مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

ومما يؤكد لنا أهمية المعرفة والتفهم لمعنى أنه تعالي رحيم بنا أن الله سبحانه وتعالى صدّر سور كتابه الكريم بآية

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وهي آية من أعظم الآيات وأهمها، لها دلالتها المهمة جداً جداً، على أن كل هداية منه تعالى، وكل تشريع منه، وكل توجيه داخل هذا القرآن الكريم هو من منطلق رحمته، يقوم على أساس رحمته، ويسير بنا في أجواء رحمته، وينتهي بنا إلى مستقر رحمته.

ثم تجد داخل السور نفسها أنه تكرر كثيرا ذكر الرحمن الرحيم مجتمعة أو متفرقة مثل {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (فصلت:2) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة:2-3) وهكذا تتكرر.

لو نأتي إلى هذا الاسم الإلهي: {الرَّحِيمِ} ونتأمل مظاهر رحمته فينا لكفتنا هذه، فضلا عن اسمه {عَلِيمٌ وحَكِيمٌ وخَبِيرٌ وسَمِيعٌ وبَصِيرٌ وقَدِيرٌ} إلى آخر أسمائه الحسنى، إسمه العظيم {رَّحِيمِ} وحده لو نأتي لنتأمل معناه ونتلمّس مظاهره في حياتنا كلها، وفي تشريعه لنا لوجدنا أنفسنا، لوجدنا أنفسنا في حالة سيئة من الكفران بالله، من الظلم لأنفسنا، وسنرى أنفسنا كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(إبراهيم: من الآية34).

وعندما يذكِّرنا بنعمه في القرآن الكريم فهو كذلك لننظر إليها من منظار أنها مظهر من مظاهر رحمته بنا أيضاً ألم يتكرر آيات كثيرة تذكيره تعالى بنعمه علينا؟. ألم تتكرر آيات كثيرة يقول لنا فيها {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}(النحل53) {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(لقمان: من الآية20) {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}(إبراهيم: من الآية34) فكون الأشياء كلها بالنسبة لنا نعمة منه أليس ذلك يعني أنها مظهر من مظاهر رحمته بنا؟. أليس ذالك يعني أنه رحيم سبحانه وتعالى بنا؟.

ثم نأتي إلى بقية الأسماء الحسنى التي أثنى الله سبحانه وتعالى بها على نفسه في هذه الآية؛ لننظر إليه سبحانه وتعالى نظرةَ مَن نفسُه ممتلئة بالشعور بعظمة الله: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ القدوس} (الحشر: من الآية23) يكرر نفس العبارة الأولى {هُوَ اللَّهُ } ولهذا التكرير أثره الهام في خلق التفاتة لدى الإنسان ليتوجه بانقطاع إلى الله، ثم أنظر كيف جاء بعدها جملة من أسمائه تعالى من أول الآية تستشعر عظمة الله، الذي قال {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} لتتذكر دائما من هو، كلما ذُكر اسمه أو تليت عليك آياته أنه {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (23) أنه {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} أنه الذي {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} أنه الذي {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (24) ثم تأمل كيف جاءت هذه الأسماء كلها بـ(ال)

التي تفيد الاختصاص فقوله تعالى {الملك} يعنى أنه هو وحده من له ملك السماوات والأرض وما فيهما إذاً فهو هو وحده من له حق التصرف فينا، هو وحده من يجب أن نرغب إليه، ونخاف منه.

ثم تجد مُلكَه سبحانه وتعالى ليس كمُلكِ الآخرين من البشر مُلْك تسلط، مُلك جبروت، ملك طغيان، أوامر جافة، ونواهي جافة، لا تكريم فيها ولا كرامة معها.

أما الله عز وجْل فإن ملكه ملك رحمة وهداية ملك تكريم ورعاية كله قائم من منطلق أن رب العالمين، وهو الرحمن الرحيم بهم، نفس المعنى الذي جاء في أول سورة الفاتحة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة:1-3) هو الذي ربوبيته تقوم على أساس رحمته، ربوبيته لعباده مظهر من مظاهر مُلكه، وتدبير من تدبير شؤون عباده الذين هو مَلِكُهم.

{الْقُدُّوسُ} المُن‍َزَّه المُعَظّم، فأنت عندما تكون منقطعاً إليه، ملتجئاً إليه تجهر بأنه ربك، وأنه ملكك، وأنه إلهك، وأنه وليّك، فإنه هو من هو فخرٌ لك أن يكون إلهك، هو (قدُّوس)، هو منزّه، هو طاهر، هو معظّم، أنت لم تلجئ نفسك إلى طرف تستحي إذا ما أحد عرف أنه وليك أو أنه قدوتك أو أنه رئيسك أو أنه ملكك فتخزى، أما الله فإنه من يشرفك أنه إلهك أنه ربك وملكك، من تتشرف بأنك عبدٌ له.

ولهذه القضية أهميتها في السمو بالنفس حتى على مستوى القدوات من البشر، ألم نقل في مقام آخر أن من الفخر لنا، أن قدواتنا من أهل البيت، ليسوا من أولئك الملطخين بعار المخالفة للرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) الملطخين بالأخطاء والمساوئ، والمواقف السيئة، فنحن نتعب أنفسنا في الدفاع عنهم وفي تَنْمِيق مظهرهم.

قدواتنا من أهل البيت هم من أولئك المنزهين المطهرين الكاملين في أنفسهم بإكمال الله لهم، ممن يشرفنا أن نقتدي بهم. فأنت لا تخجل إذا ما قلت أن وليّك علي بن أبي طالب عليه السلام عد إلى علي عليه السلام تعرّف على الإمام علي عليه السلام تجد أنه بالشكل الذي يشرفك، بالشكل الذي يجعلك تفتخر بأنه إمامك، بأنك تتولاه.

ولكن انظر إلى الآخرين كيف يتعبون أنفسهم وهم دائماً يدافعون عمن يتولونهم، يحرفون معاني القرآن من أجلهم، يحرفون معاني كلام الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) من أجلهم. يعملون على أن يحولوا سيئاتهم إلى حسنات، يعملون على أن يقدموهم للأمة كأعلام. ولكن يكفينا شهادة على أنهم ليسوا ممن يمكن أن نفخر بهم إذا ما انتمينا إليهم أننا نجدكم أنتم تتعبون أنفسكم وأنتم تغطّون على خطيئاتهم، وعلى قصورهم ونقصهم.

الله سبحانه وتعالى {الْقُدُّوسُ} هو الذي تفتخر بعبوديتك له، وتفخر بقربك منه. أليس هناك في هذه الدنيا من يفخر بأنه مقرب من الرئيس أو مقرب من الملك ؟. ويرى لنفسه مكانة عظيمة يتطاول بها علينا، أنه شخص له كلمته عند الرئيس أو عند الملك أو عند رئيس الوزراء أو عند الشيخ فلان، أليس هذا هو ما نراه ؟. ومن هم هؤلاء ؟. من هم هؤلاء ؟. البشر الضعاف القاصرون الناقصون المساكين.

فإذا كنا نجد من يفخر بقربه منهم، من يفخر بتوليه لهم، من يفخر بطاعته لهم، فلماذا نحن لا نفخر على الآخرين بأننا نعمل لنكون مقربين إلى الله؟!. أن نبحث عن كيف نحصل على ما فيه مجد لنا، وعزة لنا، وفخر لنا هو أن نقرب من الله، وأن نعزِّز علاقتنا به، وأن نرسخ تولينا له؛ لأنه {الْقُدُّوسُ}.

{السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} سلام لأوليائه، مؤمن لأوليائه، فكن من أوليائه ليرعاك ويحيطك بالسلامة بالأمن من الضلال، من الذل في هذه الدنيا، وهو من سيوصلك إلى دار السلام في الآخرة، ألم يصف جنـته بأنها دار السلام في الآخرة ؟.

{الْمُهَيْمِنُ} هو المهيمن على كل شيء، فكيف تخاف، وكيف ترهب ممن هم تحت هيمنته!!. إذا كان رئيس أمريكا هو من يهيمن على بقية الزعماء، وهو مَن هو؟ أليس هو مَن الله مهيمن عليه؟. فما هو إلا ذرة من ذرات هذا الكون الذي يهيمن الله عليه، فانظر كيف نـتعامل نحن: نخاف من شخص هناك وهو مهيمن عليه شخص آخر، وهذا الشخص الآخر هو مهيمن عليه شخص آخر، وهذا الكبير في الأخير هناك من هو مهيمن عليه وهو الله الواحد القهار، الذي يقول لنا في كتابه {هُوَ اللَّهُ}.

عبارة (هو) هي تناجيك في كل لحظة وأنت تبحث عن أن تـنصرف بذهنك إلى هذه الجهة أو إلى هذه الجهة، تقول لك: {هُوَ} وحده {اللَّهُ}.

بالإمكان إذا كنت تبحث عن السلام، أ وتبحث عن الأمن، كما هو حال العرب الآن في صراعهم مع أعداء الإسلام والمسلمين يبحثون عن السلام، ويـبحثون عن الأمن، فلم يجدوا سلاما ولم يجدوا أمناً وإنما وجدوا ذلاً وقهراً وإهانة، ودوساً بالأقدام. لماذا لا تعودون إلى الله وهو الذي سيمنحكم السلام. أليست إسرائيل هي في موقع سلام بالنسبة للفلسطينيين؛ لأنها مهيمنة عليهم ؟. هل هي التي تخافهم أم هم الذين يخافونها ؟.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

معرفة الله – عظمة الله – الد رس السابع.

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 25/1/2002م

اليمن – صعدة.

 

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر