منذ بداية العدوان كانت صنعاء هدفاً أولياً للأعداء في الاستهداف لها بكل أشكال الاستهداف:
على المستوى العسكري، الاستهداف بالقصف المكثف، الذي استهدف به الأعداء البنية التحتية، والمصالح العامة، والمنشآت الخدمية، واستهدفوا به الأحياء السكنية، واستهدفوا به أيضاً المصالح العامة، والأسواق، والتجمعات البشرية في مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية، واستهدفوا به المساجد، واستهدفوا به المستشفيات، وكانت كثيرٌ من أفظع جرائمهم التي ارتكبوها في هذا البلد، كثيرٌ منها في صنعاء، في الاستهداف الشامل للمواطنين بشكلٍ عام، للكبار والصغار، للأطفال والنساء، للناس في منازلهم، وفي مساجدهم، وفي أسواقهم، وفي مدارسهم، وفي مستشفياتهم… وفي مختلف مجالات حياتهم.
الاستهداف بالقصف بشكلٍ مكثف، وحتى بالأسلحة المحرَّمة دولياً، والاستهداف أيضاً بهدف الاحتلال، الأعداء كان لديهم طمع وطموح بأن يحتلوا صنعاء، وأعلنوا عن هذا، وأعدوا لذلك حملات عسكرية كبيرة، خصصوا من أجل تحركها والدفع بها لتحقيق أهدافهم وأطماعهم الواهمة والسرابية، المليارات من الدولارات، والعتاد العسكري الضخم، والتغطية الجوية المكثفة، وكانت أطماعهم كبيرة تَرَافَق مع الحملات العسكرية حملات شاملة على المستوى الإعلامي، والتضييق الاقتصادي والمعيشي، والحرب النفسية، والحرب الدعائية، وكل ما استطاعوا أن يفعلوه فعلوه من أجل الوصول إلى تحقيق هذا الهدف، في الوصول إلى احتلال العاصمة صنعاء، ولكن كما في الزامل الشعبي، وصلوا إلى قناعة بما في مضمونه عندما قال: (صنعاء بعيدة قولوا له الرياض أقرب)، هذا ما وصلوا إليه، وصلوا إلى اليأس، ودُحِروا، (صنعاء بعيدة)، يوم كانوا يقولون أنهم على مسافة أربعين كيلو من صنعاء، كانوا في الواقع أصعب مما لو كان بينهم وبين صنعاء أربعين ألف كيلو متر، بعيدة جداً جداً جداً؛ لأنها محصَّنة بالاعتماد على الله، والتوكل عليه، والثقة به، محصَّنة بالمؤمنين، الذين ينطلقون من منطلقٍ إيمانيٍ، واثقين بالله، متوكلين عليه، معتمدين عليه، واثقين بنصره، مستندين إلى تأييده، ومعونته، ورعايته، مجاهدين في سبيله، محصَّنة بالوعي العالي، والاستشعار للمسؤولية لدى أبنائها الأعزاء، لدى سكانها وقاطنيها والوافدين إليها من أبناء الوطن الأحرار، الذين يمتلكون من الوعي ما كان مفيداً في إفشال كل مساعي الأعداء لزرع الهزيمة النفسية، ولضرب الروح المعنوية، وما كانوا يسعون له أيضاً من الوصول بالناس إلى حالة الشتات والفرقة.
وكان من مساعي الأعداء أيضاً ومن مخططاتهم ومؤامراتهم على أمانة العاصمة، على عاصمة اليمن، هو إسقاطها من الداخل، مثلما خططوا له في فتنة ديسمبر، والتي سقطت أيضاً بفضل الله “سبحانه وتعالى” وتوفيقه ومعونته لأبناء هذا الشعب، وما منحهم إياه من العزم، والمعنوية العالية، والبصيرة، والوعي الكبير، فسقطت تلك المؤامرات، فعلى المستوى العسكري سعى الأعداء بالقصف المكثف، والاستهداف المستمر، حتى إلى التهجير لأبناء العاصمة.
في المراحل الأخيرة ما قبل إعلان الهدنة، الأشهر الأخيرة ما قبل إعلان الهدنة، كانوا يطلقون حملات دعائية ما قبل عمليات القصف، أنهم سيقصفون شارع كذا، أو في حي كذا، أو في منطقة كذا من العاصمة؛ ليضغطوا على الأهالي بالرحيل والتهجير، كانوا يسعون إلى تهجير أبناء العاصمة، عندما يئسوا من احتلال العاصمة، أو اسقاط العاصمة بكل مؤامراتهم، بكل خططهم، بكل امكاناتهم؛ يئسوا من ذلك، فاتجهوا إلى التضييق على أبناء العاصمة بشكلٍ أكبر، وسعوا إلى تهجير أبناء العاصمة، وإلى التضييق عليهم بشكلٍ أكبر، ولكن فشلوا، فشلوا في كل ذلك.
على المستوى الأمني، كان جزءٌ كبير من المؤامرات في ارتكاب الجرائم المخلة بالأمن، والاستهداف لأبناء هذا الشعب، والتي هي شاملة في كل المحافظات، ولكن هناك جزءٌ كبيرٌ منها استهدف بها الأعداء العاصمة صنعاء، فكان هناك الكثير من المخططات للتفجيرات، تفجيرات في الشوارع، والأحياء، والأسواق، وأماكن التجمعات؛ لاستهداف المواطنين، لم يكفهم الاستهداف لأبناء العاصمة بالقنابل المتنوعة، والصواريخ، ومختلف أنواع الأسلحة العسكرية، وأشكال الاستهداف العسكري، إنما كانوا يحاولون أن يكون إلى جانب ذلك الاستهداف الأمني، والقتل للناس من خلال المتفجرات، والتفجيرات، والأحزمة، والتكفيريين… ومختلف الوسائل، والسيارات المفخخة، والوسائل المتنوعة لاستهداف أبناء العاصمة، وبفضل الله “سبحانه وتعالى”، وبمعونته، وبتأييده، وبتوفيقه لرجال الأمن في وزارة الداخلية، وجهاز الأمن والمخابرات، فشلت الكثير والكثير من مؤامرات الأعداء لاستهداف أبناء العاصمة أمنياً، وكشفت الكثير من المؤامرات والمخططات، البعض منها أُعلِن عن الخلايا التي كُلِّفت من جانب تحالف العدوان بتنفيذ تلك الجرائم، وكشفت تلك المخططات للشعب من خلال وسائل الإعلام الوطنية، والبعض منها لم يعلن عنها؛ لأسباب أمنية كذلك، ففشل الأعداء في هذا الجانب فشلاً كبيراً في الاستهداف الأمني.
حاولوا من خلال التضييق المعيشي والحصار الخانق أن يثيروا الفوضى في العاصمة، يعمل الأعداء من خلال مؤامراتهم واستهدافهم للجانب الاقتصادي على التضييق على مجتمعنا اليمني في مختلف المحافظات، وفي المقدِّمة في العاصمة صنعاء، التضييق على الناس في معيشتهم من خلال الحصار، ألَّا يصل الغاز، وإذا وصل تصل كميات ضئيلة ومحدودة، يكون هناك حتى صعوبة وحساسيات في توزيعها للمجتمع، حاولوا ألَّا يصل البترول من خلال حصارهم الخانق إلَّا بكلفة باهظة، وأسعار مرتفعة جداً، وبكميات ضئيلة، حاولوا أن يضايقوا في وصول مختلف السلع، ألَّا تصل إلا بأسعار باهظة؛ لكي يضايقوا على الناس معيشياً، هكذا يعملون هم، يعملون هم، ضربوا قدرة الدولة في توفير الخدمة المعيشية للشعب بالقدر المطلوب؛ لأنهم سيطروا على ثروات هذا البلد النفطية والغازية، التي كان البلد يعتمد عليها سابقاً كموردٍ اقتصادي لتقديم المرتبات، وتقديم الخدمة لأبناء هذا البلد، واحتلوا المنافذ البرية، ومنعوا بعض الموانئ التي لا تزال في إطار البلد حرةً مستقلة بالحصار، فحاولوا من خلال التضييق المعيشي أن يترافق معه دائماً نشاط للدعاية والتحريض؛ بهدف الدفع بالناس إلى إثارة الفوضى، وأن يتحول الصراع إلى صراع داخلي فوضوي، فوضى، يقوم الناس على بعضهم البعض، يتصارعون فيما بينهم لما فعله أعداؤهم بهم! بدلاً من أن تكون ردة الفعل تجاه العدو، الذي يحاصر، الذي يضايق، الذي ينهب الثروة الوطنية، الذي يمنع وصول السلع الأساسية، والمشتقات النفطية، ووصول الغاز، الذي يرفع أسعار الغاز، الذي يلعب، ويتحكم، ويعرقل، ويعيق، ويحاصر، ويتآمر، ويستهدف العملة الوطنية، أرادوا أن تكون ردة الفعل بشكل فوضى، يرجع الناس المظلومون فيها على بعضهم البعض في حالةٍ من الصراع الداخلي الفوضوي، ولكنهم صدموا بمستوى الوعي لدى مجتمعنا في البلد بشكلٍ عام، وفي صنعاء بدايةً؛ لأن معظم الحملات الدعائية كانت تستهدف العاصمة، معظم حالات التحريض، ومعظم حالات التهييج للفتنة وإثارة الفوضى، كانت عبر وسائل الإعلام تتجه نحو العاصمة من جانب العدو، وأيضاً بعض العناصر المدسوسة، التي لا تزال تتواجد في مختلف أنحاء البلد، وتلعب دوراً تخريبياً كأبواق للدعايات، والتحريض، والتهييج للفتنة، فحاولوا إثارة الفوضى في العاصمة بشكلٍ كبير، ولكنهم صدموا لمستوى الوعي لدى جماهير هذا البلد، ولدى أبناء العاصمة، الوعي العالي، الذي يدرك أنَّ وراء كل هذه المعاناة هو العدو، هو الذي يحاصر، هو الذي يتآمر، هو الذي يقصف، وهو الذي يمنع وصول احتياجات هذا البلد إلَّا بعناء شديد، وبكلفة باهظة، وبأسعار مرتفعة، فشعبنا على درجة عالية من الوعي، يعرف من هو العدو، ومن هو الصديق، لا سيما والأمور واضحة وجلية كالشمس وضوحاً، العدو الذي ابتدأ عدوانه على هذا البلد، الذي قصف، وقتل، ودمَّر، وطغى، وارتكب جرائم القتل بمستوى الإبادة الجماعية، وقتل الأطفال والنساء، ودمَّر المصالح العامة، وهو الذي يحاصر هذا البلد بشكل معلن وواضح ورسمي.
. [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
خلال لقائه بوجهاء وأبناء أمانة العاصمة