لاحظ كيف انتهى المشوار الذي قد يكون عند الآخرين يعني الضياع والابتلاء والمصائب والمشاكل، فعلاً أدى بموسى ذلك الموقف إلى أن يصل إلى هذه الحالة، لكنه ارتبط بمن لا يضيع أولياءه، ارتبط بالله الذي لا يضيع أولياءه، ألم يصل موسى إلى درجة الصفر؟ {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} يبدأ المشوار التصاعدي الذي يبرهن على أن الله لا يضيع أولياءه من بعد تلك الحادثة {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} (القصص: من الآية25) ما هذا بداية المشوار أن يحصل على الرعاية؟ {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (القصص: من الآية25) انطلق {فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ} (القصص: من الآية25) أليس هذا أول نعمة؟ وأول ما حظي به؛ لأنه وثق بالله؟ هل فكر عندما رأى نفسه لا يمتلك شيئاً أن يعود من جديد إلى فرعون ويعتذر مما صنع؟ أم أنه كان في تلك الحالة عظيم الثقة بربه فلم يضيعه الله، فبدأ مشوار الرعاية الإلهية من هنا.
تحقق له الأمن {لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (القصص: من الآية25) ثم ماذا؟ زوَّجه بإحدى بناته، وبقي عنده فترة طويلة، ثم بعد ذلك يتوجه إلى مصر بأغنامه، بمواشيه مع زوجته، ثم في الطريق حتى لا يعود إلى مصر إلا وهو في أعلى مقام يمنحه الله سبحانه وتعالى، خرج من المدينة خائفاً يترقب أليس كذلك؟ إنساناً عادياً فليعد نبياً يهدد جبروت وملك ذلك الطاغية، فتأتيه النبوة في الطريق، لماذا لم تأته النبوة وهو في بيت شعيب؟ أو ينتظر الموضوع حتى يصل مصر؟ في الطريق، مشوار تصاعدي نحو الكمال الإلهي والرعاية الإلهية، مصاديق الرعاية الإلهية، الدلائل العظيمة على أن الله لا يضيع أولياءه، تأتيه النبوة في الطريق فيدخل مصر وهو رسول لله، رسول لله واثق من الله، يرى أن غاية تلك الرسالة قد تكون في الأخير هو أن ينتهي ذلك الجبروت وذلك الظلم.
خرج خائفاً فيعود إلى مصر فيدخل قصر فرعون ويطالب فرعون بتوحيد الله وعبادته، ويطالبه أيضاً بتحرير بني إسرائيل {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُم} ْ (طه: من الآية47).
القضية التي أهمته في البداية هاهو يعود لتحقيقها والمطالبة بها وهو في أرقى مستوى، أليس الله معه هنا؟ {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُم} تأتي مسيرة النبوة في مصر .. وماذا يحصل؟ في الأخير يحكي الله عن تلك المرحلة في تلك الآية العظيمة التي هي عبرة للناس جميعاً {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} (القصص:6) يقول هذه قبل بداية القصة {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} (القصص: من الآية7) ثم تكلم عن القصة. ما الذي حصل؟ ألم ينته جبروت فرعون وهامان على يد موسى؟ ألم ير أولئك المستضعفون فرعون وقومه في أعماق البحر؟ هذه رعاية إلهية تكون لأوليائه، ومثل يضربه الله للسائرين على هديه.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(مسؤولية طلاب العلوم الدينية)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه.
بتاريخ: 9/ 3/2002م
اليمن – صعدة.