مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

سند الصيادي
المفارقةُ المؤلمة حينما نسمعُ من يقولُ إن من يرفض الوصايةَ الخارجية، ويصر على التمسك بقراره الوطني، يُصوَّر كعدوٍّ للسلام والتقدم، فيما تُتلى المدائح وتُنشَب المنابر وتُفتح الأذرع ويُفرش البساط الأحمر لمن يقدّم التنازلات ويستجدي دعمًا وتدخُّلًا من الخارج.

في لحظة تاريخية رغم وضوح خطوطها ومساراتها، إلَّا أنه لا يزال فيها الحقُّ يقارِعُ بوعيه الباطلَ بجهله، يظهر لنا أننا نعيش زمنًا غريبًا تنقلِبُ فيه المفاهيم بشكل سافر رأسًا على عقب؛ زمنٌ تُوصَف فيه مواجهة المحتلّ والالتفاف حول قيادة مؤمنة وحكيمة ومنهج قرآني أصيل وخالص، بأنها "نقصُ وعي" أَو "تخلُّف" أَو حتى "عبودية"، بينما تتحوَّلُ الخيانةُ والتفريط بالأوطان والمعتقدات إلى شرف وفخر و"تحرُّر" يُحتفَى به بفجاجة وبجاحة على أنه قِمَّةُ التقدُّم!

تشويهٌ لم يأتِ صدفةً أَو نتيجةَ انحراف لحظيٍّ في جيلٍ بذاته، بل هو نتاجُ منظومة عالمية عملت طويلًا على إعادة صياغة وعي الشعوب، لتغدوَ الكرامة وجهةَ نظر، والسيادة خيارًا ثانويًّا، والارتهانُ للخارج "ضرورة سياسية" أَو "متطلبًا للتحرُّر".

وفي خضمِّ هذا العبث، يُساق الكثرةُ إلى وَهْمِ الحرية عبر أبواب الطواغيت الكبار، متناسين حقائقَ التاريخ وسننَ الخليقة، وأن من صنعوا القيود لا يمكن أن يمنحوا مفاتيحها.

المفارقةُ المؤلمةُ التي تدفعُنا أحيانًا إلى أن نخرُجَ عن طورنا، حينما نرى ونسمعُ من يقولُ إن من يرفض الوصايةَ الخارجية، ويصر على التمسك بقراره الوطني، يُصوَّر كعدو للسلام والتقدم، فيما تُتلى المدائح وتُنشَب المنابر وتُفتح الأذرع ويُفرش البساط الأحمر لمن يقدّم التنازلات ويستجدي دعمًا وتدخُّلًا من الخارج.

وثمة مفارقة أُخرى تكشفُ مدى انحراف الفطرة السليمة والاختلال الحادث في انفعالاتها، حين ترى أُولئك المنبطحين أُسودًا أمام شعوبهم وأمتهم، يمارسون كافة مفاهيم الاستعلاء والبطولة، ويرفضون كُـلّ دعوات التصالح والتعايش، فكيف يُعقل أن تُغلق من قبلهم الحلول بشأن الداخل بحجّـة "استحالة التفاهم"، بينما يفتحون الأبواب على مصاريعها للتدخلات الأجنبية وكأنها طوق النجاة؟

من اليمن إلى لبنان إلى سوريا، تلك النماذج المسيئة حاضرةٌ في المشهد، وحقيقةً لا تزال -بإسناد الخارج وجهل الكثير- تعقد معركةَ التحرّر والخلاص.

والحاصل أنها معركة كونية طَرفية بامتيَاز، ليست مُجَـرّد خلافٍ سياسي أَو صراعٍ مرحلي، بل هي صراع بين قيمٍ أصيلة وفطرةٍ إنسانية تسعى للحرية الحقيقية وقيمِ الفضيلة ورسالةِ السماء المتسلسلة عبر القرون، وبين منظومة عالمية تلتحف الرذيلة والشيطان، لتغيير المبادئ والقيم، وَإعادة تعريف كُـلّ شيء بما يخدم مصالحها.

في هذا الزمن الفارق بخيره وشره، بأعلامه وأتقيائه والأحرار من رجاله وبشياطينه وطواغيته وطابور الجهلة الطويل من خلفهم، يصبح من الضروري الثباتُ في المواجهة بكل المجالات، وَإعادة البُوصلة إلى مكانها الطبيعي: المقاومة وعي وحضارة وليست تخلفًا، والخيانة والدونية عارٌ مهما تزيّنت بشعارات الحداثة والحرية، والتحرّر الحقيقي يبدأ من الداخل فرادى وجماعاتٍ، من وعي الشعوب بإمْكَاناتها، لا من مكاتب السفراء ودهاليز غرف الاستخبارات.

التاريخ إلى جانبنا، ما فتئ يعلّمنا أن الأممَ التي طلبت عزتَها من أعدائها لم تجنِ سوى مزيدٍ من الذل، وأن من ظن أن الطغاة يمنحون الحرية ويخلقون حياةً آمنةً على خلاف منهجية وتوصيات الخالق، إنما يركض وراء سرابٍ في البسيطة، قبل أن يكبَّ على رأسه في لحظة الفصل وَيوم الحساب.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر