عبد الكريم الوشلي
يضطلعُ بها في بلد كبلدنا، الذي يواجه ظروفَ عدوان وحصار وتحدياتٍ قَلَّ أن واجهها بلد منذ عشر سنوات، إلا أن السيدَ القائد العَلَمَ عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، فوق ذلك كله، يحملُ هَـمَّ أمتنا وقضاياها ومآسيها، وفي القلب منها، وفي صدارتها، قضية فلسطين ومصاب الأُمَّــة المفجِع الكبير الناتج عن حرب الإبادة والتجويع الأمريكية-الصهيونية على قطاع غزة.
ومنذ عامين، يطلُّ أسبوعيًّا في كُـلِّ خميس ليواكبَ يومياتِ هذا العدوان وإبادته الفظيعة المُستمرّة، مذكّرًا ومُوَعِّيًا ومبلِّغًا ومستنهضًا للشعور والضمير على أوسع النطاقات والأبعاد.
يخاطبُ الأُمَّــةَ، التي رغم هَول الأحداث والمستوى العالي لخطورتها، ما لبثت بأنظمتِها ونُخبِها وشعوبها في غفلةٍ وغفوة وسلبية مروِّعة، ويقارنُ بين حالها هذا وما يحدُثُ في العوالم الأُخرى الأقل ارتباطًا واتصالًا موضوعيًّا بما يجري، خُصُوصًا الشعوب.
يتابع ويرُصدُ الحدثَ اليومي بأدق تفاصيله في غزة وتداعياته في سائر منطقتنا، ويضع برسم وعي الأُمَّــة وضميرها، بل الضمير الإنساني كله، الدلالاتِ والمضامينَ والمؤشرات والعظات والعِبَر والاستدعاءات والمقتضيات لكُلِّ ذلك.
ورغم الحزن النبيل الذي لا يخفى في ملامح وجهه ونبرة حديثه، والمتولد من عِظم المأساة وحرارة استشعاره لأحوال الأُمَّــة المكبلة بكل ما يُسيء تعاطيها مع فجائعية هذه المأساة الكبرى، والأعداء الضالعين فيها، والأخطار المحدقة بها عُمُـومًا، وبكل ما يوفر لأعدائها أسنحَ الفرص للنيل منها وإضعافها وتمزيق صفوفها ونسيجها، وتشويش رؤيتها، وإيقاعها في لُبوسِ الاشتباه والخلط بين أعدائها ومَن هم في صفها وإلى جانبها ويتحَرّكون في صالحها ونفعها.
رغم كُـلّ ذلك ومعه، لا يمل القائد في كُـلّ إطلالة وفي كُـلّ خطاب، ولا يكِل ولا يَسأم من سرد الحقائق وشرح الوقائع وتوضيحها، والحرص على إخراج الأُمَّــة الغارقة في حالٍ مروّعَةٍ من النكوص واللامبالاة، رغم وقوعها في قلب الأخطار المتعاظمة ومخطّطات ومشاريع الأعداء المدمِّـرة والمهدِّدة باستئصالها من الوجود، إخراجِها مما هي فيه.
بل يستميت جاهدًا في عمل كُـلّ ما من شأنه سَدُّ الفجوة المعرفية لدى أبنائها، والتي يستغلُّها الأعداء أسوأَ استغلال، ولا يخفون شماتتَهم وسرورَهم بهذه الحال، التي جعلت أُمَّـةَ (اقرأ) أُمَّـةً جاهلة لا تقرأ! ويتندَّرُ أُولئك الأعداءُ بسخرية وانشراح، كما يقول بعضُ قادة الصهاينة: «العربُ لا يقرأون وَإذَا قرأوا لا يفهمون!».
ولا يجدُ هذا القائد الصادق المخلص، إزاء هذا الحال، بأسًا في التخصيص من وقته الثمين للتتبع المعرفي والقرائي، الذي يضع شعوب الأُمَّــة على بعض من شواهد خطر أعدائها ذات البُعد الثقافي والعقائدي، كاقتباساته مِمَّا يُعد لدى أعدائنا اليهود الصهاينة "كتبًا مقدَّسة كالعهد القديم (التوراة) والتلمود"، وغيرها المحشوَّة بالخرافات والأساطير التي كذب بها أُولئك المجرمون على الله ورُسُلِه، بينما هي شحناتٌ شيطانية من الزيف، المحرِّض على القتل والإبادة والاستهداف بكل الشرور والجرائم والآثام لكل الأغيار، في نظرِ هؤلاء المرضى الغوغائيين السفَّاحين والدمويين؛ أي إنه، يحفظه الله، يقومُ بالمهامِّ المفترَضُ أنها داخلةٌ في صميم واجبات شعوب هذه الأُمَّــة، وخُصُوصًا نُخَبَها الثقافيةَ والإعلامية والتبليغية والدينية وغيرها.
حفظه الله وأدامَه ذُخرًا لشعبنا وأمتنا ومجاهديها ومقاوميها الصادقين الشرفاء، ولهذه المسيرة المباركة، ولمشروعها القرآني التحرُّري الميمون الواعد، والظافر بإذن الله، وظِلًّا لأحرارِ الإنسانية الذائدين عن المظلومين والمستضعَفين.