ومع ذلك وقع البعض من العلماء، البعض من الأكاديميين، في الوسط الجامعي، في المناهج الدراسية، في كثيرٍ من الكتب، في كثيرٍ من الأبحاث والدراسات، حتى في الفتاوى، يعني سمعنا في بعضٍ من القنوات الفضائية والبعض يسأل بعض العلماء عن شعار الحوثيين الذي فيه (اللعنة على اليهود)؟ فيقول: هذا لا يجوز (اللعنة على اليهود) لا ينبغي ذلك، فقط لا بأس أن نقول: (الموت لإسرائيل)، لماذا؟ لأن اليهودية- في فهمه- هي عنوان للدين الإلهي، وأتباعها هم المتبعون لذلك الدين الإلهي، وللرسالة الإلهية، وللشريعة الإلهية إلى موسى -عليه السلام-؛ فوقع في الاشتباه، وتوهم أنَّ اسم اليهود يشمل المتبعين للرسالة الإلهية إلى موسى، بما في ذلك أنبياء، وبما في ذلك مؤمنون صالحون، فاعتبر أن هذا الكلام سيعم كل الذين ينطبق عليهم ذلك العنوان، والذين- بنظره- ينطبق عليهم ذلك العنوان منهم أنبياء بني إسرائيل، ومنهم المؤمنون من بني إسرائيل في العصور الماضية ما قبل خاتم الأنبياء رسول الله محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- وهذا هو اشتباه، وجدنا أنَّ العنوان الرئيسي هو الإسلام للرسالة الإلهية وللدين الإلهي، ونجد أيضاً في القرآن الكريم أنَّ عنوان اليهود يأتي للتعبير عن خط الانحراف والتحريف، وليس اسماً للمتبعين الصادقين للرسالة الإلهية إلى موسى.
الله -سبحانه وتعالى- يقول في القرآن الكريم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ} هنا الحديث عن عنوان اليهودية واليهود {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: من الآية64]، لو كان اسم اليهود اسماً لكل اتباع الرسالة الإلهية إلى موسى لما صح أن ينسب الله إليهم هذه المقولة على هذه النسبة العامة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ}، لقال مثلاً: [وقال بعض اليهود]؛ حتى يميز الأنبياء، ويميز المؤمنين الصادقين في العصور الماضية ما قبل خاتم الأنبياء رسول الله محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- لكن النسبة أتت عامة، لماذا؟ لأن اسم اليهود هو اسم طائفي، وهو اسمٌ لخط الانحراف، للذين اتجهوا على خط الانحراف والتحريف من المنتسبين لرسالة الله موسى، ولا يشمل لا أنبياء بني إسرائيل ولا المؤمنين منهم، ولهذا لعنهم الله هنا، {وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}، الذين يقولون: [لماذا تقولون اللعنة على اليهود؟].
يقول الله في القرآن الكريم أيضاً: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} [المائدة: من الآية82]، اليهود رقم واحد في العداء للذين آمنوا، وأشد الناس عداوة بين كل الأعداء، الأعداء للذين آمنوا كثر، لكن الأشد عداوةً ورقم واحد في هذه العداوة هم اليهود، بعدهم من؟ {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، فنسب العداء وأشد العداء للذين آمنوا نسبه هنا إلى من؟ إلى اليهود، لو كان اسم اليهود يشمل أنبياء بني إسرائيل، أو المؤمنين من بني إسرائيل، لما كانت النسبة عامة، لما قال: (الْيَهُودَ)، لقال: [بعضاً من اليهود، أو جزءاً من اليهود… أو نحو ذلك.].
يقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: من الآية51]، لو كان اليهود اسماً لكل أتباع الرسالة الإلهية إلى موسى، ويدخل ضمن هذا الاسم أنبياء ومؤمنون لما كان هذا التعبير القرآني {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}، لقال بعض اليهود مثلاً، أو كافري اليهود… أو عبارةً مشابهة؛ ليخرج من يجب التولي لهم من الأنبياء والمؤمنين.
يقول الله -سبحانه وتعالى- أيضاً في القرآن الكريم: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، طيب إذا كانت ملتهم ديناً سماوياً فلماذا هناك مشكلة، المتحرون يقولون: لأجل النسخ، لكن ماذا يقول القرآن بعد ذلك؟ {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة : الآية120]، فالذي لديهم هو أهواء، انحرافات ناشئةً عن هوى أنفسهم، برمجوا الدين أو الرسالة الإلهية بما يتناسب مع أهوائهم، وحرَّفوا، وغيَّروا، وبدَّلوا، ومسخوا الرسالة الإلهية وقدَّموا لها أنماطاً وأشكالاً مختلفة في كثيرٍ من الأمور المهمة، فلذلك جاء هذا الوعيد والتحذير والتهديد: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} وهو هنا يحكي عن ملتهم، سمَّاها أهواء {بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}.
فإذاً لا يصح أبداً تسمية اليهودية بالدين السماوي، ليست ديناً سماوياً، الرسالة الإلهية والدين الإلهي الحق اسمه وعنوانه الصحيح والأساس في كل عصر، في كل عهدٍ من عهود الأنبياء -عليهم السلام- الإسلام، اليهودية عنوان طائفي لخط الانحراف والتحريف، واليهود هم أولئك الذين ساروا على خط الانحراف والتحريف.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
الإسلام عنوان الرسالة الإلهية
واليهودية عنوان لخط الانحراف والتحريف.
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الرابعة والعشرون.
يونيو 3, 2019م