مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة: 35) يأتي بالجهاد، الجهاد هو أساسي في ماذا؟ في إصلاح الأرض، في إصلاح الأمة، في إصلاح حياة الناس؛ ولهذا سما الله المجاهدين محسنين وفعلا بأعمالهم يقدمون إحسانا للبشر الآخرين، مجاهدون في شعب معين ماذا يعني في الأخير؟ أليس هذا يعني أنهم يحولون دون احتلاله، دون نهب أموال الناس، دون هتك أعراضهم، دون تدمير بيوتهم، دون... ماذا يعني هذا؟ ألا يعني: مصلحين؟ أليس هؤلاء يجاهدون، وتكون النتيجة إصلاح لحياة الناس؟ لكن الأمور الآن معكوسة، المفسدون العالميون الذين هذا حكمهم {أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ} يحاولون أن يتوددوا إليهم بأي طريقة، يتوبون إليهم هم وليس {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ} هم يرجعون إليهم، ويفسحون المجال أمامهم ليفسدوا، بأن يقولوا: لا يتحدث أحد عن موضوع الجهاد، في خطبة، أو في آيات يقرأها، أو أن يوعي الناس توعية جهادية، لا، اترك المجال مفتوحا للمفسدين أن يقتلوا الناس، ويصلبوهم، ويقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويدمروا بيوتهم، ويهلكوا حرثهم، ونسلهم!

أليس هذا هو العمى؟ هذا هو الشقاء، وهذا هو الجريمة الكبيرة، أن يكون حكم الله فيهم هو هذا فيأتي الآخرون يحاولون أن يجعلوا الحكم بأن يفسح المجال أمامهم ليفسدوا في الأرض، وقال عن بني إسرائيل في آيات أخرى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً}(المائدة: من الآية64) وبإسراف مثلما قال سابقا: {ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } (المائدة من الآية: 32) فساد، سعي، يسعون إلى الفساد وبإسراف وليس فسادًا أحيانا، أو بمقدار محدود، أو في جانب دون جانب، بكل ما تعنيه كلمة فساد، يصلون إلى النسل، أن لا ينجب الناس من جديد، يكفي، الذي يفكر بأن لا تنجب نهائيا أليس معناه بأنه يفكر بأن يزيل هذا الجنس من أمامه؛ لأن المسألة تكون صعبة عليه، أنه كلما حاول أن يميت أناسا بأي طريقة، كلما أنجبوا، أنجبوا على طول، يقطع النسل أولاً، وفي الأخير يحاول يدبر الموجودين، أليست هذه فكرة فساد في الأرض رهيبة، وجرأة؟ كما حكى الله عن ابن آدم الأول؛ ولذلك قال: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} عندهم جرأة على مستوى البشر.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ} هذه المقدمة {اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ} ابحثوا أنتم، ابحث أنت، واطلب أنت ما يقربك إلى الله؛ فيأتي بكلمة: {وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ} هل يمكن أن يأتي بكلمة: وجاهدوا دون أن تكون هذه تعني: أن هذا من أعظم القرب عند الله، وأعظم الوسائل عنده. إذًا ليس أن تبتغوا، وتطلبوا أن لا تدخلوا في جهاد مهما كان بسيطا، ولو كان حاصلاً، أو آخرين يبتغون ألا يوجَّه الناس، ولا يربى الناس تربية قرآنية؛ ليكون عندهم روح جهادية! هو نفسه لا يبتغي هذه الوسيلة، وفي نفس الوقت يحاول في الآخرين ألا يكون في أنفسهم أيُّ شعور بمسئولية لينطلقوا مجاهدين في سبيل الله.

{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} بكل ما تعنيه كلمة فلاح، فلا يكون هناك مفسدون في الأرض على هذا النحو، ولا يكون هناك ما يجعل الفساد يقعد الناس عن دين الله الذي من أبرز اهتماماته ما يتعلق بالحفاظ على كرامة الناس، واستقرار الحياة، استقرارها لتعتبر حياة أمن وسلم وخير، وهذا الذي وعد الله، ألم يعد بهذا؟ إذًا فلأن هناك أناسا من البشر على هذا النحو: مفسدون، فيجب أن يكون الجهاد قائما. ولن تدخل في موضوع الجهاد ـ إذا أنت تجاهد على أساس القرآن ـ لن تدخل مع أمة هي مصلحة في الأرض؛ لأن الصلاح يتمثل في الأخير في ماذا؟ في الاهتداء بهدي الله، أليس الله يذكر لنا في أكثر من آية {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ} أوتوا نصيبا فلم يهتدوا به، فأصبحوا هكذا، أصبحوا مفسدين.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (المائدة: 36) جاء في آية مماثلة لهذا في الحديث عن بني إسرائيل الآية التي يقول فيها: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} (البقرة من الآية: 48) ذكر فيها ما يتعلق بالطرف الآخر الذي يجب على الناس أن يجاهدوه؛ لأنه هنا عندما يقول لك: جاهد في سبيل الله ، من خلال أن يبين لك الفئات الأخرى تكون عارفا بفطرتك، وبمشاهدتك، وباستقرائك للتاريخ ولواقعك أن الجهاد في الإسلام إنما هو لفئات كهذه، يعني أنت لن تقع في حرج أن الجهاد هنا الذي يأمر الإسلام الناس به أنه جهاد طيبين وخيرين ومصلحين في الأرض، أبداً، مفسدين في الأرض، كافرين، مخالفين لهدي الله، وأشياء من هذه، وهو نفس الأسلوب السابق الذي تحدثنا عنه كثيراً أن يطمأنك بالنسبة للطرف الآخر أنه ماذا؟ محط غضب إلهي، فهو في موقع ضعف.

وقد يفهم منها أن الناس الذين يرفضون، أن الإنسان قد يرفض من أجل أنه يريد حفاظا على مصالحه، أو على شيء في الأرض معين، مظاهر حياة، أو بيته، أو أشياء من هذه، أليس هو قد يرفض الجهاد من أجل هذه؟ هو لا يعرف عواقب المسألة، أنك عندما ترفض تعتبر عاصيا لله سبحانه وتعالى، ومن أجل شيء بسيط من هذه الدنيا، يوم القيمة تتمنى أن هذه الأرض كلها لك لتفدي نفسك بها ولا تقبل منك على الإطلاق. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ} لتمنوا أن يفتدوا به بديلا عن أن يدخلوا النار. إذًا أليس الأسلم لك، والأفضل لتعيش سعيداً في هذه الحياة، ومعززاً مكرماً في هذه الحياة، وفي الآخرة الجنة، ولو أدى الموضوع إلى أن تضحي بنصف الأرض هذه، ولو بنصفها هنا وما زلت هنا في الأرض، لو أدى الموضوع إلى أن تضحي بنصف هذه الأرض وهي لك لكنت رابحاً، وكنت مفلحاً.

إذاً هم خاسرون بكل المقاييس، الذين يحاولون أن يتراجعوا عن الجهاد من أجل أشياء معينة، مصلحة لا تساوي شيئا، لا تعتبر نصف مديرية هو فيها، قد لا تعتبر نصف قرية هو فيها، فتكون النتيجة في الأخير أنه يتمنى أن تكون له الأرض ذهباً ـ مثلما جاء في آية أخرى ـ ذهباً، وسيسلمها إذا كان سيقبل الله، أو يقبل زبانية جهنم يأخذونها منه ولا يدخل النار، أليست هنا ستصبح لا شيء عنده، ويتمنى أن يقبلوها منه؟

إذًا معنى ذلك أنك تسارع أن تفدي نفسك هنا في الأرض، وأنت مازلت في هذه الحياة، تفدي نفسك من غضب الله، وسترى الله على ما وعد في كثير من الآيات، ألم يعد بأن الإنسان كلما يقدمه في سبيله سيخلفه عليه؟ الله لا يقبل على الإطلاق أن يكون أحد خاسراً معه نهائيا، حتى لو خسرت روحك سيجعلك حياً وبسرعة، لا يوجد هناك خسارة نهائيا؛ ولهذا يقول: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وبكل ما تعنيه الكلمة في كل المجالات.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} (المائدة:26 ـ37) لاحظ هنا العلاقة فعلا؛ ولذلك نحن نقول أكثر من مرة: بأن القرآن يلامس مشاعر الإنسان، يعني: ناس قاعدين، لا يريدون أن يجاهدوا، وترى عنده مشاعر معينة، يريد أن يقيم فيما لديه من الأرض، وهي ليست شيئا، ويريد أن لا يخرج منها، وفي نفس الوقت لا يبالي أن تكون العاقبة كيفما كانت، أليست هذه كلها تشكل عوائق عند الناس؟ يأتي بكلام يزيح مثل هذا الشعور بحيث أنك تعرف نفسك بأنك خاسر، ستكون خاسراً، وفعلاً عندما يراجع الإنسان نفسه فيرى بأنه قاعد من أجل بيت ومزرعة ودكان وأشياء من هذه، ويريد أن لا أحد يزعجه، يريد إقامة، ولا أحد يزعجه نهائيا، المزعجين سيأتونك، إنما الجهاد لتضرب أولئك المزعجين الذين يريدون أن يقيموا بدلا عنك في أرضك، وفي ممتلكاتك. فعندما يرى نفسه في الأخير بأنه سيصل إلى حالة أن يقيم في عذاب، هذا العذاب شديد يتمنى أنه يملك ما في الأرض ومثله معه ليفدي نفسه به، هذه تعتبر خسارة كبيرة.

أن تأتي الآية على هذا النحو؛ لتنسف عند الإنسان أيَّ مشاعر تشده إلى ماذا؟ إلى قطعة أرض، مزرعة وفيها غرف وأشياء من هذه، ورآها جميلة، أو حديقة معينة، أو دكاكين، أو كيفما كانت، وإن كانت مملكة ليست بشيء، لأن الجهاد مهم جداً، فيأتي بهذه الآية التي فيها أمر مؤكد، ويلفت الانتباه إلى أهمية القضية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ} (المائدة:35) أن تأتي بعد الحديث عن المفسدين في الأرض، ألم يأت بعد الحديث عن المفسدين في الأرض؟ أن الجهاد لا بديل عنه؛ لئلا يكون هناك فساد في الأرض. عندما يكون واحد هنا في الدنيا يريد يخرج لكن ينظر إلى مزرعته وبيته وأموره، وجلس، إذًاً سيأتي له هذه الحالة {يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} أليس في الأخير يقيم، يحاول يخرج من بيته، ثم في الأخير يعجبه يقيم، في النار ستحاول تخرج ولا يتركونك تخرج، {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} بدل يوم كنت تحاول الإقامة ولا تعتبر ذلك مشكلة.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

[الدرس الثاني والعشرون – من دروس رمضان]

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 22/ رمضان 1424هـ

الموافق: 16/11/2003م

اليمن ـ صعدة.

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر