{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (البقرة: من الآية255) تتكرر كثيراً العبارات هذه في القرآن الكريم: بأن الله سبحانه وتعالى هو الإله الذي لا إله إلا هو الذي يأله إليه الناس وهو الحي القيوم كما قال في آية الكرسي {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} (البقرة: من الآية255) هو قيوم السموات والأرض، هو الحي الذي لا يموت ، والقيوم بشئون عباده ، القيوم بتدبير شئون السموات والأرض وما فيهما وما بينهما{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} (آل عمران: من الآية3) هذا مظهر من مظاهر قيوميته أن ينـزل منهجاً، وينـزل كتاباً فيه هدى للناس ، فيه تشريع للناس بالحق ، لأنه الإله لأنه إله الناس ، لأنه الحي القيوم ، هو الملك فنـزل عليك الكتاب .
يأتي الحديث في موضوع تنـزيل الكتاب بعد آيات كثيرة أحياناً بعد {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (فصلت:2) وأحياناً بعد آيات كهذه ، بعد حي قيوم، وكثيراً تجد بأنه من منطلق أنه رحيم، أنه رحمن رحيم ينـزل هذا الكتاب ، نزّل هذا الكتاب لأنه الإله والحي القيوم، نزل هذا الكتاب ، الكتاب هذا له أهمية يعتبر مظهراً من مظاهر رحمته ، هذه الهداية ، هذا التشريع ، إنزال الكتاب بما فيه من هدى وتشريع للناس مظهر من مظاهر رحمته، مما تقتضيه حكمته ، مما يعتبر مظهراً من مظاهر قيوميته ، مما يعتبر ممارسة ـ إن صحت العبارة ـ أو تدبيراً من تدبيره لشئون خلقه باعتباره ملكهم ، وإلههم ، وهكذا ، فتنزيله بالحق ، ونزل بالحق كما قال في آية أخرى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (الاسراء: من الآية105) .
{مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ} (آل عمران: من الآية3،4) إنزاله لهذا الكتاب هو في إطار السنة الإلهية التي هي ماذا؟ تقتضيها قيوميته سبحانه وتعالى إنه الإله الحي القيوم فنـزل من قبل التوراة، والإنجيل، وكتباً أخرى، وبعث من قبلك رسلاً آخرين. فليس بقضية جديدة أن يقول الناس [لماذا نحن يبدو أن هناك التزامات معينة وتشريع معين] وكأنه ليس هناك شيء من قبل!. لا، هذه سنة الله من أول ما أنزل آدم إلى الجنة وقال له أن يسكن هو وزوجته فيها يأتي توجيهات من لديه يعلمه ويعلم الناس جميعاً من بعده، بنيه، لأن الإنسان لا يترك في هذه الدنيا دون أن يكون هناك توجيه من الله هدى من الله تشريع من الله سبحانه وتعالى.
{وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ}(آل عمران: من الآية3،4) ما يعتبر فرقان بين الحق والباطل يشمل القرآن الكريم ، وفي آيات أخرى سمى التوراة فرقانا {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (آل عمران: من الآية4) لأنه نزله بالحق هدى للناس وفرقاناً بين الحق والباطل ، فمن يكفر بآيات الله التي جعلها على هذا النحو ، وهي كل آياته سبحانه وتعالى فهناك وعيد{لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} وكلمة عذاب شديد عندما تطلق تشمل العذاب الذي يأتي في الدنيا وفي الآخرة {وَاللَّهُ عَزِيزٌ }لا أحد يستطيع أن يمنع نفسه منه، لا يمكن أن يلتجئ إلى طرف آخر يمثل منعة له من الله أبداً، يستطيع أن يعذب من يكفر بآياته ، من يرفض آياته ، من يعارضها ، من يخالفها {ذُو انْتِقَامٍ}هو دائماً ينتقم، أي هو رحمن رحيم رؤوف رحيم لكنه شديد العقاب {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (الحجر:49 ـ50) {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} (غافر: من الآية3) أليست هكذا؟ .
قال سبحانه وتعالى عن نفسه:{إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} (آل عمران:5) ليكن كل إنسان ـ عندما يكون كافراً بآيات الله ، عندما ينطلق في أعماله مخالفاً لهدى الله سبحانه وتعالى ـ،فاهماً أنه لا يخفى على الله شيء من عمله ، إضافة إلى أنه لا يخفى عليه شيء مما له علاقة ، وتقريباً كل شيء له علاقة بهداه الذي تضمنته آياته، والذي جاء به رسله؛ لأنه عندما يشرع سبحانه وتعالى لا يشرع شيئاً وهو ناسي بأنه ربما التشريع هذا هناك في واقع الحياة ما يمكن أن يحول بينه وبين أن يمشي كسنن ثابتة هو شرع سبحانه وتعالى ، هو الذي هدى ، هو الذي نزل الكتاب ، وهو الذي خلق الأرض ، وخلق السموات ، وخلق الإنسان ، ورسم قوانين ، وفطر الإنسان على الفطرة التي هو عليها ، ورسم قوانين هذا الكون على ما هي عليه .
فعندما يأمر الناس أن يكونوا أنصاراً له، أليس الأمر جاء قبل ألف وأربعمائة سنة قبل أن يكون هناك أمريكا؟ فعندما يقول: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج: من الآية40) هو لا يخفى عليه بأنه سيأتي بعد أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، فوعده وعده.
{إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (آل عمران:5 ـ6) كما قال في آية أخرى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14).
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ} هو الذي خلقكم، هو الذي يعلم بكل شيء، فعندما ينزل الكتاب، إنزال كتابه، ما في كتابه من هدى، ما وجه الناس إليه، هو من منطلق أنه يعلم، يعلم كيف يهدي، يعلم كيف يرشد، ويعلم الوسائل التي تجعل لهذا الإرشاد أثره، يعلم الطرق التي يقوم بها دينه وهداه، يعلم كل ما يمكن أن يحدث في هذه الأرض.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس الثاني عشر – من دروس رمضان]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 12 رمضان 1424هـ
الموافق: 6 /11/2003م
اليمن ـ صعدة.