لا يمكن أن نقبل على الإطلاق بما يريدونه هم، يمناً محتلاً، يأتي الأمريكي، والبريطاني، والإماراتي، والسعودي، ليضع فيه قواعده العسكرية أينما يريد، أينما يختار، في أهم المواقع الاستراتيجية، ويتحكم بالوضع السياسي فيه، من مستوى رئيس إلى مدير عام، ويتحكم بكل شيء في هذا البلد، وينهب ثرواته، هذا لا يمكن أن نقبل به أبداً.
ألم تفضحهم تلك المحافظات التي لم يكن فيها جبهات؟ ألم يفتضحوا بحضرموت؟ ألم يفتضحوا في المهرة؟ ألم يفتضحوا في سقطرى؟ ذهبوا إلى هناك، وجعلوا لهم قواعد عسكرية، مع أنه ليس هناك أي جبهات، واضح أنهم يريدون الاحتلال، يريدون السيطرة، ويريدون التحكم بكل شيء في هذا البلد، وبنزعة عدائية وإجرامية، وبدون أي ذرة من الاحترام لأبناء هذا الشعب، هل هم يحترمون حتى مرتزقتهم الخونة الذين خانوا وطنهم، هل هم يحترمونهم؟ البعض يذهب ليرهن زوجته وأسرته عند الإماراتي، يجعلهم رهائن؛ ليخضع لهم، ليثبت صدق خنوعه لهم، عندما يريدون أن يحبسوا حتى من هو بصفة رئيس، أو وزير، يهينونهم، يذلونهم، لا يحملون أي ذرة من الاحترام لأبناء هذا الشعب، هذا التحدي هو الذي يمثل مشكلةً بيننا وبينهم.
- ثم على مستوى الموقف الخارجي: هم يريدون منا أن نتوجه توجهاتهم: أن نطبِّع مع إسرائيل، أن نعادي الشعب الفلسطيني، أن نعادي أحرار أمتنا، أن نعادي الجمهورية الإسلامية في إيران لغير أي سبب، لا حاربتنا، ولا اعتدت علينا، ولا فعلت بنا أي شيء، بل أعلنت موقفاً متميزاً عن كل الدول في التضامن مع شعبنا، في مناصرة شعبنا، هكذا أن نعادي؛ لأنهم يكرهون إيران؛ لأن إسرائيل وأمريكا تريد منهم ذلك، أن نعادي حزب الله، الذي وقف أشرف موقف في الوطن العربي معنا، أن نعادي أحرار العراق، ماذا فعلوا بنا حتى نعاديهم؟ هل هم الذين قصفونا بالطائرات في أسواقنا، وقتلوا الآلاف من أطفالنا ونسائنا، أم أنه تحالف العدوان الذي فعل ذلك؟ فالمشكلة معنا في هذين الأمرين.
على المستوى الوطني: نحن نصرُّ على التحرر، والاستقلال، والكرامة، والعزة لبلدنا؛ لأن هذا جزءٌ من ديننا، نحن قلنا مراراً وتكراراً: حريتنا جزءٌ أساسيٌ في ديننا، بل هي أول عنوان لديننا: حريتنا من هيمنة الطواغيت والظالمين والمستكبرين.
على المستوى الإسلامي: نحن لن نعادي أي بلد إسلامي من أجل من أمريكا وإسرائيل، لن نعادي أي بلد إسلامي من أجل أمريكا وإسرائيل، لو فعل عملاؤهم ما فعلوا، لو قالوا ما قالوا، موقفنا مبدئي وواضح، وموقف عام تجاه أي بلد إسلامي، ليس فقط الجمهورية الإسلامية في إيران، أي بلد إسلامي، لسنا كالسعودي، ولسنا كالإماراتي، لسنا كآل خليفة في البحرين، نكون قد وطَّنا أنفسنا أن نتلقى التوجيهات من أمريكا: [عادوا أولئك، اقطعوا العلاقات مع أولئك، اتخذوا موقفاً ضد أولئك]، اتخذوا مواقف حتى ضد الفلسطينيين، صنَّفوا الحركات المجاهدة في فلسطين صنَّفوها بالإرهاب، كلٌّ من الإماراتي والسعودي وآل خليفة في البحرين، لماذا؟ وهي تتصدى لإسرائيل، المحتل لفلسطين بإجماع أهل الدنيا، فقالوا: [أنتم إرهابيون]، وسجنوا من حركة حماس في سجونهم بهذه التهمة، في الموقف من إسرائيل، باطل الباطل الواضح المكشوف، نحن على بصيرةٍ من أمرنا، وبيِّنةٍ في موقفنا، لسنا في موقفٍ ملتبس نتردد فيه، أو نضطرب.
ولــــذلك هذا الأساس في مشكلتهم معنا يجب عليهم أن يتجاوزوه هم، طالما وهم يستكثرون على شعبنا الحصول على المرتبات، الحصول على حقوقه المشروعة، وصول البضائع إليه، هذه مشكلة كبيرة بيننا وبينهم، يعني: هي أمور لا يمكن أن نتنازل عنها، لا يمكن أن نتنازل عنها، ليس المقام مقام مناورات سياسية، البعض قد يتصور أننا لا نمتلك المرونة السياسية، هل يمكن أن يكون في إطار المناورة السياسية، والمرونة السياسية، أن نقبل باحتلال بلدنا، أن نقبل بإخضاع هذا البلد وهذا الشعب العزيز الحر المؤمن تحت الهيمنة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والغربية والسعودية والإماراتية؟!
الحرية أمر لا يمكن أن ندخله في مزاد المساومة، الكرامة والعزة أمر لا يمكن أن ندخله في مزاد المساومة، ولا وجود له عندنا نحن في قاموسنا السياسي؛ لأنه قاموس مبدئي، مبني على مبادئ، مبني على قيم، مبني على أساسٍ من ثقافتنا القرآنية.
ثم على المستوى الاقتصادي: هل يمكن أن نقبل بأن يذلوا شعبنا، وأن يصل ظلمهم لشعبنا إلى درجة أن يمنعوا عنه حتى الاحتياجات الضرورية من وصولها إليه؟! حتى في القانون الدولي، الذي هو لهم بمثابة القرآن عندنا، لم يعملوا به هم، يمنعون عن هذا البلد وعن هذا الشعب العزيز وصول ما يستحق وصوله، وما هو مكفولٌ له كحق في أن يصل إليه من تلك الأشياء الضرورية.
هذه المشكلة هي التي تدور عليها الآن رحى الصراع بيننا وبينهم، يعني: لا زالت الأمور تُرَاوِحُ مكانها هنا، لماذا؟ لأن الأمريكي- وهو أصل المشكلة، هو أصل المشكلة الأمريكي- هو مستفيدٌ من الحرب، وهو لا يريد إلَّا سلاماً يستفيد منه، والسلام الذي يستفيد منه الأمريكي هو استسلام بالنسبة لنا، هو سيطرة على البلد، واستباحة لثروة الشعب، وإهانة وإذلال ومصادرة للحرية والاستقلال، هذا لا يمكن أن نقبل به، عليهم أن يراجعوا هم سياساتهم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
في الذكرى السنوية للشهيد 1444هـ