وفي هذا الدّرس الّذي يعتبر من الدروس الأخيرة للسّيد "رضوان الله عليه" يبيّن فيه أهميّة وعظمة ما قدّمه القرآن الكريم من هدى وبيّنات واسعة وشاملة من (سورة البقرة) إلى (سورة الأعراف) فقط, موضحاً أنّ الطريقة التي يجب أن يقدّم بها ومن خلالها القرآن الكريم هي الطريقة العمليّة الّتي تعطي الناس أملاً وثقةً بالقرآن الكريم, وتقدّم لهم الرّؤية الصحيحة, والبنّاءة, والعمليّة في عمليّة بناء الأمّة والنّهوض بها, حتّى لا تبق الدعوة للعودة إلى القرآن الكريم دعوة عائمة وضبابيّة كما هو المألوف في دعوة الحركات والمذاهب, ويؤكّد السّيد على أهميّة وضرورة التّسليم المطلق لله سبحانه وتعالى, والقناعة بالطاعة والإمتثال, لأنّ التسليم لله هو باب الحصول على العلوم والمعارف الواسعة, مبيّناً أنّ من رحمة الله بعباده أنّه يصطفي لهم أعلاماً يهدونهم بالقرآن الكريم فيقول: (الاهتداء بالقرآن - كما نقول - يجب أن نقدمه للناس بالشكل الذي يعطيهم أملاً، يعني كيف رؤية الإسلام في بناء الأمة، هذه قضية، كيف رؤية القرآن في بناء الأمة، تبدأ مننا نحن، عندما نقدمه في أوساطنا، لا تبقى عبارة: [كتاب وسنة] مثلما هو سائد، أليس هو السائد في المجتمع [كتاب وسنة]؟ لكن قد هم عارفين أن كل واحد يرجع إلى الكتاب يأخذ منه الذي على كيفه وخرج ولم يقدم شيئاً، والآخرين مثله، قد ملوا الكلمة هذه، كيف تقدم رؤية يفهم الناس فعلاً بأنها رؤية بنَّاءة للأمة، تمثل حلاً أمام الخطورة الكبيرة التي تواجههم.
القضية هي تحتاج إلى تسليم، مثلما ذكر الله في كثير من الآيات السابقة، ونحن ما قد قرأنا إلاّ إلى سورة [الأعراف] فقط، كم يوجد داخل كتاب الله بشكل كبير موضوع التسليم لله، والتسليم لله بمعنى أنه يخليك تنضبط، وتعرف كيف تسير على هداه، وإذا ما تزال عند نفس واحد هو يريد يقدم نفسه هو شخصياً، يريد.. يريد.. يريد يكون هو الذي يعرف هو، هو الذي لازم هو بطريقته، وأنه عبقري، وأنه.. وأنه، هذا الذي عانت منه الأمة إلى الآن، هذه الفكرة هي التي عانت منها الأمة إلى الآن، والدنيا ملان مجتهدين [ومفنقلين] وعباقرة، وما عملوا شيئاً، ولم يقدموا للأمة أي حل نهائياً.
قدم الموضوع أنه بالشكل الذي يعطي الناس معارف واسعة، ليس معناه أنه بشكل يجعل الأمة ناس جهلة، تعطيهم معارف واسعة، وحكمة، وتزكية للنفوس في إطار بناء صحيح، أليست هذه رؤية القرآن نفسه؟ فعلاً. فعندما يأتي واحد هو يرى أنه ما استطاع أن يقدم القرآن تماماً، ويفهم منه تماماً مثلاً، مثل فلان، أو فلان، يفهم بأن القضية ليست على أساس أنه هو لا قيمة له عند الله، أنه من أجلك، ومن أجل هذا، ومن أجل الآخرين الله يعمل الطريقة هذه، يصطفي نبي، اصطفى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ ليكون على أعلى مستوى؛ ليقدم ما عنده من مؤهلات، وما عنده من علم ومعرفة كلها للناس، أليس هكذا؟.
نحن نقول: إن القضية أن نسلم أنفسنا لله، نحصل على المعرفة، على العلم، على نفوس زاكية، إذا برز الإنسان بنفسه سيخسر علماً كثيراً، ومعارف واسعة، ستفوتك معارف كثيرة جداً عندما تنفرد بنفسك؛ لأن الله هو أعلم بك من نفسك، وهو الذي يؤتي العلم هو، أنت تريد أنت من جهة نفسك تحصل على علم من جهة نفسك فيما يتعلق بموضوع الهداية والثقافة، بدل أن تخسر من هو محيط بكل شيء علماً ومن قال لنبيه: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾(طه: من الآية114) أليس رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) إنسان اصطفاه الله، وأكمله، ويعلمه بأن عليه أن يتوجه إلى الله؛ ليحصل على العلم من عنده هو ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾.
وأعتقد في هذا الكفاية لحد الآن - لأن الكثير ربما قد يسافرون الصباح - أنه قد اتضح لنا من خلال الذي قد قرأناه من القرآن، وهي سور محدودة من [البقرة] إلى أول سورة [الأعراف] وما يزال نسبة بسيطة من القرآن، ألم يتضح لنا عظمة القرآن؟ اتضح لنا فيها سعة ما يتناوله، اتضح لنا فيها أنه ملامس لواقع نفوس الناس، وحياة الناس، أنه كتاب حياة، اتضح لنا فيها بأنه لم يقدم كدستور مفصول عمن قدمه كما هو شأن الدساتير التي تصاغ في الدنيا، قد تقرأ أي دستور من الدساتير ولا تدري من هو الذي كتبه، من الذي صاغه! اعرف ما هناك ارتباط بشخصه، هو يقدم قوانين، مواد، مادة كذا، مادة كذا، إلى آخره.
القرآن ألم نلمس بأن فيه الله بشكل واسع؟ يعني: اسمه في داخله بشكل واسع، توجيهاته، وليس مشابهاً للدساتير والقوانين، ماذا يعني هذا؟ أن الذي أسماؤه داخل القرآن هو الحي القيوم، يعني: أن القرآن غير مفصول عنه على الإطلاق، غير مفصول عنه نهائياً، إذا فهمنا القضية هذه، وحاول الإنسان أن يدعو الله في بقية هذا الشهر، ندعو الله أن يهدينا، أن يبصرنا، أن يرشدنا بكتابه، أن يعيننا على أن نهتدي بكتابه، أن يعيننا على أن نقدم كتابه للآخرين يهتدون به، هذا هام جداً في بقية الشهر هذا؛ لأنه من أحسن الأوقات للدعاء، وليهتدي الإنسان هو نفسه, ونحن نقول: هي قضية أساسية فيما بينه وبين الله، يعني: إفهم بأن باستطاعتك أن تعمل هذه، ليس على أساس أنك منتظر ماذا يمكن أن يأتي من كلام، ثم بعد تنظر، هل تقطع مع الله فيما بينك وبينه، التزام بأن تسير على هداه، وتسلم نفسك له، هذه القضية بإمكان واحد يبدأها حتى من بعدما يسمع [الفاتحة].
إذا كان على هذا النحو يمكن فعلاً أن يحصل على هدى، ويهتدي، إذا جلس هكذا ما زال مرجح، ما زال منتظر يعين كيف... لما ينجح الموضوع، في الأخير ربما ينجح الموضوع ولا يهتدي، ثم عندما ينجح القرآن، وقد قدم لك بطريقة هامة، ما هو الذي أنت ما زلت منتظراً أنك تهتدي به ولم يعد بإمكانك أن تهتدي به؟ ربما فعلاً قد لا يعد يهتدي الإنسان، تكون القضية من البداية يستطيع الإنسان بأنه يقطع مع الله، والتزام ويطلب منه أن يعينه، أنه سيهتدي بهداه، ويسير على كتابه، على ما هداه إليه كتابه) سورة الأعراف الدرس السابع والعشرون من دروس ومضان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.