مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران:26) هذه هي تشبه الآيات السابقة التي تذكر الإنسان دائماًً، وتذكر أي فئة من البشر بما فيهم أهل الكتاب بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي له ملك السموات والأرض هو الذي له ما في السموات وما في الأرض، هو الذي يشرع لعباده، هو الذي يهدي فيجب عليهم أن يكونوا مسلمين له، ومسلِّمين لأمره، ويقبلون كل ما جاء من عنده.
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} مع أنه كان بنوا إسرائيل هم ممن آتاهم الله الكتاب والحكم والنبوة، أورثهم الكتاب، وأتاهم ملكاًعظيماً كما في آيات أخرى، الله هو مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، هذه القضية بالنسبة لبني إسرائيل ليأخذوا منها عبرة لأنه ما قد معهم تحجر على الدين بأنه لهم ويجب أن يكون النبوات فيهم، ويجب أن يكون كل شيء فيهم، ويسيروا أيضاً على مزاجهم فلا يلتزموا! الملك هو لله، وهو الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء.

في الموضوع الآخر أيضا ًلها علاقة بما بعدها أن يكون الناس لايرون أنه وضعية معينة الدنيا عليها [هناك دولة كبيرة، وهناك تركيبة معينة في العالم] وكأنه لا يمكن أن يتغير فيدفعهم إلى أن يتولوا أعداءه يجب أن تفهم بأن الله هو مالك الملك يمكن ينزع الملك عن هؤلاء، ويمكن أن يعطي الملك لآخرين فهو الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ولهذا جاء بعدها: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران: من الآية28).
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} (آل عمران: من الآية26) قل هذه ليفهم الناس كلهم بما فيهم بنوا إسرائيل، وكل المؤمنين، فبنوا إسرائيل يعرفون بأن الملك هو لله يجب عليهم أن يسلموا لله فيدينوا بما أنزل عليهم، وعلى الآخرين لأجل لا يحصل لديهم رؤى فيها نوع من التنازلات تدفعهم إلى تولي أعداء الله {قُلِ اللَّهُمَّ} أنت يا الله {مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِيْ الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ} عندما ترى أنت طرفاً معيناً في حالة عزة وقوة ومنعة إفهم أنه {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} مالك الملك، كل ما تعنيه كلمة ملك، ملك السموات والأرض وما فيهما، ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم كله هو ملك الله.

{وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمران:26ـ27) أليس هنا يعمل عملية مزج بين التدبيرين، التدبير في مجال التشريع الهداية الملك العزة الذلة أشياء من هذه، وتدبير شأن العالم بماذا؟ باختلاف الليل والنهار {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}.
أليست هذه حالات متقلبة؟ إذاًً القادر على أن يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويحي الميت ويميت الحي وأشياء من هذه لا يمكن يترك الجانب الآخر مهملاً يعني تدبير إلهي واحد، هذا جاء في آية سابقة في [سورة البقرة] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا .... } (البقرة: من الآية164) إلى آخر الآية، لنفهم جميعاً بأن المسألة يجب أن تفهم بأنه هكذا لا يمكن أن يكون هناك إغفال للجانب الآخر الذي هو جانب النظام في الحياة، جانب الهداية في الحياة جانب التشريع، جانب عزة، وذلة، وإيتاء ملك، ونزع ملك، وأشياء من هذه، هذا تدبير لا ينفصل عن التدبير الآخر، هو مدبر شئون هذا العالم تدبيراً ًتكوينياًً ـ كما يقولون ـ وفق تدبير ماذا؟ تدبير الهداية، تدبير الهداية، والتدبير التكويني.

{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران: من الآية28) أعطاهم صورة عامة عن ماذا؟ عن واقع الحياة فلا يدفعك ملك هناك تراه وكأنه لا يمكن أن يتحطم، ولا عزة هناك أو طرف يبدو وكأنه في حالة منعة، يمكن يأتي يوم من الأيام يذل، ولا رزق هناك فيدفعك إلى أن تتولى بسبب هذه الأشياء، الله هو ينزع الملك ممن يشاء، هو يذل من يشاء، هو يرزق من يشاء بغير حساب. إذاً ماذا بقي هناك من شيء يدفعك إلى أن تتولى طرفاً آخر من هؤلاء؟ التولي قد يكون سببه هذه: لكون ذلك في موقع ملك وعزة ومال أليست هكذا؟ ويشكل منعة، يجب أن تكون متولياً لله الذي بيده هذه الأشياء، فذلك الملك الذي قد يدفعك إلى توليه ستراه في يوم من الأيام يتهاوى، ويؤتي آخرين عزة لطرف، وذلة ترى نفسك فيها أو أنت في حالة ترى نفسك مستضعفاً ستتهاوى تلك العزة.
{وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ} يذل من كانوا أعزاء أمامك ويعز من تراهم أذلاء أمامك {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُوْنَ الْكَافِرِيْنَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُوْنِ الْمُؤْمِنِيْنَ} (آل عمران: من الآية27ـ28) لا يجوز هذا ولا يصح وغلطة كبيرة؛ لأنه قد نسف لك كل الأشياء التي قد تجعلك أن تتولى بسبب أنك تراه أمامك ملك وعزة ومال {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} (آل عمران: من الآية28) القضية خطيرة جداً، يعني كأنه ليس بينه وبين الله أي شيء وما كأنه مؤمن بالله نهائياً {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} لم يعد هناك أوضح من الآية هذه في نفيه تماماً وفصله عن كل شيء فلا إيمان، ولا شيء، ما بقي بينه وبين الله شيء على الإطلاق مثلما قال بالنسبة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (الأنعام: من الآية159).

ألقاها السيد / حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
[الدرس الثاني عشر]من دروس رمضان / ص / 30 .

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر