نحن في موقفٍ محق ونحن نتصدى لهذا العدوان، شعبٌ مظلومٌ بكل ما تعنيه الكلمة، ونحن في نفس الوقت منصفون غاية الإنصاف، مطلبنا بسيطٌ جدًّا، عندما يتجاوب له المعتدون على بلدنا، هم لم يقدموا تنازلات، نحن الذي نريده أن يوقفوا عدوانهم علينا، هم يحاربوننا، ويحتلون مساحةً كبيرةً من بلدنا، ويحاصرون شعبنا بأشد حصار، بأشد حصار، هذا كله يشرف عليه الأمريكي، ويشتغل فيه البريطاني، ومن خلفه الإسرائيلي، هذا كله تتعاون فيه بعض الدول الأوروبية، وينفذه السعودي، والإماراتي، ومن معهم، عدوان واضح على شعب كامل، على بلد كامل، احتلال لمساحة كبيرة من أرضه، ومع ذلك حصار خانق لهذا البلد، ومنع لوصول ما لشعبنا الحق على المستوى الإنساني والقانوني في وصوله إليه، من المواد الغذائية، والطبية، والإنسانية، والاحتياجات التي يحتاج إليها في شؤون حياته، وأيضاً في حركاته وتنقلات مرضاه وجرحاه ومسافريه، هذا هو الذي نطلبه.
هم دائماً يتحدثون معنا وكأننا نحن من نفتح الحرب، كأننا نحن الذي نعتدي عليهم، ونواجههم، ونحتل بلدانهم، ونمنع وصول الغذاء إليهم، ووصول الدواء إليهم، ووصول المشتقات النفطية إليهم، فيقدمون المبادرات، ويتحدثون على المستوى الإعلامي، أحياناً يتحدث الأمريكي، وأحياناً يتحدث السعودي، ليوجه إلينا النصائح بأن نقبل بالسلام، كأننا في حرب عليهم، وهم في حالة من الدفاع عن أنفسهم، فيطلب منا أن نكف عنهم المساكين!
هم من عليهم أن يتوقفوا، السلام يتحقق بأن:
يوقفوا عدوانهم على شعبنا.
أن ينهوا احتلالهم لبلدنا.
أن يكفوا عن حصارهم غير المشروع، الذي يمنعون فيه الدواء والغذاء، ويمنعون فيه المشتقات النفطية، والاحتياجات الإنسانية، من الوصول إلى أبناء شعبنا، إلا بعناءٍ شديد.
السلام يتحقق بأن يكفوا عن هذه الممارسات الإجرامية والعدوانية، التي لا مبرر لها.
أنتم تريدون السلام، فالسلام يتحقق بأن توقفوا عدوانكم، وترفعوا حصاركم، نحن شعبٌ معتدىً عليه، ومحاصر، ومحتلة مناطق واسعة من بلده، فهل نحن من نتوقف؟! هل نحن الذين تريدون منا أن نتوقف، في الوقت الذي أنتم تفعلون كل ذلك، تواصلون عدوانكم بكل أشكاله، تواصلون حصاركم بشكلٍ شديد، تواصلون احتلالكم لمساحات واسعة من هذا البلد؟! معنى ذلك: القبول بالاستسلام.
المعتدى عليه، المحاصر، إذا قالوا له: توقف، يعني: توقف عن دفاعك، يعني: استسلم، يعني: استسلم، وهذا ما يجب أن يعيه الجميع من أبناء شعبنا.
أولئك إذا أرادوا سلاماً فالسلام متاح، نحن لا نصر على استمرار الحرب؛ لأن موقفنا في الأساس هو دفاع، منذ بداية العدوان وإلى اليوم نحن ندافع:
ندافع عن شعبنا.
ندافع عن بلدنا.
ندافع عن حقنا في الاستقلال، والكرامة، والحرية.
فالسلام يتحقق بأن يوقفوا عدوانهم، وأن يرفعوا حصارهم، وأن ينهوا احتلالهم لهذا البلد، ثم تسوّى بقية الملفات:
ملف الأسرى.
ملف تعويض الأضرار.
بقية الملفات.
أما عندما يأتي الأمريكي يقدم مبادرات بعيدة عن كل هذا:
لا توقف العدوان.
ولا ترفع الحصار.
ولا تنهي الاحتلال.
أو يأتي السعودي ويقدم نفسه وكأنه وسيط، مع أنه ذو دور أساسي في هذا العدوان، متزعم لهذا العدوان على المستوى التنفيذي، والأمريكي مشرف على هذا العدوان، والبريطاني شريك أساسي في هذا العدوان على شعبنا، فمن يأتي منهم ليتحدث عن السلام، وهو في أشد الحصار لشعبنا، وهو مستمرٌ في العدوان والاحتلال، فهو لا يعني شيئاً غير الاستسلام.
ولذلك طالما استمر العدوان، وطالما استمر الحصار الخانق، الذي لا يستند:
لا إلى قانون دولي.
ولا إلى قرارات مجلس الأمن.
وهو إجراء تعسفي ظالم، وهو مصادرة لحق إنساني وقانوني لشعبنا:
في وصول غذائه.
في وصول دوائه.
في وصول احتياجاته.
في وصول المشتقات النفطية إليه.
في حركة المسافرين والمرضى.
من يحاصر أشد الحصار، ويستمر في العدوان، ثم يأتي ليقدم مبادرات شكلية، فهو يخادع، وخداعه لن ينطلي علينا.
نحن سنستمر كشعبٍ يمني في التصدي لهذا العدوان، قولوا لشعبنا العزيز: يا شعبنا أنت تعيش المعاناة، أنت تعاني المعاناة الكبيرة لكي تحصل على المشتقات النفطية بعناء شديد، وبأرفع الأسعار، لماذا؟
لأن تحالف العدوان يمنع دخول السفن المرخصة من الأمم المتحدة، التي قد فتشها هو، تحالف العدوان يمنع دخولها إلى ميناء الحديدة لتوصل لك النفط، لتوصل لك المشتقات النفطية، لتوصل لك البنزين والديزل، حتى لا يصل إليك إلا بعناء، وتهريب، ومشقة بالغة جدًّا؛ لكي تعاني؛ لأنهم يريدون أن تبقى معانياً:
تعاني في الحصول على احتياجاتك.
وتعاني بأن تكون هذه الاحتياجات بأرفع الأثمان.
وعندما منعوا دخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية، والمواد الغذائية والطبية، إلى ميناء الحديدة، هم يفعلون ذلك تعسفاً، سفن تحصل على الترخيص من الأمم المتحدة، تفتش، ثم تمنع لا تدخل، أحياناً يسمحون لبعض السفن بالدخول بعد كم؟ بعد أربعة أشهر، ستة أشهر، عام من الانتظار في عرض البحر؛ وبالتالي تكون تكاليف انتظارها فيما يسمونه بالدمرج، وتكاليف الإيجار بالغة جدًّا، تضاف على قيمة البضائع، فترتفع الأسعار بشكل كبير، وهم يفعلون لهذا الهدف؛ لأنهم يستهدفونك كشعبٍ يمني، هم يستهدفونك يريدونك أن تتضرر، أن تعاني؛ لأنهم أعداؤك، لأنهم في حربٍ معك.
واجبك يا شعبنا العزيز، ومسؤوليتك يا شعبنا العزيز أن تتصدى لهم، وهم في هذه الحرب الظالمة عليك، أن ترفد دائماً جبهات التصدي لهم، والتصدي لزحوفاتهم، التصدي لهم؛ لكيلا يكملوا احتلال هذا البلد، العمل لإجبارهم على وقف هذا العدوان، ووقف هذا الحصار، أن ترفد تلك الجبهات بالمزيد والمزيد، وبشكلٍ مستمر، من الرجال والمال؛ لأن هذا هو موقفك الذي سيفرض عليهم أن يراجعوا حساباتهم.
نحن لن نألوا جهداً في أن نتصدى لهذا العدوان؛ لأنه عدوانٌ ظالم، يرتكب أبشع الجرائم بحق شعبنا، ولأنه عدوانٌ بأهدافه المشؤومة يسعى لاحتلال بلدنا، والسيطرة علينا كشعبٍ يمني، ولأنه يعذب شعبنا، ويحاصره أشد الحصار، يعاني المريض ليحصل على الدواء، ويعاني من يدير المستشفى في أن يشغل إمكانات المستشفى، فلا يحصل حتى على الديزل إلا بعناء شديد، يعاني أبناؤه كل أشكال المعاناة، سنتحرك، ولن نألوا جهداً.
وطريق السلام معبَّدٌ، واضحٌ، جاهزٌ، من جانبنا، أوقفوا عدوانكم، وارفعوا حصاركم، وانهوا احتلالكم، لتنتهي المشكلة، إذا فعلتم ذلك ما الذي سيحصل؟ هل هذه تنازلات مجحفة بحقكم؟ هل هي كارثة عليكم؟ هل هي مصيبة عليكم؟ يمكن أن تكون هناك إشكالية بالنسبة لكم، في أنكم فشلتم، وهزمتم، ولم تتمكنوا من تحقيق أهدافكم المشؤومة، والشيطانية، والإجرامية، والعدوانية، على هذا الشعب العزيز.
وتبقى الصرخة معبرة بصدق عن موقفنا الثابت على الحق!
نحن في هذه المناسبة نؤكد على هذه الحقائق، ونبين حقيقة الموقف، ونقول للجميع: إن الصرخة التي بدأت في القرى النائية، وانطلقت من مدرسة الإمام الهادي “عليه السلام”، في خميس مران، قد وصل صداها اليوم- بعد كل تلك المراحل، بعد كل تلك المؤامرات، بعد كل تلك الحروب والاعتداءات- قد وصل صداها اليوم إلى كل أنحاء العالم، وأصبحت هي اليوم هتاف الأحرار:
على دبابات الإبرامز، وعربات الهمر.
وفي اقتحامات المواقع.
وعند إطلاق الصواريخ الباليستية والمجنحة.
وفي ميادين الكرامة.
وفي ساحات الحضور الجماهيري.
وفي المسيرات والمظاهرات.
معبرةً بصدق، وناطقةً بحق، عن ثبات موقفنا، في التمسك بحق أمتنا، في الحرية، والكرامة، والاستقلال، وفي التصدي للمستكبرين والطغاة المجرمين.
إنني ثانياً: أدعو شعبنا العزيز إلى مواصلة التصدي للعدوان، طالما استمر العدوان والحصار، وأن يرفد الجبهات بالمال والرجال.
إنني في الختام: أؤكد أننا جزءٌ لا يتجزأ من معادلة التصدي لاعتداءات العدو، والتهديد للمسجد الأقصى الشريف، والمعادلة التي أعلنها سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في كلمته الأخيرة: في أن يكون التهديد للقدس يعني حرباً إقليمية، نؤكد أننا جزء من هذه المعادلة في إطار محور المقاومة، وأننا سنكون- بإذن الله “سبحانه وتعالى” حاضرين، بكل ما نستطيع، وبكل فاعلية، في إطار المحور، وفي إطار هذه المعادلة.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1442هـ