مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

فشهر رمضان المبارك هو محطة تربوية عظيمة جدًّا، نحن أحوج ما نكون إليها، تعالج الترسبات السلبية والسيئة في النفوس، وتجلو صدأ القلوب، قلوبنا تصدأ، حسب التعبير المحلي [تُذَحِّل]، يطرأ عليها الصدأ، من الأخطاء، والمعاصي، والذنوب، والتأثيرات، ما يتأثر به الإنسان سلباً من الواقع، وتجلو صدأ القلوب، وتسمو بالنفس البشرية، وتحيي المشاعر الإيمانية، تحيي في الوجدان الشعور بالقرب من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هذا يضفي على الإنسان حالة الاطمئنان بشكلٍ كبير، والإنسان بحاجة إلى ذلك.

الإنسان في قيمه وأخلاقه، التي هي فطرية فطره الله عليها، ولكن يتأثر الإنسان بما يُؤَثِّر حتى على فطرته، وعلى أخلاقه، وعلى قيمه، تأتي التعليمات الإلهية، وتأتي البرامج الإلهية من مثل صيام شهر رمضان، لتساعد الإنسان على السمو الإنساني، بالقيم والأخلاق، تُنَمِّي فيك مكارم الأخلاق، تروضك على مكارم الأخلاق، تشدك إلى مكارم الأخلاق، تعزز من حالة انسجامك النفسي مع مكارم الأخلاق؛ وبالتالي المقت للمعاصي، والكره للفسوق والعصيان، والبغض للأعمال السيئة، وللمذام والأشياء السيئة، وهذه المسألة يحتاج إليها الإنسان في السمو بنفسه، والحفاظ على إنسانيته وإيمانه ودينه.

فهذا الجانب له أهمية كبرى، ولهذا أتى لفت النظر إلى هذه المسألة؛ باعتبار أن هذا الجانب له علاقة مباشرة في تحقيق التقوى، كلما زكت نفوسنا، وَطَهُرت قلوبنا؛ كلما كان لذلك أثر على أعمالنا، كلما كُنَّا أكثر قابليةً لهدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، لتعليماته "جَلَّ شَأنُهُ"؛ وبالتالي نتجه إلى طاعة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فنأتمر بأوامره، وننتهي عن نواهيه، وهذا يحقق لنا التقوى.

التقوى تتحقق لنا بأن نطيع الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" فيما أمرنا به؛ فنأتمر لأمر الله، وأن ننتهي عمَّا نهانا الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هذا يقينا من عذاب الله، يقينا من العواقب السيئة للمخالفة لأوامر الله ونواهيه، يقينا من النتائج والتبعات السيئة، والعواقب الوخيمة لمعصية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" فيما أمر، أو فيما نهى.

أعمال الإنسان لها نتائج وتأثيرات وعواقب، وعليها جزاء، هذه مسألة لا مناص منها أمام كل مُكَلَّف، الإنسان تجاه أوامر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ونواهيه يحاسب، يجازى، لابدَّ من ذلك، هناك تأثيرات مباشرة لعواقب في الدنيا، وعقوبات في الدنيا، وعقوبات رهيبة في الآخرة؛ ولذلك الإنسان بحاجة إلى التقوى، إلى ما يقيه من العواقب السيئة، لأعماله السيئة، أو لتفريطه تجاه أوامر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فيما أمره الله به من أمور مهمة، فيها نجاته، فيها الخير له، فيها الوقاية له، فيها العزة له، فيها الخير الواسع له في الدنيا وفي الآخرة.

يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، وما أعظم نداءات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم! هذا النداء الذي تكرر كثيرا في القرآن، نداءٌ ممن؟ من الله، من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأول ما ينبغي على الإنسان المسلم أن يأخذه بعين الاعتبار تجاه مثل هذه النداءات: أن يتذكر أنها من الله، ليست نداءات عادية، الذي ينادينا بهذه النداءات في القرآن، وتكررت كثيراً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، هو الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ربنا، رب السماوات والأرض، أرحم الراحمين، الذي ينادينا، ويوجهنا، ويرشدنا، ويأمرنا بما هو خيرٌ حقيقيٌ لنا، ومؤكدٌ لنا، لا شك فيه ولا لبس فيه، ولذلك مجرد هذا النداء يجب أن يلفت أنظارنا؛ لأن الله عندما ينادينا إلى شيء فهو مهمٌ لنا، ونحن بحاجةٍ إليه، الله غنيٌ عن أعمالنا، {هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه، فهو ينادينا ليوجهنا وليأمرنا، وليرشدنا، وليلفت أنظارنا إلى ما فيه الخير لنا، ونحن بحاجةٍ إليه، وفي الإخلال به خللٌ علينا، ضرر علينا، عواقب سيئة علينا نحن.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: الآية183]، فيبين لنا أن فريضة صيام شهر رمضان هي فريضة بمعنى الكلمة، يعني: فريضة ملزمة، ليست عملاً تطوعياً، هي من فرائض الله؛ ولهذا كان موقع هذه الفريضة في الإسلام أنها ركن من أركان الإسلام، لها هذه الأهمية، ولها هذا الموقع، الذي يبين لنا خطورة التفريط بها، خطورة العصيان لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والتفريط في صيامها، من غير عُذرٍ شرعي.

{كُتِبَ}، وهذه من حكمة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": كلما كانت الأمور ذات أهمية ضرورية لنا، جعلها الله إلزامية، هذا مما يساعدنا أصلاً، يساعدنا على الالتزام؛ لأن كثيراً من الناس يحتاج لكي يهتم بموضوع مُعَيَّن أن يكون إلزامياً، إذا فرَّط فيه تكون العواقب خطيرة، والجزاء شديد، وإلَّا لو كان الترغيب إلى أي مستوى دون إلزام، فالبعض من الناس لا ينفع فيه شيء، لا يتفاعل يعني، حتى لو كان حجم الترغيب كيفما كان، أن تكون الأمور المهمة إلزامية للإنسان هذا يساعده على القيام بها، وفي نفس الوقت للمسألة أهمية بالفعل، يعني: التفريط بها يمثل خطورة على الإنسان؛ لأنها من الضروريات التي يحتاج إليها الإنسان- كما قلنا- لأمرٍ مهم.

{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}؛ لأن الله شرعه للأمم من قبلنا، في الرسالات الإلهية السابقة؛ لأن بعض الأمور هي حاجة للبشر على مر العصور، في المجتمع البشري كمجتمع بشري، بخصائصه النفسية، بما يواجهه في الحياة، بطبيعة وظروف حياته، له متطلبات مشتركة في كل زمن، يحتاج إليها الناس في كل عصر، في كل زمان ومكان؛ ولذلك تبقى، وإن اختلفت بعض الكيفيات فيها، بعض الأشياء المرتبطة بها، بعض التشريعات المرتبطة بها في الرسالات الإلهية، بحسب ظروف الناس وتغيرات الواقع البشري، لكنها أمور مشتركة، وذات أهمية للجميع.

{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فكان من أول ما لفت الله نظرنا إليه، ونبهنا عليه، هو: هذه الثمر المهمة للصيام (التقوى)، {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، العطاء التربوي لهذه الفريضة المباركة المهمة هي: أنه يساعدنا على التزام التقوى.

في صيام شهر رمضان، نتعلم من هذه المدرسة المعطاءة التربوية قوة الإرادة، وهذا شيء مهم للإنسان في كل حياته، في كل ما يواجهه في الحياة، وأيضا في أداء مسؤولياته في هذه الحياة كما ينبغي، في الالتزام بدين الله وأمره ونهيه، والطاعة لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، نحتاج إلى قوة الإرادة، وهذا من أهم ما في الإسلام: أنه يربي على قوة الإرادة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
من نص كلمة قائد الثورة تهيئة لشهر رمضان المبارك 1445هـ - 2024م


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر