مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

البشر كلهم يعرفون أهمية التوحد، لكن تختلف النظرة إلى كيف تكون هذه الوحدة التي ستحقق هذه النتيجة المهمة، القوميون كانوا يهتفون بوحدة عربية، ومن منطلق أننا أمة عربية لغتها واحدة، أمة عربية على صعيد واحد، المنطقة الجغرافية لها هي واحدة، بقي هذا الصوت فترة طويلة ولكنه غاب ولم يكن مجديا، وحدة قومية، ووحدة عربية، كقوم كعرب، ليس على أساس من الدين بل على أساس من العروبة أننا عرب، ولا أدري ماذا يعني أننا عرب؟.

تنطلق أيضا هتافات وحدة [أن ننطلق على نهج السلف الصالح]. الذي سموهم السلف الصالح وهم من لعب بالأمة هذه، هم من أسس ظلم الأمة، وفرق الأمة؛ لأن أبرز شخصية تلوح في ذهن من يقول السلف الصالح يعني أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وهذه النوعية هم السلف الصالح هذه أيضا فاشلة.

نتوحد على أساس - وهي أرقى ما يطرح في الساحة- على أساس [أن يرجع الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله  (صلوات الله عليه وعلى آله) لكن من المنظار المحدد لديهم، ووفق القواعد المحددة لديهم، ومن المنافذ التي عن طريقها، وقد رسموها أن تمر من خلالها لتكون متمسك بالكتاب والسنة.

أو أن ندعو إلى الوحدة وكل مسلم يدعو إلى الوحدة -حتى وحدة دينية- لكن ونحن في مناهجنا، في ثقافتنا نعزز حالة التفرق في أوساطنا، فيطلع هذا الشخص الذي يقرأ سنة بعد سنة مع شخص أخر وثالث ورابع يطلعون متفرقين ديناً، من منطلق أن لهذا حق هو أن ينطلق وفق ما يقتضيه نظره، وعلى ما أداه إليه اجتهاده، ويتعبد بما غلب في ظنه، ثم في الأخير يرى - ديناً -  بأنه لا يجوز له أن يقلد أحدا، لا من الماضين ولا من الحاضرين، فلا يجوز أن يقلد هذا، ولا يقلد هذا، ولا يتبع هذا، ولا يستمسك بهذا. الثقافة التي نطرحها ثقافة في أوساط المسلمين ونحن نتعلم  الدين تجعل كل شخص منا يطلع بمفرده،  ثقافة لا تعزز روحية الاعتصام بحبل الله جميعا.

حبل الله هو هداه، هداه هو دينه، دينه هو خط واحد وحبل واحد.عندما نأتي نفرق دينه بشكل مواقف وأحكام تكون النتيجة حبال متعددة تأتي النتيجة في الأخير أنت تمسك من عندك بحبل وأنا أمسك من عندي بحبل.. نكون في الواقع غير متمسكين بحبل الله إلا طرف واحد، فقط طرف واحد هو مستمسك بحبل الله، والآخرين يمسكون حبالاً وهمية ليست حبال الله ؛ولهذا يرونها لم تن‍‌زعهم من هوة الضلال والكفر والذلة.

[فالوحدة بين المسلمين التي تقدم في الساحة] إما أن نهتف بها ونحن نعمل على طريق الواقع إلى ما يعارضها ويضادها في أهدافها وفي نتيجتها، أو أن نقدمها بشكل ناقص ونحن نتحدث عنها، الله هنا في هذه الآيات الكريمة حدد بوضوح بيِّن لا غبار عليه  كيف هي الوحدة المجدية، كيف هي الوحدة التي تعطي ثمرتها، التي تنطلق فيها أمة، ينطلق فيها مجتمع على أساس من الاعتصام الجماعي بحبل واحد، أي منهج واحد، موقف واحد، خطة واحدة، عَلَم واحد، قيادة واحدة.

ليس هناك أدق تعبير في فردية الشيء من كلمة{حبل} حبل واحد. لو قال مثلا: [واعتصموا بشجرة الله] قد نتصور بأنه كل واحد يمسك بغصن هذا يمسك بغصن، وهذا بغصن، وهذا بعرق منها.. حبل واحد لا يوجد أدق من هذه العبارة في أن تعطينا فهم أن الطريق هي واحدة فقط، وقناة واحدة فقط، ومنهج واحد فقط، منهج واحد يُقدم في ساحة العمل، منهج واحد يستطيع أن تكون ثمرته واحدة يربي أشخاص على قلب رجل واحد.

انظر إلى مدارسنا نحن الزيدية ماذا تقرأ فيها؟. تقرأ فيها ما يجعلك من أول ما يتفتح ذهنك لفهم المسائل تنطلق لوحدك، ويصبح هذا هو واجبك، ويصبح هذا هو العلم، فتنطلق لوحدك، وزميلك ينطلق لوحده، أصبحت تدين بشيء، وهو يدين بشيء، أصبحت تتعصب لشيء، وهو يتعصب لشيء آخر ضده.

توحي الآية بأنه يجب على المسلمين، أو يجب على المجتمع خاصة من هو محمل مسئولية كبيرة أمام الله أن ينطلق في الاعتصام بحبل الله، وفي نفس الوقت هي حالة تستدعي المحافظة عليها أثناء العمل للوصول إليها، ثم بعد الوصول إليها سينهى عن التفرق، التفرق في الطريق، والتفرق بعد الوصول إلى تحقيق هذه الحالة، حالة الوحدة الاعتصام بحبل الله جميعا {ولا تفرقوا} و{جميعا} توحي لكل فرد بأنه مسئول هو، ولا يقل [أولئك فيهم الكفاية لأني مشغول]، أليست تحصل هذه؟.انطلاقة فردية وأولئك قد فبهم الكفاية  لا عندما يقول: {جميعا} توحي لكل فرد بأنه مسئول هو أن يتحرك من جانبه ليكون ضمن هذه الجماعة، لا يقل : [فيهم الكفاية، وهم قد أصبحوا كثيراً]،  يجب َأن تلغى مشاعر أن الآخرين يمكن أن يكونوا بديلاً عنك، عندما يقول {جميعاً} أليس يخاطب كل فردٍ منا أن ينظم نحو هذا المجموع، عندما تقول: [فيهم الكفاية] سيقول الآخر مثلك والثالث مثلك،  يصبح في الأخير أن الجميع هؤلاء لا يوجدون [الوحدة التي يريدها الإسلام] .

ما الذي يصنع هذه؟. يصنعها حسن تعامل، ويصنعها ثقافة واحدة، ويصنعها شعور واحد، ويصنعها اهتمام واحد.

غير صحيح أن بالإمكان أن يتوحد المسلمون توحداً على هذا النحو الذي الآية توحي بأنه لابد منه في ميدان المواجهة مع الآخرين، مع أهل الكتاب لابد منه، وأهل الكتاب -من يتأمل كتاب الله سبحانه وتعالى- يرى بل يصل تقريبا إلى درجة القطع بأن هنا في القرآن ما يوحي بأن الجهة التي ستكون هي من يمثل خطورة على الأمة، وهي الطرف الذي سيصارع الأمة على امتداد تاريخها هم طائفة أهل الكتاب اليهود والنصارى. في مواجهة هؤلاء لابد لمن ينطلق في ميدان مواجهتهم من عباد الله سواء الأمة بكلها، أو مجتمع من المجتمعات لابد أن يتحقق لديهم وحدة على هذا النوع من الاعتصام بحبل الله جميعا، وحدة يحافظون عليها، وحدة تقوم على أساس من الألفة فيما بين أنفسهم، والروابط التي تعزز حالة الإخاء والمودة فيما بينهم.

أنت تقول من هناك: [ممكن كل واحد ينطلق وكل واحد على مذهبه] غير صحيح أن بالإمكان أن تقف هذه المذاهب التي هي فيما بينها يكفر بعضها بعضاً، ويفسق بعضها بعضاً، والتي أفرادها فيما بينهم لا يحملون مشاعر الحب والإخاء والألفة مع الآخرين، ولا يصلون إليها بحكم تباينهم في معتقداتهم، في ثقافتهم، تباينهم أعلامهم في قدواتهم، تباينهم في نظرتهم إلى الدنيا، في نظرتهم إلى الحياة. لا يمكن حتى أن يصل إلى هذه الدرجة فيما بينهم، إذاً فلا يمكن أن تتحقق الوحدة، فكل شعار أو كل نداء يهتف بوحدة الأمة على ما هي عليه هو نداء وشعار لا جدوى من ورائه، هو يدعو إلى حالة وهمية، إلى حالة لا ثمرة لها، لا تتحقق على صعيد الواقع، وإن تحققت شكليا فلن يكون لها أي جدوى.

لهذا ولأن الآخرين من اليهود والنصارى يعرفون أن تفرقنا كمذاهب هو مما يساعد على ضعفنا حتى ولو بدت أصوات تهتف بوحدتنا كمذاهب، هم يعرفون بأنها ستكون فاشلة، فهم يعززون التفرق المذهبي فيما بيننا، هم وراء دعم الوهابيين، هم وراء دعم طوائف متعددة، هم وراء إحياء التفرق المذهبي.

التفرق المذهبي حاصل في الأمة من قبل لكنهم عرفوا بأنه يخدمهم فليغذوه وليبقى هذا التفرق على ما هو عليه.

 قد يقول البعض إذاً مادام أن أعداء الإسلام يخدمهم تفرقنا كمذاهب إذاً فيجب أن نسكت عن بعضنا بعض وأن ننطلق كأمة واحدة، ويرى البعض بأن هذا يمثل حلا لكن الواقع أنه لا يمثل حلا.

إذا كنا نعرف بأن التفرق المذهبي من أساسه هو يخدم أعداء الإسلام إذا فلنلغيها ولنرجع إلى حبل واحد. أليس هذا هو الصحيح؟. أو أن نأتي ونقول: نتقارب أنا وأنت، وأنا وأنت مختلفين في عقائدنا بدءً من الله إلى يوم القيامة، لك أعلام تقتدي بهم، ولي أعلام أقتدي بهم، لك أشياء تهتم بها، ولي أشياء اهتم بها، ليس بيننا ألفة، ليس بيننا تقارب فكيف يمكن أن يقال أن بالإمكان أن يجتمع هؤلاء شكلا ثم هم سيعملون ضد الآخرين. لا. الله تعالى يقول للناس وهم مؤمنون قبل أن يتحولوا إلى مذاهب بأن عليهم وهم أفراد قبل أن يتحولوا إلى مذاهب: أن يعتصموا جميعا جميعا بروح جماعية على هذا النحو الذي تسود داخل نفوسهم حالة المشاعر المتبادلة من الإخاء، والألفة، والحب، والود.

فغير صحيح أن يقول الإنسان: إذاً فلا ينبغي أن نثير القضايا لأن أصحاب المذهب الآخر هم حساسين، وهذا يعزز حالة التفرق. نحن قد تفرقنا من زمان، نحن قد اختلفنا من زمان، وأصبح تفرقنا واختلافنا مما يخدم أعداء الأمة، فما هي المعالجة الصحيحة؟. هي أن نرجع إلى حبل واحد، وإلا فنحن جميعا نكذب بكتاب الله، ونتصور بأن الحبل الواحد هو الاجتماع الشكلي. الحبل الواحد هو هدى من الله، هو هدى من الله، لا مجرد أشخاص وتجمع شكلي، حبل الله هو هداه، إذا فهداه يرجع الناس جميعا إلى هدى هو هدى الله وهو هدى واحد. ولن يجدي إطلاقا –فيما اعتقد- أي صوت يقول: [أصحاب المذاهب هؤلاء يسكتون من بعضهم البعض وسيتوحدون جميعاً ضد مدري من].

تجمعت جيوش عربية انطلقت من عدة دول ولم تجد شيئا، وهم فيما بينهم سُنِّيّة، لكن حتى نفس التفرق باعتبارهم كل شعب وطن مستقل بنفسه عن الآخر كان لهذا التفرق الذي داخل أذهانهم أن هذا له رئيس ورئيسه فلان، وهذا قائده فلان، لدينا قوانين هي كذا وآخر قوانينه كذا، بلادنا حدودها كذا، شكلها كذا، والآخر حدوده كذا.. حالة تفرق من هذا النوع التي هي أقل من التفرق المذهبي أثرت سلبا في تلك الجيوش فلم تكن مجدية، اجتمعت من مصر وسوريا وعدة بلدان، اجتمع المصري مع السوري مع العراقي مع الأردني مع اللبناني لكن كل واحد هو يرى نفسه ليس منصهرا في مشاعره مع الآخر، أنا رئيسي فلان، وأنت رئيسك فلان، بلادي اسمها كذا، بلادك اسمها كذا، بلادي حدودها كذا بلادك حدودها كذا. أليست هذه فرقة؟. انظر كيف أثرت هي داخل من؟. داخل السنيّة أنفسهم.

ففرقة المذاهب هي أشد بَوْناً واتساعا من فرقة الأوطان، وفرقة أسماء الرؤساء والزعماء، وفرقة عناوين البلدان، أنا بلدي اسمه مملكة، وأنت جمهورية، وذلك اسمه سلطنة. أليست فرقة المذاهب أبعد وأشد؟. أين ساحة فرقة المذاهب؟. أين هي؟. أليست هي النفوس؟. ساحة فرقة المذاهب ميدانها هو نفوسنا نحن المسلمين، فما دامت النفوس هذه متفرقة أي هي متفرقة ليست مجتمعة على هدي واحد، أليس كذلك؟. مذاهب متعددة وكل مذهب لوحده أي هو يسير على هدى لوحده، وهذا على هدى لوحده، وهذا على هدى لوحده أليست هكذا؟. ألم يطلع الهدى متعددا؟. إذاً حبال متعددة داخل أنفسنا، وهذه هي نقطة الخطر، لو أنها حبال متعددة في ساحة خارجية خارج ساحة أنفسنا لكانت أقل ضررا، لكنها حبال متعددة داخل ساحات أنفسنا كمسلمين فهي أشد ضررا في أن تحول بيننا وبين أن نصل إلى حالة يكون اجتماعنا فيها مجديا في مواجهة أعداء الله.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

سورة أل عمران ، الدرس الثاني

(واعتصموا بحبل الله)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.

بتاريخ : 9/1/2002

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر