هذه المسألة هي مسار حياة, مسار حياة, يعني: واقع عملي أنت فيه متجه إلى الله, صادق مع الله, مخلص لله, تؤدي عملك راجياً من الله القبول, تهتم بنفسك, تحرص على أن تكون مرتبطاً بهدى الله, بكتاب الله, بالثقافة القرآنية, وتحرص على أن تكون أن يكون لك برنامج مع الله سبحانه وتعالى, مثلاً القيام قبل صلاة الفجر بوقت لا بأس به, يمكنك فيه أن تناجي الله, أن تنيب إلى الله, أن تستغفر أن تدعو, ثم يكون اعتمادك في ذلك كله على الله, على الإلتجاء إليه في ذلك, أن يزيدك هداية أن يزيدك إيماناً, أن يرشدك وأن يوفقك لما يزداد به إيمانك.
التقييم للنفس شيء مهم جداً, ومهم للإنسان أن يكون له أوقات للتأمل مع نفسه, لمحاسبة النفس, هذه مسألة هامة, وأرجو أن تركزوا عليها, أن نستفيد منها جميعاً.
أوقات يقف الإنسان فيها مع نفسه, يحاسب نفسه, يقيّم نفسه, يعرض نفسه على حقيقة الإيمان, على صفات المؤمنين, ويقيّم حالة القصور لدى نفسه, لو يقف كل منكم بمفرده مع نفسه إما قبل صلاة الفجر, أو قبل النوم مثلاً, في الأوقات التي يكون الإنسان فيها لوحده, أو يفكر لوحده, ثم يتذكر هذا الجانب ويقيّم نفسه فيه, ما هو مدى خوفي من الله سبحانه وتعالى؟. غياب هذه الحالة مسألة خطيرة جداً على الإنسان، وسبب أساسي لقسوة قلبه.
لكن إذا كان قلبك معموراً بالخوف من الله سبحانه وتعالى، ستكون أبعد ما تكون عن قسوة القلوب, سيكون قلباً حياً, يستذكر ويعتبر, وينتفع بما يسمع من الهدى, والله يقول { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى}, (الأعلى: الآية10) ويقول {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ},(ق: من الآية45) فمهم التنبه لهذا الجانب زيادة الإيمان فيها زيادة للخوف من الله, زيادة الخوف من الله يظهر أثره في النفس وفي الأعمال.
هذه الحالة الإيمانية الخوف الكبير من الله سبحانه وتعالى هو الذي دفع الإمام علي (عليه السلام) وفاطمة الزهراء وهم في حالة الصوم وقد قدموا طعامهم ليتناولوا وجبة العشاء والإفطار، يأتي الأسير واليتيم والفقير كل منهم يطرق الباب, يناولونه القرص الأول, ويأتي الأخر فيناولونه القرص الثاني, ويأتي الثالث فيناولونه ما تبقى من الطعام, ويبيتون جياعاً.
هذه الدرجة العالية من البذل والعطاء وهم يقدمون طعامهم الذي لم يكن لديهم غيره, طعامهم الذي لم يكن لديهم غيره, ويكتفون بشرب الماء ويبيتون جياعاً, كان الدافع إليه هو هذه الحالة العالية من الإيمان ,{لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} (الإنسان:9-10) إنا نخاف, هذه الحالة ستعالج عند الإنسان كل أشكال الأنانية, وكل العوامل المؤثرة السلبية إلى حد كبير في مشاعر النفس, تزكي النفس, خوفك من الله سبحانه وتعالى هو نور يضيئ قلبك, وحرارة تذهب من قلبك كل غش, فيصبح قلباً طاهراً, زكياً, نظيفاً, معموراً بالإيمان, هذا جانب أساسي. ترتقي في هذه الحالة وتأمل من الله سبحانه وتعالى أن يأتي اليوم الذي تصل فيه إلى هذه الدرجة العالية {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}, (الأنفال: 2) نعم.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
في ضلال دعاء مكارم الاحلاق – الدرس الأول.
الدرس الثالث
ألقاها السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 22/ربيع ثاني/1434هـ
اليمن – صعدة.