نبيل الجمل
لا تزال الكارثةُ الإنسانية في قطاع غزة تتفاقمُ يومًا بعد يوم، حتى بعد توقيع اتّفاقيات الهُدنة ووقف إطلاق النار، التي استغلها الكيان الصهيوني كستار لتكثيف سياسة التجويع والإذلال.. فالمأساة التي يعيشُها أكثر من مليونَي فلسطيني محاصرين تؤكّـد أن حرب الإبادة لم تتوقف، بل تحوّلت إلى حرب مركَّبة تشنّ عبر التحكم القاسي بشريان الحياة الوحيد: المساعدات الإنسانية.
إن التقليص المتعمَّد لإدخَال المواد الغذائية والدوائية هو سلاح فتَّاك يستهدفُ المدنيين مباشرة.
وفقًا لتصريحات المتحدث باسم حركة حماس، فإن ما يصلُ إلى غزة من شاحنات إغاثة لا يلبّي الحد الأدنى من احتياجات السكان الأَسَاسية.
والأخطر أن غالبيةَ هذه الشاحنات تُخصَّص للقطاع التجاري وتحمل مواد غير ضرورية في ظل الكارثة الإنسانية المُستمرّة.
هذا التلاعُبُ الخبيث يهدفُ إلى إظهار امتثال زائف للضغط الدولي، بينما يُبقي السكان على حافة المجاعة، في استراتيجية ممنهجة لإطالة أمد الأزمة.
ومع دخول فصل الشتاء ومواجهة البرد القارس والأمطار الغزيرة، تدخل المعاناة مرحلة جديدة من الخطورة.
فالآلاف من النازحين الذين فقدوا منازلهم يعيشون في مخيمات مؤقتة لا توفر الحماية من الظروف القاسية.. هذه الملاجئ غير مجهزة لمواجهة البرد والسيول، وما يصل منها لا يكفي لسدّ جزء بسيط من الحاجة الملحة.
والواقع أن الاتّفاقيات السابقة، بما فيها بروتوكول هدنة يناير واتّفاق شرم الشيخ، قد نصت على إدخَال وحدات سكنية متنقلة (كرفانات)، وهو شرط لم يُلتزم به حتى الآن.
إن استمرار هذه المأساة، مع استمرار القصف والتشريد والحصار، يتطلب تحَرُّكًا دوليًّا جادًّا يتجاوز الشجب والاستنكار.
لقد أكّـد المتحدث باسم حماس على ضرورة تغيير حقيقي في نوعية وكمية المواد المسموح بدخولها، مع التركيز على الإغاثة العاجلة والإسكان المؤقَّت قبل أن تتفاقم الكارثة مع قدوم العواصف.
المطلوب اليوم من أحرار العالم ليس فقط رفع الصوت ضد العدوان العسكري، بل الضغط؛ مِن أجلِ إغاثة إنسانية شاملة تنقذ غزة من الجوع والبرد والمرض، وتضمن حياة كريمة لأهلها الصامدين.
فالسكوت على هذه المعاناة هو تواطؤ مع الجريمة، والوقت ينفد أمام غزة التي تئن تحت وطأة الحصار والنسيان.




.jpg)


.jpg)