عبدالفتاح حيدرة
أغالبية الجنس البشري يرتدون نظارات سياسية ، صاغ حساباتها و أرقامها وحركتها وتكتيكاتها أشرار البشر لضمان استمرارية مصالحهم وحكمهم وسيطرتهم ، وعمموها على الأمم والشعوب والدول كمعادلة رقمية محسوبة بالقلم والمسطرة ، يرون من خلالها الواقع ، وقلة قليلة جدا من الناس هم من يخلع هذه النظارات ليرى الواقع بنور الله وسنن الله في التغيير ، بدأت هذه الحالة بشكل واضح في الأحداث الأخيرة بين روسيا من جهة وتحالف الغرب وامريكا من جهة أخرى ، حيث نادرا ما تجد من يتناول الأحداث بهدوء ، محاولا أن يقرأ حتى سطور التاريخ وليس كتاب الله ، لتتكشف له حقائق الحاضر ، وباقي الغالبية من البشر تُفكر بالتمني ، مع هذا الطرف أو ذاك ، ويؤسفني القول إني لم أجد من يحدث الناس ويكتب لهم من خلال إرتباط وعيه بهدى الله وبقيم كتاب الله ومشروع سنن الله في التغيير بشكل واعي ومعقول وهادئ ، سوى قلة لا تتجاوز في العدد أصابع اليد الواحدة..
هذه الأحداث متسارعة فوق قدرة خيال البشر استيعابها ، إلا من لدية الوعي الايماني فإنه يعرف جيدا إن الله - سبحانة وتعالى - لدية سنن تغيير في الكون ، و كل مخلوق خلقه الله من ملائكة و أنس وجن وحجر ونبات وجماد وهواء وماء ، من أصغر ذرة في الكون إلى حركة الكواكب والمجرة الشمسية كلها ، ما نراه وما لا نراه من مخلوقات الله ، كل المخلوقات تعمل وفق مشيئة الله وقدرته لتحقيق سنن التغيير الإلهية ، اما في سياسة تغيير البشر غير الواعية وغير المؤمنة بسنن الله في التغيير بهذا الكون ، يحسبوا كل شئ بالأرقام و الخسائر والأرباح ، لا وجود للملائكة والجن ، لا في الشرق ولا في الغرب ، المصلحة هي الهدف ، وكل تحرك او خطاب مجرد وسيلة لتحقيق هذا الهدف..
إن لم يتوحد وعي الأمم والشعوب والدول العربية والاسلامية المقهورة والجائعة غير التابعة لعصابة الأمم المتحدة ، لبناء تحالفات و تأسيس مؤسسات اقليمية ودولية و بوعي مرتبط بهدى الله وبقيم كتاب الله و بمشروع سنن الله في التغيير ، فستضطر للعيش أحذية في أقدام امريكا والصهيونية العالمية ردحا من الزمن القادم حتى تستوعب وترجع لله ، اما الاعتماد و الاتكال على حسابات الأرقام وسياسة البشر فها هي حسابات روسيا الآن تدفع ثمن تقاعسها عن مواجهة النظام المصرفي الدولي الصهيوني ، واصبحت اليوم مضطرة لتأسيس نظام بديل هى وكافة الدول المتضررة من عدوانية النظام الغربي بقيادة الصهيونية العالمية و الولايات المتحدة الأمريكية ولو بإستخدام النووي وتدمير الأرض كلها ، هذا اذا لم تحصل تسويات مصالح لتعلن انضمامها إلى نظام عصابات الأمم المتحدة وتستمر الحكاية..