عبدالفتاح حيدرة
قال الله تعالى في محكم تنزيله "وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا"، والطاعة هنا هي طاعة الجهل والمعصية ، طاعة القطيع ، انظروا اليوم فبينما نحن غارقون في رش ورود المديح لهذا، ونفخ كير الذم لذاك ، وبينما نسبح تارة بإتجاه التخوين وتارة أخرى بإتجاه التسليم ، وبينما نطفو حينا على سطح الوعي ونغوص أحيانا إلى قاع الجهل ، وبينما نرفع مرة ايادينا لندعو الله أن يهلك الأعداء ، نجد من يدعونا لرفع ايادينا مرة ثانية أملا من الله ان يرينا سقوط الاصدقاء ، وبينما يخوض الأحرار معارك التحرر والاستقلال ومحاربة الفساد، هناك من يحرض شعبنا للقتال هنا و هناك على مناصب السلطة والثروة ، ونجد اعلام دول العدوان والحصار لا عمل وهم له غير تشوية الأحرار والشرفاء واستهداف حكومة صنعاء، وحث وتحريض الشارع للثورة ضدهم ، فيعلن وينشر ويكتب ويقول - تضليلا وكذبا وافتراءا - عن ما يسميه مظاهرات في صنعاء، مستغلا كل قضية مهما كانت ، حتى وان كانت قضية في منشور واحد فقط، ومركزا بين كل هذه الأخبار خبر تحريضي واحد عن تصريح فخامة الرئيس مهدي المشاط حول تجربة الصواريخ اليمنية إلى بعض الجزر اليمنية المحتلة..
وما بين هذا وذاك بين كل الأخبار التضليلية لا تخلوا اخبار العدو من خبر تحليل اقتصادي يحث الناس على المطالبة بالرواتب، وكلنا نعلم ان الرواتب في البنك الأهلي السعودي ، وفي ذات السياق يربط الخبر محاربة الحكومة للقطاع الخاص ، ان دلائل تلك الاخبار وترابطها يؤكد ان غرفة المؤامرات الاعلامية لتحالف العدوان والحصار غرفة عالمية، هدفها تثوير الشارع اليمني وتحييدة عن قضيته الأساسية وهي مواجهة العدوان والحصار و الانتصار في معركة العزة والكرامة ، لتقوم هذه الأخبار احيانا بالاستغلال لحدث هنا وقضية هناك، واغلب الأحيان بالتضليل والكذب والتدليس، وكل هذه محشورة ببعضها، وهذا يعني انها لا تأتي الينا من فراغ ، بل أنهما نتيجة مخرجات سابقه وتبعات تسوقها اولا هرولة دول وممالك ومشيخات التطبيع السعودي و الاماراتي والبحريني والسوداني والمغربي مع اسرائيل ، وثانيا محاولة أشغال الشارع اليمني بحقوقة التي تنهبها دول العدوان والحصار، وثالثا تصوير طريق الملاحه الدولي في البحر الأحمر وباب المندب والجزر فيهما منطقة خطرة ، بهدف مطالبة المجتمع الدولي بإصدار قرار من مجلس الأمن يطلب حماية ممر باب المندب وطريق الملاحة الدولية ، ثم اصدار قرار دولي يمنح امريكا واسرائيل وبريطانيا إقامة قواعد عسكرية في الجزر اليمنية من جزيرة الطير شمالا مرورا بجزيرة ميون بباب المندب جنوبا وحتى جزيرة سقطرى شرقا ..
لذلك إن الوعي اليوم هو إعمال العقل في كل ما ينشر من خبر، بل انه واجب على كل يمني حر وشريف ومناط التكليف ، ونتائج التفكير بوعي أيا كانت لا يجب أن تكون عرضة للمحاصرة ، لأن نتائج التفكير ليست دائما مضمونة الصواب ، والأمر الواعي في النهاية مرتبط بنية صاحبه السليمة ، ولا يعلم النية إلا الله ، العدو وزبانيته يحاولون ان يجعلوا من أخبار التحريض لنيل الحقوق التي سلبوها هم من ثروات الشعب اليمني، ان لا رقيب من أحد على عقل أحد وكل واحد حر نفسه ولا يسمع لكلام العقل والوعي الذي يحفظ له كرامته ويستعيد حقوقة ، لذلك إن كنا فاعلين شيئا فلابد أن نحثّ على إعمال العقل ونشر الوعي ضد مخططات العدو ، اي ان يكون الوعي ضد العدو وعي شعبي ومجتمعي، لأن التوقف اليوم عن إعمال العقل والوعي لما نتعرض له من حرب امريكية واسرائيلية مباشرة جريمة يعاقب عليها الله تعالى ربما عقابا لا يقل في شدته عن عقاب فاعل الشر والعدوان والحصار والمحرضين عليه والذين يصدقونهم ويتبعونهم ، وتوقيف العقل وتدمير الوعي والسير مع قطعان قضايا نجوم الفيسبوك ومواقع التواصل ولو حتى باسم وحجة أن الآخرين يفكروا أفضل أو بالنيابة عن الكل ، لن ينجينا ، بل ربما أوردنا كلنا موارد التهلكة..