لأنه هكذا بالنسبة للقرآن الكريم، بالنسبة لبينات الله وهداه، يحتاج من الإنسان إلى أنه يخضع نفسه في مجال الاستجابة لها، والالتزام بها، والقيام بها، وهي تعتبر فترة قصيرة بالنسبة للسنة، شهر واحد من السنة، كلها تعتبر فترة قصيرة. ولهذا شرع أيضاً على سبيل التطوع صيام أيام أخرى، كصيام الست الصبر، وصيام الثلاث البيض من كل شهر، إضافة إلى أن الصيام كما يذكر الأطباء: أنه له فوائد كبيرة من الناحية الصحية. ومعنى هذا: بأن دين الله يتناول بناء الإنسان من كل جهة، أن في تشريعات الله ما الهدف منها أو من أهدافها: الجانب الصحي بالنسبة لجسم الإنسان، والجسم الصحيح، والجسم السليم، أو نقول: الصحة، وسلامة الجسم هي أيضاً هامة في مجال الالتزام بهدى الله، في مجال العمل في سبيل الله، في إقامة دين الله. هذه تساعدنا على فَهم: أن مسألة المرض، أنه لا يصح أن نقول دائماً: المرض، كل مرض ننسبه إلى الله، ونحن نرى في تشريعاته ما هي ذات أهمية كبرى في مجال صحة الجسم.
نحن نرى في تشريعاته ما هي بحاجة للنهوض بها إلى أجسام صحيحة وسليمة، كالجهاد في سبيل الله، هذه متنافية مع أن نقول: أن الله هو الذي يصب الأمراض صباً على الناس، أو الإنسان المؤمن، علامة أنك مؤمن عندما يصب الله عليك الأمراض، والمصائب صباً صباً كما في بعض الروايات. ولهذا تجد أن كثيراً من الأشياء الموجودة في هذه الأرض من النباتات، والمعادن، وحتى الشمس والهواء، يكون لها أثر كبير. أعني: تعتبر أدوية، نسبةً كبيرةً جداً من الموجودات في محيط الإنسان فيها أدوية، هي نفسها تدل على أنه مراد للإنسان أن يكون جسمه سليماً، أن يكون صحيح البدن.
لأن كثيراً من المسئوليات في دين الله تحتاج إلى هذا الشيء، إلى صحة الجسم، إذا كان الجسم منهك تتأثر أيضاً في الغالب. أعني بالنسبة لغالب الناس، تتأثر حتى اهتمامات الإنسان، تقصر نظرته، يكون قريباً من الملل والضجر. إذا كان جسمه سليماً كانت ذهنيته صافية، متفتحة. وفي نفس الوقت تعتبر صحة الجسم نعمة كبيرة على الإنسان، نعمة كبيرة. ويجب أن يعرف أي إنسان منا بأنه، أي نعمة هو فيها بما فيها نعمة الجسم، نعمة صحة البدن، أنه يترافق معها مسئولية. إذا كنت ذكياً، إذا كان لديك حافظة قوية، إذا كان جسمك سليماً فهي تعتبر نعماً يجب أن توظفها في سبيل الله. ودين الله سبحانه وتعالى، والعمل في سبيل إعلاء كلمته مجال واسع جداً يستوعب كل القدرات، ويستوعب كل المواهب، وهذا من النعمة الكبيرة على الإنسان: أن يكون متمكناً من أن يوظف كل طاقاته في مجال تعتبر عائداته كلها له في الدنيا وفي الآخرة، أليست هذه نعمة كبيرة ؟.
إذا لم يتذكر الإنسان هذه النعمة قد يحصل العكس، إذا كان ذكياً، إذا كان عنده نفس طموحة، وذكاء في نفس الوقت، هي حالة إيجابية، إذا وظفها في هذا المجال، إذا لم يوظفها في هذا المجال، إذاً أصبح معرضاً قد يتحول ذكاؤه إلى شر عليه، وعلى الناس، قد يتحول إلى منافق، وغالباً ما يكون المنافقون من طبقة الأذكياء، في الغالب ما يكون المنافقون من طبقة الأذكياء، أما الغبي المسكين هو لا يستطيع بأن يكون عنده خبرة في مجال الذكاء والتضليل أو الخداع، أو أشياء من هذه. لكن الغبي يكون ضحية هذا، متى ما أصبح الذكي منافقاً كان الغبي نفسه عُرضة لأن يضل، لكن بالنسبة لمن نقول: غبي هو في الواقع إنسان قابل لأن تتطور معارفه، وتتفتح ذهنيته، أن يعطيه الله نوراً فيتحول إلى إنسان فاهم، إلى إنسان ذكي.
إذا توجه، ومسألة التوجه هي قضية يعرفها كل إنسان، الذكي من الناس، والبسيط في ذكائه يستطيع أن يفهم، أن يكون مخلصاً لله، أن يكون مستجيباً لله، أن يلتزم بهدي الله، حينها سيحصل على ما وعد الله به من كان على هذا النحو {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}(الأنفال: من الآية29){وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}(الحديد: من الآية28) بنوا إسرائيل عندهم نوع من الذكاء، باقي المؤهلات، باقي مؤهلات، وراثة الكتاب، عندهم نوع من الذكاء، لكن لاحظ كيف أصبحوا يمثلون شراً كبيراً على البشر، وعلى أنفسهم في المقدمة، عندما لم يوظفوا ذكاءُهم في الاستجابة لله، وفي العمل في سبيل الله.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس التاسع – من دروس رمضان]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 9 رمضان 1424هـ
الموافق: 3/11/2003م
اليمن صعدة.