هنا يقول { وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا} كيف كان موقف الذين نافقوا يوضحه الله في نفس السياق في الآية المباركة " وقيل لهم يعني للذين نافقوا تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا لا يليق بكم أن تقعدوا هذا التحدي وهذا الخطر هو على أمتكم على شعبكم عليكم على المجتمع الذي تنتمون إليه هذا خطر على الجميع لا يليق بكم تجاه هذا الخطر أن تقعدوا وأن تجمدوا وأن تتنصلوا عن المسئولية تعالوا قاتلوا في سبيل الله، لأن من شأن المؤمنين أن يقاتلوا في سبيل الله كمسئولية وكفريضة دينية لها أهميتها الكبيرة في القرب إلى الله وفي مصداقية الإنسان بانتمائه الإيماني وفي دفع الخطر عن الأمة "أو ادفعوا" ما تريدون أن تقاتلوا في سبيل الله بالحد الأدنى دافعوا عن بلدكم دافعوا عن شعبكم دافعوا عن أمتكم دافعوا عن مناطقكم، أو ادفعوا ادفعوا هذا العدو الذي هو قادم ليحتل، ليحتل وينتهك الأعراض ويسيطر على كل شيء فماذا فعلوا؟ الذين نافقوا هل استجابوا؟ لا، تميز نفاقهم في تنصلهم عن المسئولية وتهربهم منها ولا مبالاتهم لا مبالاتهم وكأنه لا خطر وكأنه لا شر وكأن العدو الذي يهجم والذي يهدف إلى الاجتياح والساعي للسيطرة كأنه ولي حميم وكأنه صديق وكأنه طرف سيقيم الحق والعدل والخير وآت بمصلحة للأمة، (وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ) تهرب يقدمون التبريرات بالتهرب للتنصل عن المسئولية وما أكثر من يفعل هذا نفسه يتصرف على هذا النحو يقدم تبريرات وعناوين وتعللات حتى يتهرب من أداء هذه المسئولية هم للكفر يومئذ أقرب للإيمان، هم قد ابتعدوا من الإيمان لدرجة أنهم باتوا أقرب للكفر (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا) قعدوا لم ينهضوا لم يتحركوا أبدا ولم يدفعهم لا وعي باستشعار الخطورة ولا دافع إيماني بالاستجابة لتوجيهات الله وأوامره وآياته إلى أن يتحركوا ويقاتلوا، لا، قعدوا، في نفس الوقت مع قعودهم يثبطون وينتقدون الآخرين ويسخرون منهم يقولون "لو أطاعونا ما قتلوا" أولئك الذين ذهبوا للمعركة أولئك الذين استجابوا لله أولئك الرجال الذين بوفائهم وإيمانهم وحريتهم وعزتهم وقيمهم الإيمانية وأخلاقهم الكريمة لم يرضوا لأنفسهم بالقعود وتحركوا واندفعوا واستجابوا وانطلقوا فاستشهدوا ونالوا كرمة الشهادة، يأتي أولئك وقد قعدوا وتنصلوا عن المسئولية ليسخروا منهم فيقولون لو أطاعونا، كنا قلنا لهم اجلس في بيتك مالك حاجة لا عد تدخل نفسك في هذه المشاكل استقر لك وبس خليهم يسدوا غيرك الكثير بطل لك اترك لك من هؤلاء تثبيط تخذيل إرجاف تهويل تضليل خداع تشويه عبارات كثيرة الهدف منها تجميد الناس معهم.
والكثير من أولئك المنافقين لا يكتفون بأنهم قد ارتكبوا معصية بقعودهم ووزرا بخنوعهم وأساءوا حتى إلى أنفسهم بتنصلهم عن المسئولية إنما يتجهون إلى الآخرين للتثبيط بكل الوسائل والعبارات ويطلبوا من الآخرين أن يقعدوا كما قعدوا وأن يجمدوا كما جمدوا وأن يتنصلوا عن المسئولية كما تنصلوا وأن يفرطوا فيها كما فرطوا أن يتخاذلوا كما تخاذلوا، أن يتجردوا من قيمهم الإنسانية والفطرية والإيمانية والدينية كما تجردوا.
لو أطاعونا ما قتلوا يعني اعتبروهم خاسرين أنه بتضحيتهم خسروا (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) فالتهديد يطالكم وأنتم لم تسلموا أبدا ولستم عباقرة للدرجة التي ستسلمون من خطر الموت وتخلدون في هذه الحياة أن العدو يشكل عليكم خطورة من جانب لأنه يمكن أن يطالكم بشره في أي لحظة وأيضا الموت الذي لا بد منه آتٍ ولن تدفعوا عن أنفسكم هذا الموت الذي لابد منه
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
المحاضرة السادسة للسيد عبد الملك بدرالدين الحوثي في ذكرى الهجرة النبوية 1440هـ.