مما تميَّزت به جريمة القرن التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في هذا العصر: أنها تُبث في وسائل الإعلام، ويشاهدها العالم، ويشاهد مجرياتها وتفاصيلها الفظيعة، الرهيبة، الوحشية، ليست جريمةً على وجه الخلسة، أو أتت في لحظة زمنية عابرة، ولم ينتبه المجتمع البشري إلَّا وقد مضت وانقضت، بل هي إجرامٌ مستمرٌ يوميٌ إلى هذا المستوى: أكثر من سبعمائة يوم، وبشكلٍ بشعٍ جدًّا، وفظيعٍ للغاية، ويشاهدها العالم في التلفزيونات، في القنوات الفضائية، تنشر المشاهد الحيَّة لها؛ ليشاهدها الجميع، مشاهد رهيبة جدًّا ومؤلمة:
- مشاهد القتل للأطفال: سواءً بالغارات، بالاستهداف بالصواريخ من الطائرات المسيَّرة، بإطلاق النار، بالقنص، كم هناك من تفاصيل ومشاهد نشرت، كل مشهدٍ منها يدمي القلب، كل مشهدٍ منها كافٍ في أن يجرح الضمير الإنساني، وأن يحيي الشعور بالمسؤولية لدى كل إنسان بقي فيه ذرةٌ من الإنسانية.
- مشاهد للاستهداف للنساء كذلك، ومعاناتهن، ومظلوميتهن في قطاع غزَّة، كل مشهد لكل امرأة- مما نشرته وسائل الإعلام- كافٍ بأن نشعر جميعاً بمسؤوليتنا في أن يكون لنا موقفٌ مسؤولٌ، إنسانيٌ، أخلاقيٌ، دينيٌ، تجاه ذلك الإجرام الفظيع، في مقابل ما يعانيه الشعب الفلسطيني، الذي هو جزءٌ من المجتمع البشري، جزءٌ من المسلمين والعالم الإسلامي، جزءٌ من العرب، كل مشهد مؤثِّر جدًّا.
- الاستهداف للكبار والمسنين، كذلك للشباب... لكل فئات الشعب الفلسطيني.
- الاستهداف للأطباء، للمستشفيات، للمرضى، للجرحى.
- المعاناة الرهيبة من التجويع حتى الموت، حتى الارتقاء في الشهادة، وفي المقدِّمة: الأطفال، الذين هم الأكثر معاناةً، والأكثر تضرراً من جريمة التجويع.
- وهكذا الاستهداف بالتعطيش، والاستهداف لأبناء الشعب الفلسطيني، حتى للأطفال حينما يذهبون لجلب الماء بصعوبة بالغة، وفي إطار مخاطر كبيرة على حياتهم.
إجرام رهيب جدًّا، وفظيع للغاية، وعدوان كبير لا مثيل له في كل أنحاء المعمورة.
- أيضــــاً في الاستهــــداف للمقــــدَّسات:
مثلما العدو الإسرائيلي دمَّر مئات المساجد في قطاع غزَّة، أكثر من ثمانمائة مسجد، هو يركِّز أيضاً على القدس، وعلى المسجد الأقصى، الذي هو من أهم المقدَّسات الإسلامية، ومن أعظمها شأناً، وقدسيةً، وأهميةً، ومكانةً في الإسلام.
العدو الإسرائيلي يستمر في الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى، وهي- كما قلنا- بهدف الترويض للمسلمين؛ حتى تصبح هذه المشاهد مشاهد اعتيادية، لا تثير سخطاً، ولا غضباً، ولا انفعالاً، ولا يبنى عليها ردة فعل، ولا ينتج عنها موقف، بل تصبح من المشاهد التي لا تحرِّك في نفوس المسلمين أي شعور بالمسؤولية، ولا أي استفزاز، وتتحوَّل المسألة وكأنها عادية، وكأنهم يتجوَّلون في أي شارع من الشوارع العادية في أي بقعةٍ من بقاع الأرض.
هذا شيء خطير جدًّا، هذا من التدني الديني، والإنساني، والأخلاقي في واقع المسلمين: أن تصبح الاستباحة لمقدَّسٍ من مقدَّساتهم، لِمَعْلَمٍ من معالمهم الدينية المقدَّسة، أن تكون الاستباحة له بذلك الشكل اليومي مسألة اعتيادية.
وهذا جزءٌ من التكتيك اليهودي الصهيوني، الذي يستخدمه العدو الصهيوني في استهدافه للأُمَّة، في عدوانه على الأُمَّة، في مخططه الصهيوني: عملية الترويض، وعملية التأثير على الحالة النفسية، والشعورية، والوجدانية في واقع الأُمَّة، بأساليب كثيرة، ووسائل متعدِّدة، منها: الجانب الإعلامي، الجانب التثقيفي... مختلف الجوانب التي يعمل من خلالها وهو يستهدف الأُمَّة بالإضلال وبالإفساد؛ لكي يفرِّغها من محتواها الإيماني، والإنساني، والقيمي، وتتحوَّل إلى أُمَّة ليس لديها إباء، ولا عِزَّة، ولا كرامة، تتحوَّل إلى أُمَّة مدجَّنة بكل ما تعنيه الكلمة، العدو يسعى إلى أن يصل بالأُمَّة إلى هذه الحالة: أن تكون أمةً مدجَّنة، لا يستفزها شيءٌ لا في دينها، ولا في دنياها، يستهدف معالمها المقدَّسة؛ فلا تُسْتَفز، ولا تستشعر المسؤولية في أن يكون لها موقف، يحتل أرضها، أوطانها، يقتل أبناءها، يهتك حرماتها، يرتكب الجرائم ضدها، وتكون المسألة مسألة اعتيادية، جزءاً من المشاهد اليومية المعتادة، وكأننا في غابة، وكأنَّ العرب فيها هم الفرائس والطرائد التي تفترسها الوحوش، ويكون الموقف هو الموقف الاعتيادي اليومي على فريسةٍ افترست هناك، في جزءٍ من الغابة، أو ناحيةٍ منها... وهكذا، مشهد الغزلان والظباء، والثيران، وهي تتفرَّج على تلك الحالة، ثم تنصرف عنها في مرعاها، دون انتباه، دون أخذ الحيطة والحذر، والاستعدادات العملية لدرء الخطر، هذه هي الحالة المؤسفة جدًّا!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس 19 ربيع الأول 1447هـ 11سبتمبر 2025م