إبراهيم الهمداني
اعتمدتْ قوى الاستعمار الحديثِ على سياسةِ "فرِّقْ تَسُدْ"؛ مِن أجلِ تثبيتِ معادلةِ السيطرةِ والاستباحةِ بحقِّ الشعوبِ المستعمَرةِ، ولم يكنْ حلفُها المستعمِرُ - الذي انتدبتهُم للقضاءِ على إخوانِهم - بمنأىً عن بطشِه ومشروعِه الإجراميِّ، ولم يشفعْ لهم عندَهُ تمكينُه من إخوانِهم وأوطانهم، ولم يكنْ ما منحَهم من الأمان، سوى مُخدِّرٍ موضعيٍّ مؤقتٍ، إلى أن يحينَ الوقتُ لابتلاعِهم والقضاءِ عليهم، بعدَ أن يفقدوا القوةَ والسندَ.
ولذلكَ دفعتِ الشعوبُ ثمنًا باهظًا، لغفلتِها واستسلامها للخديعةِ المفضوحةِ.
غيرَ الغريبِ في الأمرِ، أنَّ عربَ اليومِ لم يستفيدوا من دروسِ التاريخِ القريبِ، ولم يحذروا مكرَ وخبثَ المستعمِرِ الجديدِ "الكيانِ الإسرائيليِّ"، رغمَ أنه عدوٌّ واضحُ العداوةِ، بيِّنُ الإجرام، معروفُ الأطماع، مشهورُ التوحشِ.
ورغمَ كُـلّ ذلكَ، استطاع هذا الكيانُ الغاصبُ ورعاتُه في الغربِ، خداعَ معظمِ الأنظمة العربيةِ، بمُسمَّى "البيتِ الإبراهيميِّ"، وأنَّ مَن دخلَهُ كانَ آمنًا، وإقناعَها بأنَّ التطبيعَ معهُ، هو سبيلُ الفوزِ والنجاةِ، مُشيدًا بمَن سمَّاهم "حلفاءَ إسرائيل"، من أنظمة التطبيعِ والنفاقِ، ومؤكّـدًا أنَّ أعداء "إسرائيل"، هم أُولئك الذينَ رفضوا التطبيعَ، وعابوا على المطبعينَ تطبيعَهم.
أسقطتْ عمليةُ السابعِ من أُكتوبر 2023م، أقنعةَ "البيتِ الإبراهيميِّ" الشيطانيِّ، وأوهامَ السلامِ والتعايشِ المزعومِ، مع ذلكَ الكيانِ "الإسرائيليِّ" الإجراميِّ المتوحشِ، حَيثُ شهدَ الثامنُ من أُكتوبر، أكبر تظاهرةٍ إجراميةٍ إمبرياليةٍ، حينَ تقاطرَ طواغيتُ الكفرِ، وفراعنةُ العصرِ، أمريكا وأُورُوبا وأستراليا، إلى الأراضي الفلسطينيةِ المحتلّةِ، مُعلنينَ دعمَهم وإسنادَهم وشراكتَهم الفعليةَ، وإبادة ومحوِ قطاعِ غزةَ من الخارطةِ، أرضًا وإنسانا.
وأعلن المجرمُ "نتنياهو" المتحدثُ باسمِ التحالفِ الإجراميِّ العالميِّ، عن مشروعِ الشرقِ الأوسط الجديدِ، وإعادة رسمِ خارطةِ المنطقةِ، وقيامِ "مملكةِ إسرائيل الكبرى"، الممتدةِ من الفراتِ إلى النيلِ، لتبتلعَ أراضي ثماني دولٍ عربيةٍ دفعةً واحدةً، مُعلنًا للحليفِ قبلَ الصديقِ، أنَّ أنظمة التطبيعِ والعمالةِ، تتصدرُ قائمةَ الاستهداف، ولن يشفعَ لها انخراطها في التطبيعِ والتآمرِ، لتصفيةِ قضيةِ فلسطينَ، قضيةِ المسلمينَ الأولى، والتواطؤِ والشراكةِ في إبادة أهالي غزةَ حصارًا وتجويعًا، والضغطِ على مجاهديها ومفاوضيها سياسيًّا، للقبولِ بالاستسلام على شروطِ الكيانِ الإسرائيليِّ المهزومِ المأزومِ.
سبقَ وأنْ حذَّرَ السيدُ القائدُ - يحفظُهُ اللهُ - الحكامَ والأنظمة، من معادلةِ الاستباحةِ السياسيةِ، التي فرضَها الكيانُ الغاصبُ، تحتَ مُسمَّى "التطبيعِ" واتّفاقياتِ السلامِ، واتّفاقياتِ الأمنِ والدفاعِ المشتركِ، كما حذَّرَ الشعوبَ الغربيةَ والإسلاميةَ، من مخاطرِ معادلةِ الاستباحةِ الفكريةِ والنفسيةِ، التي كرَّستْها الأنظمة العميلةُ، في أوساط الشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ، عبرَ خطاباتِ اليأسِ والإحباط من المواجهةِ، وتكريسِ الهزيمةِ والخضوعِ والاستسلام المسبقِ، أمامَ عدوٍّ لا يُقهرُ، بما يؤكّـد عبثيةَ الصراعِ؛ مِن أجلِ قضيةٍ خاسرةٍ، وُصُـولًا إلى تجريمِ فصائلِ الجهادِ والمقاومةِ الفلسطينيةِ، واتّهامها باستجلابِ الشقاءِ والدمارِ والموتِ لنفسِها ومَن حولَها.



.jpg)
.jpg)


