ما تحقق بفضل الشهداء وبفضل تضحياتهم وثباتهم واستبسالهم في سبيل الله سبحانه وتعالى هو الشيء العظيم، نصراً وعزة وقوة، دفعاً لكثير من المخاطر وفي مقدمتها الإبادة الجماعية، كانوا بالنسبة للطغاة والمجرمين في النظام الظالم الجائر، والقوى الإقليمية المتآمرة والظالمة والمتعاونة معه، والقوى الدولية وفي مقدمتها أمريكا، كانوا يريدون - وذلك واضح حتى في خطابات مجرميهم وأكابر مجرميهم - ينادون باستئصال الأمة، بالقضاء عليها، وفعلاً وممارسة وسلوكاً كانوا يستهدفون كل شيء، بطائراتهم، براجمات صواريخهم، بمدفعيتهم، كانوا يستهدفون كل شيء الكبير والصغير، الرجل والمرأة، يستهدفون الناس حتى في الاجتماعات الكبيرة، في الأسواق وفي غير الأسواق، يعني كان لديهم من نية واضحة، ومن خلال الممارسة والسلوك أثبتوا ذلك أنهم يريدون الإبادة الجماعية للناس، كانوا يستبيحون تحت كل العناوين، يستبيحون الناس جميعاً، عناوين سياسية، عناوين حتى دينية، من مجرميهم الذين يقدمون أنفسهم وكأنهم أصحاب دين وتحت عناوين دينية.
لكن لتلك التضحيات والجهود والمصابرة الأثر العظيم في أن يحقق الله نصراً يدفع به عن أمتنا الاستئصال والجرائم التي هي جرائم الإبادة الجماعية وما إلى ذلك، فما تحقق هو شيء كبير، وما سيتحقق في المستقبل إن شاء الله ثمرة لهذه الجهود وهذه التضحيات هو أكثر وأكبر وأرقى وأسمى وأعظم بإذن الله سبحانه وتعالى.
عندما نستذكر الشهداء، نستذكر ما حكاه الله عنهم، أنهم أحياء، هم أحياء في وجداننا، أحياء في قلوبنا في مشاعرنا، لن ننساهم، ولن ننسى مآثرهم، لن ننسى مواقفهم، لن ننسى صبرهم ومصابرتهم، لن ننسى ما كانوا عليه من الروحية العالية والبذل والتضحية والإيثار والفداء للإسلام وللمستضعفين، والصدق، لن ننسى مآثرهم في ميادين العمل، لكل شهيد حكاية، وأي حكاية، حكاية الشهيد مملوءة بأغلى وأجمل الذكريات، ذكريات العمل الدؤوب، ذكريات الإخلاص لله سبحانه وتعالى، ذكريات الإيثار، ذكريات الصدق، ذكريات الوفاء.
وراء كل شهيد حكاية تقدم لنا مآثر من نور القرآن الكريم، من تعاليم القرآن الكريم، من أخلاق الإسلام العظيم، فهم جسدوا في واقع حياتهم - فيما قبل الشهادة في صبرهم وعملهم وبذلهم وعطائهم، وما كانوا عليه من أخلاق عظيمة وراقية - جسدوا أخلاق الإسلام وتعاليم القرآن الكريم.
نتحدث عن حياتهم، الشهداء رحلوا عنا ولكن إلى أين؟ سافروا إلى مقامهم العظيم، إلى ضيافة الله، لقد استضافهم الله، ضيوفاً عند الكريم العظيم، عند أكرم الأكرمين، استضافهم وجعلهم أحياء، وكتب لهم الخلود، {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ }(آل عمران: الآية 169) إنهم في ضيافته يكرمهم، يمن عليهم من عظيم فضله وواسع رحمته ما يليق بمقامهم فمقامهم عظيم، ما يليق بمكانتهم فمكانتهم عند الله عظيمة، ما يليق بشرفهم فشرفهم كبير، عطاؤهم بهذه الحياة وبذلهم لهذه الحياة، منحهم الله الكريم العظيم بدلاً منه الخلود والحياة الدائمة {بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} فهنيئاً لهم، هنيئاً لهم هذه الضيافة عند الله، هنيئاً لهم ذلك المقام وذلك المستقر، ولتطب لهم تلك الحياة الهنيئة، هو الشرف الكبير الذي ترنوا إليه نفس كل مؤمن، ويتمناه ويشتاق له ويتلهف له كل ولي لله.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد / عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة للشهيد
1433هـ