أو لسنا نسمع حديث [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] أنه حديث صحيح، ويكتبوه بالذهب أو بالنحاس بخط كبير فوق باب من أبواب روضة النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فالكثير من الناس؛ لأنه في أوله قال رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أو عن رسول الله؛ بطبيعة الحال أنه مسلم ومؤمن برسول الله ومصدق له سيقول: إذاً هذا قاله رسول الله، (نفق عنده) لماذا انطلى عليه هذا الباطل؟ لأنه لم يعرف الحقائق داخل القرآن الكريم التي تجعل مثل ذلك الحديث مثل تلك العقيدة لا يمكن أن تكون منسوبة إلى النبي، لا يمكن أن تكون منه أبداً.
الإنسان المؤمن إذا لم يربِّ نفسه من خلال تلاوة القرآن الكريم أن يتأمل كتاب الله، ويتدبر الأحداث في هذه الدنيا فهو من سينطلي عليه الباطل، سواء باطل قدم ونسب إلى الله، أو قدم ونسب إلى رسوله، أو قدم بشكل براق، والشيء المعروف في هذا الزمن أنه اختلفت الوضعية عما كان عليه الخلفاء السابقون الملوك والسلاطين في الزمان الأول هم كانوا يحتاجون إلى أن يقدموا الشيء للناس على أنه من دين الله لينفق وليقبله الناس؛ لأن الناس كانوا لا يزالون حديثي عهد بالنبوة، والشخص قيمته هو باعتبار ما يضاف إليه من مقام ديني؛ ولهذا كانوا يحتاجون إلى أن يختلقوا الأحاديث فضائل ينسبونها إلى فلان وفلان وفلان ليقدموه في ثوب رجل دين رجل الفضائل رجل الكمال فباسم الدين يمشي عند الآخرين ويقبله الآخرون.
تطور الزمان، وهكذا الباطل يتطور، لكن باتجاه تحت إلى أسفل إلى الحضيض حتى أصبحت القضية الآن أنه أي زعيم من الزعماء لا يحتاج في تلميع نفسه في أن يوجد لنفسه ولاء في نفوس الناس، لا يحتاج إلى الجانب الديني بكله، وإذا قلنا هو لا يحتاج إلى الجانب الديني فماذا يمكن أن يقدم للآخرين؟ الآخرون نحن هبطنا أيضاً مع الزمن، هبطنا أيضاً؛ فنحن لم نعد ننظر إلى الشخص من زاوية الدين أبداً، اختلفت المقاييس، اختلفت المعايير لدرجة أن أي زعيم من الزعماء لا يحتاج أن يضفي على نفسه شرعية دينية، يمكن أن نقول شرعية ديمقراطية مثلاً، أو شرعية وراثة الملك، أنهم بيت ملك يتوارثونه واحداً بعد واحد، وهذا حق مطلق لهم ليس لأحد غيرهم فيقبل الناس، في أن يوجد لنفسه ولاءات الناس.
وهذه هي تربية الباطل، تربية الباطل تجعل الناس يخلدون إلى الأرض، ويضعون صفراً على الدين بكله، وما لديهم من قيم الدين، أو ممارسات دينية إنما هي عبارة عن موروث تعودوا عليه وألفوه، يكون الجهل بالدين مطبقاً على الناس، وإن كانوا لا يزالون يمارسون شكليات منه، فيكتفي بأن يقدم للناس حديثاً يتعلق بمصالحهم الشخصية، منجزات، مشاريع، تنمية، عبارات من هذه.
أليس هذا هو ما يستخدمه الزعماء والملوك في عصرنا هذا؟ لم يعودوا بحاجة إلى أن يستخدموا الأسلوب الذي استخدمه معاوية، معاوية كان يحتاج، ويحتاج الآخرون من حوله من علماء بلاطه أن يقدموه للمجتمع كخليفة للنبي ويضفوا عليه شرعية دينية ويعملوا له فضائل [كاتب الوحي] مثلاً، أن جبريل أنزل إليه قلماً من ذهب ليكتب به آية الكرسي! من هذا النوع من الفضائل. لكن نحن الآن لا نحتاج إلى أن يقال أن ملكاً من الملوك أو زعيماً من الزعماء هو خليفة لرسول الله وأنزل إليه جبريل قلماً من فضة أو ذهب يكتب به أي شيء من كتاب الله أو من كلام رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).
أمكنهم أن يعودوا إلى الأسلوب الذي عمله فرعون مع قومه أيام موسى عليه السلام الحديث عن مظاهر الملك، الحديث عن مقامه باعتباره رمزاً، الحديث عن المنجزات، الحديث عن وعود كثيرة.
عادة الباطل؛ الباطل إذا انساق الناس معه منطق الباطل لا يخلق لديك وعياً أبداً إنما هو جهل متراكم؛ جهل يتراكم داخل نفوس الناس فيصبحون أيضاً لا يبصرون؛ لا يبصرون أيضاً أن مثل ذلك لا يمكن أن يصدق في وعده أو على أقل تقدير أنه من المحتمل ألاَّ يفي بوعوده،
لم يعد لديهم ما يبصرهم على هذا النحو، قد يكون هذا للمؤمنين الذين لديهم مقاييس دينية، ولديهم تقييم إلهي؛ لأن الله في القرآن الكريم عمل تقييماً متكاملاً للشخصيات بأنواعها، ألم يقدم لنا نفسية المؤمن، وقيَّم لنا نفسية المنافق، قيَّم نفسية اليهودي ونفسية النصراني ونفسية الكافر تقييماً كاملاً؟ يعلمك هذه النفسية وكيف سيكون سلوكها في الحياة، كيف سيكون منطقها، هل هي ستفي أم أنها ستكذب أم أنها حتى تعمل على أن تنفق كذبها بالحلف، بالأيمان الفاجرة؟
ألم يقل هكذا عن المنافقين: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}(التوبة: من الآية62) يقول شيئاً ويتبعه بيمين من أجل أن تقتنع بما قاله، من أجل أن تصدقه، ولأنها نفوس هكذا، وتقييم صحيح لها يحشر الإنسان يوم القيامة، يبعث ويحشر بنفسيته؛ فيأتي المنافقون يوم القيامة يقول الله عنهم بأنهم {فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ}(المجادلة: من الآية18) حتى في يوم القيامة يحلف بالله على أنه ما قال كذا، ويحلف بالله أنه ما أراد إلا كذا أمام الله، يحلف ويظن أنه سينفعه يمينه أو أنه سيقنع الباري ويخدعه؛ لأنه هكذا كان في الدنيا، هكذا كان في الدنيا.
الذي يزيد الإنسان وعياً فيستفيد من كل شيء حتى يصبح لديه قدرة على أن يعرف عواقب الأمور، ويعرف الشخصيات ماذا يمكن أن تعمل، وكيف يمكن أن يكون عملها، هم المؤمنون، هم من يستنيرون بنور الله، هم من تزكوا نفوسهم، وتزكوا مداركهم، هم من يمتلكون الحكمة، لا يحصل هذا إلا ممن يسيرون على نهج الحق.
والهدي الإلهي قدم للناس بالشكل الذي يمكن أن يعطيهم بصيرة فيفهمون الأشياء قبل أن تحيط بهم آثارها السيئة، وإلا فكثير في الدنيا من الناس عقلاء حتى وإن لم يكونوا مؤمنين، لكن متى ظهر لديهم وعي؟ بعد الضرب، الضربة بعد الضربة حتى صحوا، وحتى فهموا.
أما المؤمنون فإن الله أراد لهم من خلال نوره ألم يقل عن كتابه أنه نور، نور يضيء لك الطريق قبل أن تسقط في الهوة، في حفرة، قبل أن تطأ قدمك الشوك، نور ينير لك الطريق في هذه الحياة، الذي بيده نور وهو يمشي في الليل وإن كان الظلام شديداً هل يمكن أن يطأ شوكة أو يمكن أن يسقط في حفرة؟ لكن من لا يمتلك نوراً يمكن أن يسقط في حفرة، ويمكن أن يطأ شوكة ثم في الليلة الأخرى يكون قد حصل لديه وعي أنه إذا سار في هذه الطريق وليس لديه نور أنه سيحصل له هذه المشاكل التي حصلت بالأمس، ألم يحدث له وعي لكن بعد أن سار في طريق شائك وناله ما ناله.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى.
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 28 من ذي القعدة 1422 هـ
الموافق: 10/2/2002م
اليمن – صعدة.