عبدالفتاح حيدرة
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هى المتنفس الوحيد للناس حتى يعبروا عن أنفسهم ، هى صحافة شبه مجانية للمحرومين من المنابر الاعلامية ، هي نافذة للصامتين القابعين خلف الشاشة فى هدوء تام لينظروا من ثقبها للأحداث الدائرة ، اما إذا أردنا ان نشارك رأينا فيها حول تلك الأحداث فإنها تصبح مرايا تعكس صورنا فى الكلام والحركة ، و تخرج ما في نفسياتنا من الحقائق والوساوس ، فعندما تتوحد أفكار المنشورات المؤذية في صفحات صحافة مواقع التواصل الاجتماعي المجانية ، تأكد أن العدو هو من يسيرها ، وان النجوم هنا اصبحوا هم النخب ، نخب ممتلئة بخبائث الفهلوة والانتهازية ، ابتداءا من الحذلقة السياسيه مرورا بنكات الابتزاز وصولا إلى احاديث اشبه باعلانات الدعارة ، و جميعهم و في وقت واحد يقدموا أفكارا مسمومه تدفع بعقلك إلى خلط الزيت بالماء وليس لفصل الزيت عن الماء ..
في هذا الفضاء الكل يمارس الصحافة المجانية في صفحته ، و نعمة صحافة مواقع التواصل الاجتماعي نقمتها تكمن في مجانيتها ، و إذا لم تكن هذه الصحافة موجهه و بلا معرفة وبلا وعي وبلا أخلاق ، فإن الكثير أعمى سوف يصوب في الاتجاة المعاكس لأهدافه ومشروعه وقيمه ووطنه وشعبه ودولته ، ومن يصوب في الاتجاه الخطأ ، لا يمكنه أبدا أن يصيب الهدف ، وهذا هو ما يحدث في تناول البعض للكثير من قضايانا اليمنية للأسف الشديد ، البعض يحاول ان يكون ( حُرا ) في كتاباته فتجده وقد أصبح ( تابعا ) ، والبعض يبدو لك أنه (مقاتل) وفجأة تجده وقد أصبح (قاتل) ، البعض تجده حينا يملأ السماء والأرض ضجيجا بـ(الوطنية) وأحيانا آخرى يأذن في مسامع متابعية (حيى على العدو) والبعض مهمته فقط هو ان يثبت كل يوم أن (التطبيل) ليس وسيلة لبلوغ غاية معينة ، ولكنه هدف فى حد ذاته ، لا يمكنه أن يعيش بدونه، فهو لا يطبل ليعيش ، بل يعيش ليطبل..
اذا لم تتحملوا المسئولية تجاه صحافة مواقع التواصل الاجتماعي المجانية بأمانة وصدق ، والعمل على استغلالها في نشر الوعي والحفاظ على القيم والأخلاق وتوحيد الجبهة الداخلية ، حتى إذا حان موعد تنفيذكم لمشروع التغيير الذي ثرتم وضحيتم من أجله ، يأتي التغيير وهو ممتلئ بكافة الخطط والبرامج والأدوات السياسية والاجتماعية التي تصون أهدافه وتنفذها ، اما اذا استمر الحال على عدم الاهتمام وعدم المبالاة و ترك صحافة مواقع التواصل الاجتماعي المجانية على ما هي عليه من انفلات ، وشلل تطبيل ، والنظر له انه عمل رخيص ، فقد يأتي التغيير على ظهر هذه الصحافة ، ولكنه سيكون تغيير أسوأ مما كان سابقا ومما هو موجود حاليا ، تغيير فارغ وخاوي من الخطط والبرامج والأدوات السياسية والاجتماعية الصارمة ، سيأتي لكم تغيير فاردا جناحي الارتهان و التبعية ، جاهلا بلا وعي وشاذا بلا أخلاق..