يؤكّد السّيد على ضرورة, وأهميّة التدبر للقرآن الكريم, وتفهّمه, واستيعابه, واستشعار عظمته, وشموليّته, وسعته, وهذه دعوة من الله لتأمّل القرآن الكريم, وتدبره حتّى لمن نفوسهم مريضة, ففي سورة النساء الدرس الثامن عشر من دروس رمضان عند قوله سبحانه وتعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾[النساء:82] يتحدث السيد عن هذه الآية فيقول: (هذه الآية من الآيات العظيمة في القرآن نفسه تجد على سعة المواضيع التي تناولها واسع جداً جداً، وتجد ليس فيه اختلاف على الإطلاق ولا من النوع الذي يكون اختلاف على مسافات بعيدة، قد تكون القضيتان يبدو وكأنهما متفقتان أمامك وبعد كم مسافة، لكن تختلف في أثرها هناك على بعد، هذه لا وجود لها في القرآن على الإطلاق، وفي القرآن ما يدلهم على أنه من عند الله والرسول أمامهم يعرفون أنه رسول الله، فلماذا هم على هذا النحو؟ يحكي عنهم ما تعتبر نفسياتهم وكأنهم لا يفقهون حديثاً، ألم يقل هكذا عنهم؟ ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾[النساء: من الآية82] ليفقهوا، أليست هذه دعوة حتى لمن هم نفوس مريضة، أو منافقون ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ أن يتدبروه؟ ليس معناه يأتي ليفسره تفسيرا هذا موضوع ثاني اقرأه بتأمل تجد وهو يتحدث عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يعطي لهذا الرجل قيمة عظيمة وإنه إنسان حكيم وأنه يسير بهدى الله حينها ترجع إلى نفسك تقول: إذاً سأطيعه، أطيعه؛ لأن الله لا يمكن أن يصطفيه ويختاره ويكون بالشكل الذي يكون أحمقاً؛ لأن الله رحيم وحكيم وعليم لا يمكن أن يختار لنا شخصا أحمقا، فهنا سينطلق، لكن إذا ما هناك تدبّر فستكون نفسية الإنسان هناك بعيدة) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
وعند قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾[النساء: من الآية82] يوضّح السّيد سعة شموليّة القرآن الكريم ككتابٍ واحدٍ يتناول كلّ شيءٍ من الماضي, والحاضر, والمستقبل, كتاب للحياة الدّنيا, وللحياة الآخرة, ومع هذا لا يوجد فيه أيّ اختلاف, أو تناقض, أو تعارض على الأطلاق, لا في نصوصه, ولا في معانيه, ولا في غاياته, وأهدافه العميقة والبعيدة فيقول: (تجد اختلافا كثيراً في كتاب يتناول موضوعاً واحداً مما يكتبه الناس، وهو يتناول موضوعاً واحداً، ما بالك عندما يكون هناك كتاب يتناول مواضيع الحياة بكلها، يقدم لك الحياة بكلها حتى ماضيها، كتاب عن الحياة هذه، والحياة الآخرة، عن الماضي والحاضر والمستقبل، واسع جداً جداً، ومع هذا لا ترى فيه اختلافاً على الإطلاق، والإختلاف لا يتوقف فقط على المخالفة في النص؛ لأن عندنا قاعدة أساسها حديث من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) »ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما خالف كتاب الله فليس مني« ليس المخالفة معناها فقط المخالفة النصية الواضحة، هذا شيء، تأتي مخالفة هناك على بعد؛ ولهذا قضية العرض على القرآن قد يكون كثير من الناس ليس بإمكانه إلا أن يعرض ما يعتبر واضحاً في الصورة مثل حديث: [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] و[من قال لا إله إلا الله دخل الجنة] وأشياء من هذه قريبة أمامك، ترى نصها معارضا للنصوص الواضحة أمامك، أحياناً تكون قضايا لا تظهر بأنها مخالفة للقرآن إلا على عمق، على بُعد، بعد ما تعرف أن القرآن الكريم هو كتاب عميق، في نفس الوقت تجد بأن ليس هناك اختلاف داخله، إلى أعمق عمق إلى قعره - مثلما يقولون - إذا يوجد قعر هناك لا يوجد اختلاف في هذه كلها) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
ويبيّن السّيد أنّ الرّسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كان يهدي الأمّة, ويبلغ عن ربّه على أساس القرآن الكريم, وفهمه الشّامل والعميق له, لهذا لا يمكن أن يأتي من عنده أيّ توجيهات تكون مخالفة للقرآن لا في المعنى, ولا في المضمون, ولا في الغاية, ولا في الهدف, ولو على بعد زمنيّ كبير فيقول: (رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو مبلغ عن الله وهادي على أساس كتاب الله، لا يمكن أن يأتي من عنده توجيه للناس وهو بالشكل الذي يخالف القرآن حتى على هذا البعد وعلى هذا العمق لا يمكن على الإطلاق، لاحظ في كثير من كتب الترغيب والترهيب هناك روايات هم يقولون عنها بأنها باهر وعادية تصلح الناس وستجعلهم بعيدين عن المعصية، وأشياء من هذه، لا يلمسون بأنها تخالف القرآن هناك، وبعضها قريب ليس على بعد كم أمتار في العمق، بعضها فعلاً تكون قريبة إذا هناك تأمل لظهرت مخالفة للقرآن) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
ويبيّن السّيد أنّ ميدان القرآن الكريم هو الإنسان, والحياة, وأنّ للقرآن الكريم منهجٌ تربويٌّ ورؤية, ومقاصد, وأهداف يقوم عليها في بناء النّفوس, والمجتمعات, ويوضّح السّيد أنّ ما بين أيدينا من روايات, وأحاديث مما قد تعطي أثراً نفسياً, أو منهجياً مخالفاً لرؤية ومنهجية القرآن الكريم فإنها تعتبر مخالفة له, وليست من الرّسول ولم يقلها, وأحياناً قد تكون صحيحه لكن في قضيّة محدودة, وموضوع معيّن فقط, باعتبار الظّروف والوضّعيات بحيث لا يندرج النّص على شموليّته في الحياة, يوضّح السّيد هذا الموضوع فيقول: (عندما تعرف ميدان القرآن، ميدان القرآن: الإنسان، والحياة. هذه الميادين فإذا كان هناك توجيه معين فاعرف بأن القرآن نفسه هو له رؤية، هو يريد أن يبني الإنسان على نحو معين، نفسيته يبنيها على نحو معين، فله مقاصد وأهداف بالنسبة لنفسيات الناس أعني: عنده منهج تربوي، إذاً فعندما يكون هذا الذي هو رواية وتراها مخالفة هناك، أعني: تعطي أثرا في النفس آخر يتبين أنه مخالف لما يريده القرآن، هذا يعتبر مخالفا وهذا لا يمكن أن يكون صحيحا عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يكون صحيحا عنه كتوجيه عام، إما أنه قد لا يكون صحيحاً نهائياً أو قد يكون صحيحاً لكن قد يكون في قضية محدودة، أو أمام شخص معين، في حالة معينة فقط، مثل ذلك الذي قال له: عظني يا رسول الله، قال: »لا تغضب« ألم يقل له هكذا: »لا تغضب«. وقال لواحد بعد أن شكا عنده موضوع والديه أو أحدهم قال: »ارجع ففيهما فجاهد« هذا خطاب خاص.
وعندما يقول هذا، هو يعرف الشخص هذا ويعرف طبيعته عندما يقول له: »لا تغضب«. وهذا الشخص هو يعرف وضعيته ويعرف وضعية والديه عندما يقول له: »ارجع ففيهما فجاهد« وإذا بهم في الأخير قد هم يريدون: ارجع ففيهما فجاهد، وأبوه صحيح ومعه أولاد كثيرون غيره، وعنده أنه يجاهد لأنه يجلس عند أبيه أو عند أمه! لا يمكن هذا, هذه أيضاً هي تعتبر مقياسا هاما جداً ودقيقا يختلف عن مقاييس أصول الفقه في موضوع التفريع والتشريع الذي يسمونه تفريعات وقضايا مستجدات وأشياء من هذه، أحياناً قد تنطلق تفرع على قضية معينة ولا تدري وتكون النتيجة أنك تطلّع هناك حكماً وإذا هو مخالف لقضية أساسية في القرآن؛ ولهذا كان يظهر في حركة أهل البيت في الماضي كان يظهر فيهم أعلام ويتحركون ولا تدري واشتغلت تلك المسائل التي قد طلعها المفرعون، قد صارت مطبات أمام إقامة دين الله، تفهم أنه في دين الله لا يمكن يأتي تشريع أبداً يبدو متناقضاً أو معارضاً أو يشكل عائقا أمام تشريع آخر على الإطلاق، وإلا لكان هذا ماذا؟ مظهر من مظاهر الإختلاف) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
وهنا يوضّح السّيد أنّ موضوع الإختلاف ليس مرتبطاً باختلاف وتعارض النصوص فقط, بل في الرؤى, والمضامين, والأثر النفسيّ, والتربويّ, مبيناً أنّ ما يتناوله القرآن الكريم لا يخرج عن رحمة الله بعباده, وعلمه, وحكمته, وقدرته فيقول: (ليس الإختلاف فقط في موضوع ما فيه اختلاف في نصه بل في مضامينه في رؤاه، فيما يتركه هناك في النفوس، لا يحصل اختلاف على الإطلاق، يقول لك تأتي تقرأ مجموعة من قواعد أصول الفقه ثم تنطلق تفرع وتشرع، في الأخير يضعون مطبات كبيرة, تجد القرآن يتحرك في أكثر من اتجاه وبشكل عجيب أي تراه في منطقه يراعي أن الله رحيم، مبني على أن الله رحيم وعلى أن الله حكيم وعلى أن الله بكل شيء عليم، وعلى أن الله غالب على أمره، وأنه على كل شيء قدير، وأنه هو الذي خلق الإنسان ولهذا قال: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾[الملك: من الآية14] ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[الفرقان: من الآية6] وأنه غني تجده في كل مضامينه كلها، لا تجد وكأن قضية معينة تبدو تختلف مع أنه رحيم، أو قضية معينة يظهر فيها تتنافى مع أنه حكيم أو مع أنه غني أو مع أنه يعلم الغيب والشهادة، لا يوجد كلها مصاديق يصدق بعضه بعضا، كما قال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في حديث روي عنه، يقدم القضايا بشكل لا يمكن أن تصل إليها ذهنية أحد) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
وهنا يضرب السّيد مثالاً على تحرّك الأمريكيّين الذي يقوم على التّخطيط, والخبرات, والتّنظيم الدّقيق, والدّراسات, وكيف أنّهم يفشلون, ويخفقون في الأخير لأنّه لا يوجد لديهم سعة القرآن الكريم, وشموليّته, وإحاطته بالقضايا من مختلف جوانبها فيقول: (لاحظ الأمريكيين وهم متجهون إلى احتلال الناس، احتلال البلدان أليسوا يبدأون يدرسون قضايا ويضعون خططاً ويفكرون، وخطط بعضها تستمر سنين يدرسونها ويطورونها ويعدلونها وأشياء من هذه، وما تدري واكتشف عندهم أخطاء كبيرة تعيقهم في مسيرتهم أخطاء كبيرة جداً؛ لأنها كانت قضايا ليسوا محيطين بها ولن يستطيعوا أن يحيطوا بها من كل جهة، لاحظ كيف هم الآن هناك في العراق محرجين إن حاولوا أن يكون هناك أمن معنى هذا لازم حكومة، يعني يقوم في العراق دولة وهم لا يريدون هذا، وإن جاء قلاقل داخلها بهذا الشكل فسيكون معناه برهنة على أنهم لم يحققوا للناس ما يدعون أنهم يريدون تحقيقه من تغيير أنظمة ويكون هناك وضع مستتب وأمن مستقر إلى غيره، وضعية الآن محرجة فعلاً لا يحبون حصول أمن؛ لأنه سيأتي طلبات دستور وحكومة وانتخابات وأشياء من هذه وهم معهم نوايا أخرى، وأن يكون بهذا الشكل وضع مقلق جداً لهم؛ لهذا يحاولون كيف يصرفون الأشياء يحرفونها يقول لك: بقايا نظام ويقول: هناك أناس دخيلين من سوريا ومن السعودية، من أفراد آخرين؛ لأن لا يحصل عند الشعوب الأخرى فكرة تحول دون قابلية أمريكا لتحررهم كما تقول، معناه أمريكا بعدها وضع قلق على طول لا يكون هناك استقرار أمني، الناس سيفهمون هذه، يحاولون يوحون للناس، لا، هذا ليس من جهة العراقيين هذا من جهة الآخرين دول تتدخل، أليسوا يحاولون يركزون على هذه؟ ولن يحاولوا أن يكون هناك أمن؛ لأنه إحراج لهم) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
ويضيف السّيد أنّ هذا التّحرّك الأمريكيّ الذي يقوم على أساس المعلومات, والتّخطيط, والدّراسة, والبّحث يفشل في الأخير, لأنّه لا يمكن لأمّة مهما كان لديها من خبرات, وخبراء, وإمكانات, وقدرات أن تحصل على شيء مقاربٍ للقرآن الكريم فيقول: (إذاً فتحركوا بكل قواتهم بعد التخطيط وبعد هذه الأشياء وإذا هم في وضعية حرجة، فيحاولون أن يحملوا المسئولية أطراف أخرى، أن إيران تتدخل أن السعودية تتدخل وسوريا وتنظيم القاعدة وبقايا النظام السابق، في الأخير يعملون مع الشعوب الأخرى بهذه الحجة: أنهم يتدخلون لا يريدون للعراق أن يكون هناك مستقراً، أعني: أنهم أمة يقيمون أعمالهم على أساس تخطيط وتنظير، معهم منظرين سياسيين معهم مخططين مهندسين يسمونهم في السياسة ومعهم خبراء ومعلومات كثيرة عن المجتمعات عن الدول عن النفسيات لكن تراهم يخفقون، لا يمكن لأمة أن يحصل لها على الإطلاق لا خبرات ولا خبراء ولا أي شيء يكون مقاربا للقرآن هذا على الإطلاق، إنه خسارة كبيرة أن تكون الأمة هذه تراها في وضعية سيئة ووضعية جهل مفرط، والقرآن بين أيديهم) سورة النساء الدرس الثامن عشر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.