{وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً } (آل عمران : من الآية185، 186) في مسيرتكم العملية ستسمعون من هذه الأطراف أذىً كثيراً، لكن تجد دائماً أنه يقدم هذا الطرف بأنه خاسر، لكن إذا كان الطرف المؤمن على هذا النحو {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} (آل عمران : من الآية186) في هذه الآية وفي آيات أخرى: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (آل عمران : من الآية186) من عزم الأمور أعني هذه هي الخطة العملية الصحيحة مثلما قال سابقاً:{وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}(آل عمران : من الآية120) فمن عزم الأمور هو أن يكون موقفك أو تكون خطتك بالشكل الذي يجعل العدو لا يضرك كيده، وتجعله لا يعد يضرك أذاه، وإن دخل معك في قتال سيكون هو الخاسر{وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}(آل عمران : من الآية186) تحدثنا عن موضوع الصبر والتقوى سابقاً، معنى الصبر في مقام عملي وتقوى بكل ما تعني كلمة الإتقاء عملياً، هذا هو الحزم هذا هو عزم الأمور الذي تجعل النتائج بالنسبة للعدو خسارة كلها، فكيده لا يعد يضرك أذاه، لا يعد يضرك، ألم يقدمها هكذا؟ الأذى لا يعد يضر، الكيد لا يعد يضر، أن يدخل معك في مواجهة.
{وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} (آل عمران : من الآية111) إذاً فليس من عزم الأمور من يرون أنفسهم بأنهم حكماء فيقعدون، يقعد ولا يتحرك ولا يوطن نفسه على عمل ويتهرب من المسئولية، هذا لا يعتبر إنساناً حازماً ولا حكيماً هنا يذكر عزم الأمور والصبر والتقوى العملي، مواجهة مع صبر وتقوى .
إذاً هنا يبين بأن الناس المؤمنين عندما يكونون متجهين في سبيل الله، والعمل لإعلاء كلمة الله ومواجهة أعداء الله، يتناول كل القضايا بحيث يرون أنفسهم لم يعد هناك شيء من جانب العدو جديد يبدو أننا سنخاف أن يكون مؤثراً علينا ونحن في عمل صبر وتقوى نهائياً.
{وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (آل عمران : من الآية186) لأن بعض الناس يكون فهمه أنه إذا قد هو مؤمن لا يعد يريد أن يسمع كلمة، ولم يعد يريد يكون معه أعداء، وقد هو مؤمن وعنده أن له الفضل أنه آمن فالباري عليه أن يزيل كل شيء من قبله! يوجد ملائكة بالملايين ومخلوقات أخرى {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}(الجمعة : من الآية1) {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}(الرعد : من الآية15) لا يكن عندك بأن الباري ينظر إليك أنه فرصة أنك قد آمنت وأن عليه أن يبعد كل شيء فلن تسمع كلمة قاسية من أحد، ولا أذية ولا مؤامرة ولا شيء قد تحصل هذه لكن هناك طريقة تجعل كلما يحصل لا يضرك، ولا يكون له أثره السلبي عليك وهي هذه: صبر وتقوى اهتداء بهدي الله، وإذا لم يحصل هذا سيكون كل شيء يترك آثاره السيئة عليك يقاتلونك يقهرونك، يكيدونك ينجحون في كيدهم، أذية، يوقعون بك الأذية إذا ما هناك صبر وتقوى.
تلاحظ أنه هنا قدم كل الأشياء التي تكون محتملة من جانب العدو أنها في الأخير لن يكون لها أثرها السيء على الناس إذا كانوا عاملين في سبيل الله، وبصبر وتقوى، هذا يعتبر تقريراً هاماً ممن يعلم الغيب والشهادة ممن إليه ترجع الأمور، ممن هو غالب على أمره وهذه القضية لها أهمية كبيرة في مجال عمل الناس عندما يقول:[اسكت يمكن يعملوا كذا وسيعملون كذا وبا، وبا.. إلى آخره] هنا يقول لك سيحصل هذا من غير أن يقول: [با وبا .. إلى آخره] هم نفوسهم سيعملون هذه.
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً}(آل عمران : من الآية186) إذاً تكون قضية معروفة عندك أنهم سيعملون سيمكرون، كما قال سابقاً وسيكيدون وسيتآمرون وسيعملون كل ما بإمكانهم أن يعملوه، عندما يأتي واحد يقول: [اسكت حتى لا يعملون كذا كذا حتى لا نثيرهم علينا] وأشياء من هذه يقدم لك القضية بأنها قضية محسومة هم يعملون هذه وسيعملون هذه، الشيء الذي يهمك إذا كنت حكيماً هو: ما هو الشيء الذي يجعل كلما يدبرونه وكلما يعملونه لا يترك أثره علينا؟ هو الإيمان والصبر والتقوى، أليست هذه هي الطريقة الصحيحة؟.
تجد القرآن هنا أليس هو يحاول، أعني كلما تقرأ آيات منه تجد كيف يبين أشياء في نفوس الناس فكأنه كلما تطلع عندهم أقوال من هذا النوع تكون ماذا؟ قرارات غلط قرارات خطأ مفاهيم خطأ، أليس هو يبين لنا أن الكثير مما نسمعه يعتبر خطأ [اسكتوا لا تعملوا كذا وكذا أو ربما يعملوا كذا كذا..... إلى آخره] لاحظ كيف أهمية القرآن الكريم عندما قال الله: { هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ}(آل عمران : الآية138) يبين لك العدو ويبين لك مجتمعك ويبين لك نفسيتك ويبين لك نفوس الناس وقت الإنتصار وكيف تكون نفسياتهم وقت الهزيمة وكيف تتعامل مع كل الأطراف كيف تتعامل مع نفسك مع العدو مع أصحابك وقت الإنتصار ووقت الهزيمة، وأنت تدفعهم إلى العمل، وهم في حالة تراجع، كلها في إطار معركة واحدة قدمها و كم قدم في إطار قضية واحدة في معركة أحد.
هنا هل بقي مكان للذي يقول لك: [يترك الناس العمل حتى لا يقال أنهم يعملون كذا]؟ هنا يقول لك: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ}(آل عمران : من الآية186) تشمل اليهود والنصارى {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً } (آل عمران : من الآية186) لو لم تعمل شيئاً لوأنت جالس ستسمع أذية كثيرة.
إذاً فالطريقة الصحيحة هو العمل بصبر وتقوى، هذا هو عزم الأمور {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (آل عمران : من الآية186)
ألقاها السيد / حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
الدرس السادس عشر من دروس رمضان المبارك / ص / 15.