عبدالفتاح حيدرة
ليس بالوعي وحده يحيا الإنسان ، لكنه بالتأكيد لن يكون إنسانا بدونه ، فعلى ما يبدو أن القوة المسيطرة على نشاط مواقع التواصل الاجتماعي وحتى الاداء الاعلامي ، كل شئ فيها موجهه ولها ميزانياتها وقراباتها وحظوتها وسلطتها ، واي محاولة للدخول في عش الدبابير هذا للحديث والتنظير عن الوعي والقيم والمشروع ، هي محاولة يعتقد كل من حولك ان من يقوم بذلك ليس سوى اكبر أحمق وأكبر جاهل وأكبر غبي ، واكبر متزلف وأكبر انتهازي..
هذه هي الصورة عننا مهما حاولنا تجميل أنفسنا ، ولا ننكر ذلك ، وقد عودنا انفسنا على أن الأنظمة و الناس ليسوا عادلين ، بل ان ظلمهم بين وواضح والعدل والحقوق لن يتم الحصول عليها بسهولة ويسر من تلك المنظومات ، وبالتالي ان تقديم الوعي للناس في ظل هذه الشلليه والعصبيه الرسمية والمناطقية والسياسية بحاجة لتضحيات كبرى وصبر اكبر وصدق أكبر وعمل أكبر وفوق كل ذلك ثقة مطلقه بالله أكبر وأكبر ، إذ لا مجال للجدية في تقديم الوعي في هذه الصفحات ، بعد أن أصبحت التفاهة هى السائدة وهي التي تحكم حتى نوعيه وجدية ومصداقية العلاقات بين الناس ببعضهم البعض ، وبين الناس والسلطه واصحاب القرار من جهة أخرى ..
ان من أخطر ما تقدمه التفاهه في هذه المواقع هو السماح لأعراض الانحطاط الأخلاقي بالتغلغل في افكار ومعتقدات ومبادئ وعادات وتقاليد الناس ، مثلا نجد اليوم ان التزلف و الدفاع عن بعض من خانوا الله والوطن والشعب اليمني ، والتحقوا بقوى الشر والباطل والعدوان ، وقاتلوا وقتلوا وهاجموا وتهجموا على اهلهم وشعبهم و رفاقهم ، هو السائد وهو المسيطر ، بل وصل الأمر للمطالبة بالتوقف عن توجيه أى انتقاد لهم ، وعفا الله عما سلف ، وكأن خيانة الله والوطن والناس شأن يمكن لأي احد أن يعفو عنه..
بالتأكيد لا توجد قوة تعادل قوة إنسان مؤمن بربه و بذاته ، ولا توجد قوة يمكنها قهر وهزيمة وإذلال شعب قادر ، ولا يوجد نظام قادر على حكم شعب إلا برضا هذا الشعب ، وإذا كنا نريد التغيير الحقيقي يجب أن نزرع في وعي ابناء شعبنا فكرة أنه شعب قادر ، فكرة أنه شعب صاحب تاريخ وقيم وعادات وتقاليد بدأت الحضارة وعلمت البشرية ، هذا هو وقود وعي الفرد بذاته والشعب بنفسه ، لكن فكرة أنه شعب غير قادر ، وكسول ، ومصلحي ، وأنه أقل شعوب الأرض معرفة وعلم ، فإن ذلك يعزز ثقافة القبول بالتبعية والإرتهان لأنظمة الاستكبار وطواغيت الاستعباد..
كن واعيا ، بحقوقك وقوتك ، لا تخدم طاغوتا يقتلك ولا مرتهنا لنظام يجوعك او تابعا لمنظومة حكم تطحنك ، ولا مستسلما لعدو يحتل ويغزي بلدك ، لا تدع أحدا يزرع في نفسك وفي شعبك اليأس و الإحباط لأن ذلك يصب في صالح عدوكم جميعا ، ازرع الوعي و الأمل ، لأن ذلك يعني التغيير كما تريده وتبغاه إرادة شعبك ، لكن اليأس والإحباط يعني بقاء الوضع على ما هو عليه ، ازرعوا الوعي والأمل في الناس ما استطعتم إليه سبيلا ، فإن لم تقدروا فاصمتوا واتركوا الاخرين يعيشوا بشرفهم وكرامتهم..