطوات عملية ضاغطة بكل ما تعنيه الكلمة، وبوزن وثقل هذه الأمة الإسلامية بكل ما تمتلكه من إمكاناتها.

هناك تغييب للاهتمام بهذا الموضوع بشكل كبير، في التعليم، في المناهج الدراسية، في كل مراحل التعليم، معظم الدول العربية، معظم الدول الإسلامية بشكلٍ عام لم يعد فيها أي شيء مهم يتعلق بهذه المسألة: الخطر الصهيوني اليهودي على أمتنا، القضية الفلسطينية، مسؤولية الأمة تجاه الأقصى، تجاه الشعب الفلسطيني، تجاه فلسطين، كل هذا يُغَيَّب تماماً من الإعلام، ومن السياسة، من التوجهات، من المواقف، تغييب لهذه المسألة، هذا ليس شيئاً عادياً، هو يحصل لأن العدو عمل على ذلك، عمل على تغييب هذه المسألة، وإخراجها من دائرة الاهتمام.

هناك استهداف لأمتنا الإسلامية في الوطن العربي وغيره، في كل عناصر القوة على المستوى المعنوي والمادي:

  • على المستوى المعنوي: على المستوى الإيماني، على مستوى القيم الإيمانية، الروحية الإيمانية، التوجه التحرري، الجهادي، كل هذا مستهدف، القيم الأخلاقية، القيم الإيمانية العظيمة، كل هذا يستهدف.
  • وعلى المستوى المادي: أن نكون أمة منتجة، أمة منتجة، أمة قوية اقتصادياً بقوة ما تنتج، وليس لأنها تحوِّل نفسها إلى سوق ضخمة، بعض البلدان العربية ليس عندها أكثر من ذلك: تحوِّل واقعها إلى سوق ضخم.
  • إغراق الأمة في الفتن والنزاعات: الفتن تحت كل العناوين، النزاعات والأزمات والانقسامات هناك شغل ودفع كبير جدّاً، وتجد البعض يتفاعل مع ذلك ويستجيب، حصلت فتنة التكفيريين في أوساط الأمة، والحقوا بالأمة أضراراً بالغةً جدّاً، ولا يزالون، وآخرون يسيرون في ذلك المسلك، البعض إذا كان المسلك انقسامياً فتنوياً يتفاعل معه بكل جد، ويتحرك فيه بكل جهد، ويعطيه كل اهتمام، لكن إذا كانت المسألة موقف من أعداء الأمة، ليس مستعداً أن يتحرك نهائياً، لا فتوى، لا موقف فعلي على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، أو في أي اتجاه، ولا قول ولا فعل، طافي طافي إذا كانت المسألة هكذا.
  • هناك تحرك أيضاً لإضلال الأمة، ولإفسادها، ولتمييعها: سعي رهيب جدّاً لإفساد البشرية بشكلٍ عام، والمجتمع المسلم لا أخلاقيا، الفساد اللا أخلاقي ينشرونه في الساحة، يحاولون نشر العهر، الجريمة، الفاحشة، الشذوذ، الفساد بكل أشكاله؛ لتمييع أبناء الأمة؛ حتى يحولوهم إلى أمة منحطة، لا ضمير لها، لا شرف لها، لا غيرة فيها، لا حُريَّة، لا عزة، لا كرامة، لا إباء، لا شجاعة، يحولون شباب هذه الأمة إلى دنيئين، خاضعين، خانعين، تائهين.
  • وهناك سعي لتوجيه الولاء في أوساط هذه الأمة لليهود: يريدون أن يحولوهم إلى موالين لليهود، وتطويعهم أيضاً لصالح الأعداء، أن يتحولوا إلى مطيعين، مطيعين للأمريكي، مطيعين للإسرائيلي، مطيعين لأعدائهم الصهاينة.

ولذلك لابدَّ للأمة أن تستفيق من غفلتها، وأن تتحرك وفق مسؤوليتها بوعي وبصيرة، وجديَّة تامة، وجديَّة تامة، وبذلك تحظى برعاية الله وتأييده، الأمة إذا تحركت بشكل صحيح، بوعي وبصيرة وفق مسؤوليتها؛ ستحظى بتأييد الله، بالنصر من الله، بالمعونة من الله، يتحقق لها الوعد الإلهي، هذه مسألة مهمة جدّاً، وفي النماذج الموجودة من أبناء الأمة، التي تتحرك على هذا الأساس، فيما هي فيه من فاعلية وتأثير، درس وعبرة لبقية الأمة:

  • في ثبات المجاهدين في غزة، في هذه الجولة من التصعيد الذي قام به العدو الإسرائيلي عليهم، وما قبل ذلك في جولات سابقة، في صمودهم، في صبرهم، في ثباتهم، في فاعليتهم العالية؛ في التصدي للعدو، وإلحاق الخسائر بالعدو، والتنكيل بالعدو، والثبات في مواجهة العدو، والتماسك في مواجهة العدو، بالرغم من الوضعية الصعبة، والحصار الشديد، والخذلان الكبير، درس وعبرة لكل المسلمين.
  • في ثبات حزب الله منذ نشأته في الجبهة اللبنانية، وفاعليته، وتأثيره، وما حققه الله له من الانتصارات الكبرى: في 2000، و2006، وما بعد ذلك، وفاعليته الآن في جبهة ساخنة مشتعلة جدّاً في مواجهة العدو الإسرائيلي، عبرة ودرس كبير لكل أبناء الأمة، ودرس مهم جدّاً.
  • في فاعلية الذين يتحركون من أبناء الأمة بجديَّة، وفاعلية، وصبر، وقيم إيمانية، مثلما هو حال الأخوة المجاهدين في العراق الذين هزموا العدو الأمريكي.
  • مثل ما هو حال جبهتنا في اليمن، في فاعليتها، وتأثيرها، وقوتها، وتأثيرها الكبير الملموس الذي يعترف به الأعداء، عبرة واضحة لكل المسلمين.

ولذلك ينبغي أن نتحرك بكل هذا الأمل، وأن نسعى لأن يكون جزءاً من نظرتنا إلى هذه الأحداث، من تفاعلنا مع هذه الأحداث في فلسطين، هو: الحصول على الوعي عن خلفية هذا الصراع؛ لأن البعض لا يزالون ينظرون إلى هذه الأحداث وكأنها مجرد أحداث طرأت وتنتهي، سيكون هناك صفقة معينة، أو مساومة معينة، أو هدنة معينة، ثم ينتهي الإشكال.

هذا الصراع مستمر، وله مآلات حتمية، وهذا الصراع تحدث عنه القرآن الكريم، تحدث عنه (في سورة الإسراء)، وتحدث عنه أيضاً (في سورة البقرة، في سورة آل عمران، وفي سورة المائدة، في سور كثيرة، وفي سورة التوبة)، لكنه تحدث فيما يتعلق بالصراع مع العدو الإسرائيلي، في صراع يكون محوره المسجد الأقصى، وعنوان ومرتكز أساسٍ فيه المسجد الأقصى تحدث (في سورة الإسراء) عن ذلك، والمآلات الحتمية واضحة في هذا الصراع، هي:

خيبة الأعداء، فشل اليهود الصهاينة، هزيمتهم المحتومة وفق الوعد الإلهي: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}[الإسراء: من الآية7]، هكذا يخاطب من؟ اليهود. {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} يعني: أنتم أيُّها اليهود، {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء: من الآية7]، اليهود الصهاينة بمسلكهم الإجرامي، برؤيتهم العدوانية، الظلامية، الوحشية، الهمجية، التي كلها أحقاد وكلها أطماع، بفسادهم الرهيب الذي ينشرونه في الأرض، هم عرضة لسخط الله، هم موعودون من الله بالانتقام الإلهي، بالعقوبة الإلهية؛ ولهذا لا بقاء لهم في السيطرة على فلسطين، ولا على أي جزءٍ من فلسطين، ولا على القدس، ولا على المسجد الأقصى، لا بقاء لهم، مآلهم الحتمي مهما أجرموا، مهما فعلوا، مهما ظلموا، مهما قتلوا، مهما دمروا، مهما أسرفوا في الإجرام، مآلهم الحتمي هو الزوال، هو الهزيمة، هو الخيبة، هو الفشل، هو إزالتهم من فلسطين، زوال كيانهم الذي لا شرعية له أبداً.

وكذلك من المآلات الحتمية في هذا الصراع: خسارة كل الذين يوالونهم، الذين توعدهم الله (في سورة المائدة) بالندم والخسران، أن يصبحوا نادمين، وأن يصبحوا خاسرين، {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة: من الآية53].

هذا الليل سينجلي، نور النصر والفرج والأمل الواعد لهذه الأمة قادم، قادمٌ رغم أنوف الأعداء، ورغم أنوف الذين يوالونهم من الأغبياء، الذين لم يشاهدوا البشائر هذه الواضحة جدّاً، التي تبشر بقدوم هذا النصر الإلهي، وهذه المتغيرات الكبرى لهذه الأمة.

ومع ذلك سنة الله في الاختبار للناس، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران: من الآية179]، الأمة في هذه المرحلة التاريخية، وفي ذروة هذا الصراع وهذه المواجهة وهذه المفاصلة، أمام اختبار كبير بينها وبين الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى":

  • من يتجه الاتجاه الصادق، الاتجاه الصحيح، الاتجاه المشرِّف، الذي هو بمقتضى الانتماء الإيماني، والمصلحة الحقيقية للأمة، والقيم الإنسانية والدينية، ويفوز بأن يتجه الاتجاه الذي هو اتجاه رابح، اتجاه الفوز والنصر، والعاقبة المحمودة والحسنة.
  • ومن ينحرف من أبناء الأمة، ويتجه اتجاه الخسارة والندم والخذلان والعياذ بالله.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

كلمة السيد القائد حول آخر التطورات والمستجدات

الخميس 19 شعبان 1445هـ 29فبراير 2024م

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر