{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: من الآية286) فكل تشريعه وكل هدايته سبحانه وتعالى لا تكون من الأشياء التي تعتبر حتى إلى أقصى طاقة لديك، شيء تستطيع أن تقوم به لكن يبدو مرهقاً جداً بالنسبة لك. لا ، كل تشريعاته ، كل هداياته كلها تكون في داخل دائرة الوسع ، بمعنى بأن ما قد كلف به كلفنا أن ننهض به ، أن نلتزم به ، أن نسير عليه هو مما في وسعنا أن نعمله وكل نفس {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: من الآية286) وقدمت هذه بشكل إقراري ، إقرار من جانب المؤمنين قدمت العبارات ، يعني هكذا ينبغي أن يكون المؤمنون ، ويقول المؤمنون ، فتكون نظرتهم إلى ما شرعه الله سبحانه وتعالى أول شيء : سمع وطاعة، ثم اعتبار بأنه فعلاً ليس فيه ما يجهدنا ، وليس فيه ما ينهك قوانا ، هو ما يزال في وسعنا.
{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} (البقرة: من الآية286) أيضاً لديهم معرفة فيما يتعلق بآثار المخالفة التي تحصل من جانبهم. تجد في تاريخ بني إسرائيل كان بسبب مخالفات معينة، بسبب نقض الميثاق، بسبب تعدي منهم، بسبب عصيان يحصل من لديهم بعد ما تكرر النهي والتبيين لهم، تأتي تشريعات فيها قسوة بالنسبة لهم: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً} (النساء:160) .
فإذا كانت المسألة بالنسبة لنا لم يعد هناك وحي نقول بأنه سيأتي تشريعات قاسية، تأتي التزامات واقعية قاسية، تكون في واقعها قاسية من النوع الذي حكاه الله عن المخلفين من الأعراب {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (الفتح: من الآية16) أليس هذا فيه إلزام وفيه نوع من القسوة عليهم عندما تخلفوا عن القتال مع الباقين قتال الحاصلين الحاصل من الأعداء؟ قد يكون بعضهم عاديين تكون العقوبة أن يلزموا على هذا النحو {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} (الفتح: من الآية16) .
إذاً أليست هذه واحدة من الأشياء القاسية {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (الفتح: من الآية16) على طول {فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} (الفتح: من الآية16) فالقضية هذه لم يغلق ملفها أعني لا يتصور بأنه ما دام ما لم يعد هناك وحي يأتي من جهة الله ، ونبي من جهة الله يشرع تشريعات لكل زمان فتأتي أشياء تبدو قاسية ، الله هو حي قيوم وفي نفس الوقت قد تطرأ أشياء تمثل قسوة في حالة الناس أعني بسبب تفريطهم ، بسبب عدم التزامهم ، عدم اهتمامهم ، قد تحصل أشياء في واقع حياتهم يؤاخذون على التفريط بها ، وتبدو في نفس الوقت فيها مما يعتبر وضعية صعبة.
{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} (البقرة: من الآية286) والإصر: العبئ الذي يأصرك يعني: ما تستطيع تنهض به إلا بجهد جهيد { كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (البقرة: من الآية286) هي قريب من موضوع الإصر{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة: من الآية286) لاحظ هنا المؤمنين لديهم شعور بمسئولية أمام الكافرين بدين الله ، أمام أعداء الله، موقف عملي ، هم يدعون الله أن ينصرهم وأنت مولانا نلتجئ إليك ونعتصم بك ونستعين بك ونتوجه بطاعتنا لك ونطلب منك أن تعفو وتغفر وترحم ..إلى آخره، وبما فيها أن تنصرنا على القوم الكافرين . مثل هذه الأدعية هي أدعية هامة جداً يحاول الإنسان يتعود على أنه في قنوت الصلاة في قنوت الفجر، وقنوت الوتر تكون أدعيته مجموعة من الأدعية الهامة داخل القرآن الكريم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس الثاني عشر – من دروس رمضان]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 12 رمضان 1424هـ
الموافق: 6 /11/2003م
اليمن ـ صعدة.