مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عبد الإله عبد القادر الجنيد
أَلَمْ يَأْنِ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَفِيقُوا مِنْ غَفْلَتِهِمْ، وَيَسْتَنْقِذُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ هَاوِيَةٍ يُسَاقُونَ إِلَيْهَا مِنْ عَدُوٍّ مُتَرَبِّصٍ بِهِمْ؟  
إِنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي حَذَّرَنَا اللَّهُ مِنْهُ، وَنَهَانَا عَنْ مُوَالَاتِهِ، وَأَمَرَنَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَمُعَادَاتِهِ.  
ذَٰلِكَ أَنَّهُ كَمَا أَخْبَرَنَا رَبُّنَا أَنَّهُ الْأَشَدُّ عَدَاءً لِخَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، فَلَا هِيَ بِالْمَعْرُوفِ ائْتَمَرَتْ وَبِهِ أَمَرَتْ، وَلَا عَنِ الْمُنْكَرِ انْتَهَتْ وَعَنْهُ نَهَتْ، بَلْ لِلِارْتِمَاءِ فِي أَحْضَانِ عَدُوِّهَا سَارَعَتْ!

فَعَجَبًا لِأُمَّةٍ اخْتَصَّهَا اللَّهُ بِخَيْرِ دِينٍ فَتَرَكَتْهُ، وَعَنْهُ انْسَلَخَتْ! وَخَيْرِ كِتَابٍ فَهَجَرَتْ! وَخَيْرِ هَدْيٍ فَمَا وَعَتْ! وَخَيْرِ رَسُولٍ فَسَمِعَتْ تَوْجِيهَاتِهِ، ثُمَّ بِعِصْيَانِهَا خَالَفَتْ! وَخَيْرِ أَعْلَامٍ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَأَوْرَثَهُمُ الْكِتَابَ فَفَرَّطَتْ! ثُمَّ مَا لَبِثَتْ أَنِ اسْتَكْبَرَتْ، مِنْ بَعْدِ أَنْ هَنَّأَتْ يَوْمَ الْوَلَايَةِ وَبَايَعَتْ!

وَهَلْ مَا آلَ إِلَيْهِ حَالُ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ، بِمَا يُجْرِي عَلَى أَبْنَاءِ غَزَّةَ وَفِلَسْطِينَ، وَمَا بَاتَتْ عَلَيْهِ مِنْ فُرْقَةٍ وَشَتَاتٍ، وَتَبَاغُضٍ وَعَدَاوَاتٍ، وَضَغِينَةٍ وَأَحْقَادٍ وَصِرَاعَاتٍ وَأَحْزَابٍ، وَطَوَائِفَ وَمَذَاهِبَ وَجَمَاعَاتٍ، يَسُودُ وَاقِعَهَا الْمَرِيرُ الْخِلَافَاتِ، إِلَّا حَصَائِدُ عِصْيَانِهَا؟!  
فَكَانَ جَزَاؤُهَا أَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهَا الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ!

فَلَمَّا ابْتَعَدَتْ عَنْ دِينِهَا وَقُرْآنِهَا وَأَعْلَامِهَا، وَتَخَلَّتْ عَنِ الْقِيَامِ بِمَسْؤُولِيَّاتِهَا، ضَلَّتْ وَأَضَلَّتْ، وَفَسَدَتْ أَخْلَاقُهَا وَمَبَادِئُهَا وَقِيمُهَا.  
ثُمَّ هَانَتْ وَخَضَعَتْ لِعَدُوِّهَا، فَاحْتَلَّ أَرْضَهَا وَدَنَّسَ مُقَدَّسَاتِهَا، وَنَهَبَ خَيْرَاتِهَا، وَقَتَلَ أَهْلَهَا وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا قَهْرًا وَظُلْمًا وَعُدْوَانًا!

وَتِلْكَ هِيَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ انْقَلَبُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَتَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ!  
لَقَدْ قَامَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - هَادِيًا مُرْشِدًا، مُبَلِّغًا عَنْ رَبِّهِ، فَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، حَتَّى أَكْمَلَ اللَّهُ لَنَا دِينَنَا، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا نِعْمَتَهُ، وَرَضِيَ لَنَا الْإِسْلَامَ دِينًا.  
وَيَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُبَلِّغًا عَنْ رَبِّهِ أَمْرَ الْوَلَايَةِ، الضَّامِنِ الْحَقِيقِيِّ لِوَحْدَةِ الْأُمَّةِ وَثَبَاتِهَا عَلَى الْحَقِّ، بِقِيَادَةِ أَعْلَامِ الْهُدَى وَالسَّيْرِ عَلَى مَنْهَجِ الْقُرْآنِ، فِي عِزَّةٍ وَنَصْرٍ وَغَلَبَةٍ لِأَعْدَائِهَا، وَتَمْكِينٍ لِإِقَامَةِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْأَرْضِ، وَإِقَامَةِ الْعَدْلِ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْمِيزَانِ؟!  
فَمَا الَّذِي حَلَّ بِالْأُمَّةِ حِينَئِذٍ؟ أَهُوَ الْجَهْلُ أَمْ هُوَ الْحَقُّ وَالِاسْتِكْبَارُ كَاسْتِكْبَارِ إِبْلِيسَ عِصْيَانًا لِأَمْرِ رَبِّهِ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ؟!  
أَيُسْتَكْبَرُ عَنْ مُوَالَاةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ أَوَّلُ السَّابِقِينَ لِلْإِسْلَامِ؟!  
أَيُنَاصِبُونَهُ الْعَدَاءَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ يَقِينًا بِمَا أَخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ بُغْضَهُ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ، وَحُبَّهُ إِحْسَانٌ وَإِيمَانٌ؟!  
أَيُرْغَبُ عَنْ وَلَايَتِهِ، وَقَدْ حَصَرَ اللَّهُ الْوَلَايَةَ فِيهِ وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَضَمِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ النَّصْرَ وَالْغَلَبَةَ وَالْقَهْرَ لِلْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَالشَّيْطَانِ؟!  
فَقَالَ عِزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.  
أَيُفَرَّطُ فِي وَلَايَتِهِ، وَالْحَقُّ وَالْقُرْآنُ مَعَهُ، وَهُوَ مَعَ الْحَقِّ وَالْقُرْآنِ؟!  
أَيُقَاتَلُونَهُ مِنْ بَعْدِ أَنْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَأَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ»؟!

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا، وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا، لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ. وَلَٰكِنَّهُمْ سَمِعُوا وَعَصَوْا، وَصَدُّوا عَنْ وَلَايَةِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ! فَأَضَلَّ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ، وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ، وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَالْخُسْرَانِ.

لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْوَلَايَةَ الْعُرْوَةَ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا، مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا أَفْلَحَ وَنَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ وَهَوَى! وَهَٰذَا مَا أَثْبَتَهُ الْوَاقِعُ، وَحَالُ الْأُمَّةِ الْمُزْرِي عَلَيْهَا شَاهِدٌ.  
فَإِذَا غَزَّةُ سُئِلَتْ: بِأَيِّ ذَنْبٍ خُذِلَتْ، وَلِلْيَهُودِ تُرِكَتْ، وَحُوصِرَتْ، وَبِالْإِبَادَةِ الْجَمَاعِيَّةِ قُتِلَتْ؟!  
فَمَا جَوَابُ مَنْ جَلَبُوا عَلَى الْأُمَّةِ هَٰذَا الْبُؤْسَ وَالشَّقَاءَ، بِانْقِلَابِهِمْ عَلَى وَلِيِّ أَمْرِهَا وَأَعْلَامِ الْهُدَى، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ فِي هَٰذَا الزَّمَانِ، يَوْمَ يَقِفُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ، وَقَدْ أَقَامَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ وَالْبُرْهَانَ؟!

أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْعِزَّةِ وَالْمَجْدِ وَالثَّبَاتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ الْمُوَالُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْإِمَامِ عَلِيٍّ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ أَعْلَامِ الْهُدَى فِي الْيَمَنِ وَلُبْنَانَ وَغَزَّةَ وَالْعِرَاقِ وَإِيرَانَ؟! وَمَا يَتَحَقَّقُ لَهُمْ مِنْ نَصْرٍ وَغَلَبَةٍ وَتَمْكِينٍ عَلَى عَدُوِّهِمْ؟! وَإِنَّ النَّصْرَ حَلِيفُهُمْ، وَالْفَتْحَ الْقَرِيبَ مَوْعِدُهُمْ! وَهَٰذَا وَعْدُ اللَّهِ الَّذِي لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.  
فَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ.

**وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.**  


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر