بل العدو الإسرائيلي يرى في القواعد الأمريكية- في أي بلد- أنها أيضاً مِمَّا يفيده هو، مِمَّا يسهِّل عليه مهمة العدوان، والنفوذ العسكري الأمريكي والاستخباراتي وغيره، يعني: عسكرياً، استخباراتياً، سياسياً، هو بالشكل الذي يسهِّل للعدو الإسرائيلي أي عدوان على أيِّ بلدٍ يستهدفه، مِمَّن كان يؤمِّل أن تكون علاقاته العسكرية، والاستخباراتية، والسياسية، والاقتصادية بالأمريكي، ستكون عاملاً مهماً في حمايته، والدفع عنه؛ والأمريكي- من جانبه أيضاً- لا يعطي ذلك أي اعتبار؛ لأنه يركِّز- بالدرجة الأولى- على الدعم المطلق والمفتوح للعدو الإسرائيلي، وهو شريك في المخطط الصهيوني، يعتبر نفسه معنياً بتنفيذ المخطط الصهيوني مع العدو الإسرائيلي.
معنى ذلك: أنَّ تلك القمة كان ينبغي أن تكون لها مخرجات عملية، وهل واقع هذه الأُمَّة بكلها، بكل ثقلها، أمة الملياري مسلم، بكل قدراتها، وإمكاناتها، ومواقعها الجغرافية، بكل ما تمتلكه من عناصر قوَّة وإمكانات، هل وصلت إلى مستوى أنَّه لم يبقَ لها فرصة ولا خيار لاتخاذ أي موقف عملي؟! ليست المسألة كذلك، ليست المسألة كذلك، المسألة مختلفة، في الحد الأدنى يمكننا أن نقول: أنَّها لم تتوفَّر الجِدِّيَّة ولا الإرادة الصادقة لاتِّخاذ موقفٍ عملي، بغض النظر عن خلفيات ذلك:
- من تؤثِّر عليه الارتباطات بالأعداء، فهو يعمل لمصلحتهم أكثر من أُمَّته.
- أو من هو متخاذل.
- أو من هو خائف وضعيف.
- أو من لديه أيضاً مؤثِّرات وعوامل ناتجة عن هذه العلاقات في داخل الأُمَّة...
أو غير ذلك من الأسباب، (تعدَّدت الأسباب والموتُ واحد)، المشكلة واحدة، الكارثة كبيرة على هذه الأُمَّة، أن يجتمع من يقولون عن أنفسهم أنهم قادتها، ثم يمثِّلونها بكل ما تمتلك من قدرات، وفي مقابل معادلة خطيرة يسعى العدو الإسرائيلي لتثبيته على كل هذه الأُمَّة، وعبَّر صريحاً بذلك، تكلَّم بكل وضوحٍ عن ذلك، في أيِّ زمان ومكان، عبارة واضحة: [تغيير الشرق الأوسط]، عبارة واضحة وجليَّة، ثم لا يكون لهم موقف فعلي!
هناك مواقف متاحة، هي- بالنسبة لهم- هي متاحة وبسيطة، في معيار الممكن، ومع ذلك لم يتَّجهوا إلى أيٍّ منها، نذكر على سبيل المثال عِدَّة خيارات:
- في مقدِّمتها: قطع العلاقات مع العدو الإسرائيلي:
البعض من هذه الأنظمة العربية، والبعض في العالم الإسلامي، يرتبطون مع العدو الإسرائيلي بعلاقات دبلوماسية، وعلاقات اقتصادية، وعلاقات سياسية، وعلاقات استخباراتية وأمنية، وعلاقات متنوعة، لديهم فعلاً هذه العلاقات، لم يصل بهم الحال أن يعلنوا في تلك القمة، كزعماء لهذا العالم الإسلامي كما يقدِّمون أنفسهم، وأنهم يمثِّلونه، أن يعلنوا قطع علاقاتهم بكلها مع العدو الإسرائيلي، والمقاطعة الكاملة له: سياسياً، دبلوماسياً، اقتصادياً، واستخباراتياً... وما أشبه ذلك.
هذه خطوة ممكنة، ومؤثِّرة، ذات تأثير عملي، ذات تأثير على العدو الإسرائيلي؛ لأن العدو الإسرائيلي هو المستفيد من تلك العلاقة بأكثر مِمَّا يستفيدون هم، هو المستفيد اقتصادياً، هو المستفيد استخباراتياً، هو المستفيد بشكلٍ عام نتيجةً لتلك العلاقات؛ أمَّا هم فهم خاسرون، هي خسارة عليهم، تلك العلاقة هم فيها الطرف الخاسر وليس الرابح بكل الاعتبارات، ولا يتَّسع الوقت للحديث عن تفصيل هذه الجزئية.
- كان بإمكانهم أيضاً أن يعلنوا إغلاق الأجواء على العدو الإسرائيلي؛ لأنهم أباحوا له أجواء بلدانهم:
البعض منهم قد اتَّخذ هذه الخطوة، في إعلان إغلاق أجوائه أمام العدو الإسرائيلي؛ لكن لا تزال هناك دول وأنظمة لا تزال مبيحةً أجواءها للعدو الإسرائيلي.
- كان بإمكانهم أن يعلنوا رفع التصنيف بالإرهاب للمجاهدين الفلسطينيين، لكتائب القسَّام، لحركة حماس، لبقية الفصائل الفلسطينية: حركة الجهاد... وغيرها من الفصائل الفلسطينية، التي سبق لهم وأن صنَّفوها بالإرهاب:
كان بإمكانهم أن يرفعوا هذا التصنيف، وهذا مزعج للعدو الإسرائيلي، وأن يفتحوا المجال بالتَّوَجُّه الإيجابي نحو الإخوة المجاهدين في فلسطين.
- كان بإمكانهم أن يعلنوا عن تقديم ويقدِّموا- يعلنوا ويقدِّموا- الدعم المادي، والسياسي، والإعلامي للشعب الفلسطيني مع مجاهديه:
وهذه خطوة متاحة لهم، انظروا كيف هي القمم الأوروبية، وما هي مخرجاتها، تجاه مسألة أوكرانيا، مع الفارق الكبير فيما بين مسألة أوكرانيا وقضية الشعب الفلسطيني العادلة، لكن في القمم الأوروبية مخرجات يعلنون عن مليارات، أحياناً عن مئات الملايين، وأحياناً عن مليارات من المبالغ المالية (باليورو، أو بالدولار)، عن أسلحة، عن إمكانات اقتصادية يقدِّمونها لأوكرانيا.
لماذا لم تخرج هذه القمة بدعمٍ معلن للشعب الفلسطيني: دعم مالي، دعم سياسي، دعم إعلامي... دعم على كل المستويات؟ وهذه خطوة متاحة.
- كان بإمكانهم أيضاً أن يتيحوا المجال لشعوبهم لتتحرَّك أكثر:
لأن كثيراً من الأنظمة حظروا على شعوبهم أي تحرُّك شعبي لمناصرة الشعب الفلسطيني، ويمنعونهم من ذلك، ويجرِّمون أي تحرُّك، ويعاقبون عليه بالسجن، ويعاقبون عليه بالمال، وهناك مخاطر في بعض البلدان حتى من مخاطر القتل.
- كان بوسعهم أن يوقفوا نفطهم على العدو الإسرائيلي؛ حتى لا يحرِّك آلياته ببترولهم العربي، ولا يحرِّك طائراته بالوقود العربي.
خطوات كثيرة كانت متاحةً لهم، لكنَّهم لم يتَّجهوا لأيِّ موقف عملي مِمَّا هو متاح، يعني: لم نقل لهم: [اذهبوا وحاربوا العدو الإسرائيلي]، لكن لماذا لا تقطعون علاقتكم به؟ لماذا لا توقفون دعمكم له، تعاونكم معه؟ لأن طبيعة علاقتكم به هي علاقة تعاون، هي علاقة دعم للعدو الإسرائيلي، يستفيد منها على كل المستويات.
العدو الإسرائيلي كان جوابه واضحاً تجاه تلك القمة كما قلنا، وتزامن معها ما قام به المجرم (نتنياهو) مع وزير الخارجية الأمريكي المجرم في أداء الطقوس التلمودية عند حائط البراق في المسجد الأقصى.
وتزامن معها أيضاً الموقف الأمريكي، بإيفاد وزير الخارجية الأمريكي إلى فلسطين المحتلَّة؛ لدعم العدو الإسرائيلي، والتأكيد على استمرار الدعم الأمريكي المفتوح والمطلق، الذي هو في إطار موقف عملي، يختلف عن القمم العربية؛ يُقَدِّم المال، يُقَدِّم السلاح، يُقَدِّم الدعم السياسي، يُقَدِّم الدعم الإعلامي... يُقَدِّم كل أشكال الدعم، يعني: الأمريكي يقف مع العدو الإسرائيلي وقفة جادَّة، وقفة حقيقية، وقفة عملية؛ في مقابل أنَّ العرب لا يقفون مع بعضهم البعض، ليس فقط مع الشعب الفلسطيني، ولا حتى مع غيره، ولا لأجل أنفسهم هم؛ لأن معادلة الاستباحة هي تستهدفهم جميعاً، عنوان [تغيير الشرق الأوسط] يستهدفهم جميعاً، وكل تفاصيله خطيرة عليهم، جزئية من جزئياتها هي هذه: معادلة الاستباحة التي يريد العدو الإسرائيلي أن يثبِّتها عليهم جميعاً.
هذا شيءٌ مؤسف: أن تكون المخرجات فقط بيانات دون مواقف عملية! والعدو الإسرائيلي سخر منها، وتحدث عنها بجرأة، بأنه ليس لها أي قيمة عنده، ولا أي اعتبار، وأنه مصرّ على هذه المعادلة بما هو أوسع، يعني: هو يقول للجميع: [ليست المسألة منحصرة على الاستهداف والاستباحة لسيادة قطر، بل وسائر البلدان العربية، وسائر العالم الإسلامي]، وهذا موقف يفترض به أن يستفز هذه الأُمَّة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس 26 ربيع الأول 1447هـ 18سبتمبر 2025م