ثم يأتي في الآية المباركة بعد ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 20-23].
هذه الآية المباركة (الثلاث الآيات المباركات) هي ركزت على موضوع مهم جدًّا، وجدنا مثلاً فيما سبق كثيراً من التوجيهات المهمة والأوامر المهمة من الله -سبحانه وتعالى- من أول السورة، في أول آيةٍ منها ثلاثة أوامر: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[الأنفال: من الآية1]، ثم تأتي البعض من الأوامر المهمة، والنواهي والتحذيرات المهمة، التوجيهات من الله -سبحانه وتعالى- هي توجيهات من منطلق رحمته وحكمته، وهو ربنا العظيم، ومن منطلق علمه بما هو الخير لنا، وكلها مهمة، ولها نتائج مهمة في واقع الحياة، ويترتب على الالتزام بها النتائج الإيجابية، من مثل هذه: المعونة من الله والتأييد من الله -سبحانه وتعالى-، وأكبر خلل، وأخطر خلل هو الخلل في الالتزام بمدى الطاعة العملية تجاه التوجيهات الإلهية، التوجيهات تأتي، والأوامر من الله -سبحانه وتعالى- نسمعها، ولكن المهم هو الالتزام، هو العمل، هو الطاعة، هو التنفيذ، والخلل يكون هنا عادةً، الخلل هو في الالتزام العملي، وفي الطاعة، وفي التنفيذ، وفي الاستجابة العملية، وحينها لا نستفيد من تلك التوجيهات الإلهية، ونخسر في نهاية المطاف يفوتنا أشياء مهمة جدًّا، بل يترتب على ذلك نتائج سيئة علينا في واقعنا في هذه الحياة؛ أما في الآخرة فالمعصية لله، والمخالفة لتوجيهاته وتعليماته وأوامره هي جهنم، النتيجة هي جهنم والعياذ بالله.
فالطاعة هي المسألة المهمة والأساسية، والمعيار المهم لمصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، أن يكون مطيعاً فينفذ التوجيهات، فيلتزم بالتعليمات، فيطيع الله في تلك الأوامر، ويلتزم بها على الواقع العملي، هذا الالتزام العملي هو الميزة الصحيحة والصادقة والمهمة للإنسان المؤمن حقاً، وقد تقدم في قوله -جلَّ شأنه-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: من الآية2]، والنتيجة لهذا كله هي ماذا؟ الالتزام؛ حتى لو كان مقصراً في شيءٍ معين فذكر يتذكر؛ فيتلافى تقصيره، حتى لو كان قد خالف في مسألة معينة، أو في توجيهات معينة، عندما يذكر يتذكر؛ فيرجع، وينزجر، ويتقي الله -سبحانه وتعالى-.
قد تكون الأشياء التي تؤثر على الإنسان فلا يطيع، فلا يلتزم عملياً: إما رغبات وأهواء وأطماع، وإما شهوات، وإما غضب وانفعال وكبر وغرور، وإما مخاوف معينة، مثل هذه المؤثرات التي تؤثر على الكثير من الناس، بحسب طبائعهم وتوجهاتهم واهتماماتهم في هذه الحياة، ولكن الشيء المهم الذي يؤكد عليه القرآن الكريم هو: أن الطاعة معيار لمصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، قد يأتي الكثير ليقول عن نفسه أنه مؤمن، وأنه مجاهد، وأنه من أنصار الله -سبحانه وتعالى-، وأنه من زمرة المؤمنين، ولكنه في سلوكياته، أو في مواقفه، أو في التزامه العملي، بعيدٌ عن ذلك، بعيدٌ في التزامه العملي، يصدر منه تصرفات ومخالفات يخالف بها التوجيهات من الله -سبحانه وتعالى-، أو لا يستجيب لتوجيهات مهمة، توجيهات لها أهميتها الكبيرة التي تبني الأمة، وتساعد الأمة لتكون في مستوى مواجهة التحديات، وللنهوض بالمسؤوليات التي عليها، فيأتي هنا التأكيد على الطاعة، وعلى الالتزام العملي، وعلى الاستجابة للتوجيهات، والاستجابة للتعليمات.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون: 1441هـ 14-05-2020م.
يوم الفرقان (4) الاعتماد على الله والتنكر للذات.