مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

القرآن الكريم يركز على هذه الأشياء كمقاييس؛ لأنه أحيانا قد يبدو عدوك وكأنه ناصح لك، كأنه ناصح لكن إذا كنت تعرف من هو ستكون يقظاً.

مثل ما حصل لآدم مع إبليس، ألم يَظهَر إبليس أمام آدم أنه ناصح؟ أنا أريد أن تأكل من هذه الشجرة، من أجل أن تصبح ملكاً، أو من أجل أن تتخلَّد {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف: 21) أليس الله نبّه آدم قبل: أن الشيطان لكما عدو مبين؟ لا تأكل من هذه الشجرة، وقال: الشيطان هو عدو انتبه للشيطان هو عدو. نسي آدم مسألة العداوة مثلما قال الله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} (طه115).

عهد إليه أن هذا هو عدو، وأنك متى ما أكلت من الشجرة ستشقى، إفهم عدوك حتى وإن بدا أمامك وكأنه ناصح، بل يقسم الأيمان المغلظة أنه ناصح. ما الذي افتقد آدم؟ هو الشيء الذي نفتقده نحن أولاده، أو بعض أولاده: العرب، أو معظم المسلمين.

لم نفهم أن أولئك أعداء، عندما غابت من أذهاننا من هم، من خلال القرآن الكريم الذي سطر أن آدم قد قيل له: إن الشيطان عدو، لا تغتر به، تعامل معه كعدو، وسطر في الوقت نفسه أن اليهود أعداء لنا، أن أهل الكتاب أعداء لنا، لما نسينا هذه - كما نسي آدم سابقاً،

ربما آدم لم يمر بدروس، لكن نحن من بعد قرون أحداث كثيرة تبرهن تعرف من خلالها:( من هو العدو ومن هو الصديق) إذا كنت ممن يفهم الأحداث، ويفهم نتائج الأحداث، وغايات الأمور -

لما نسينا هذه: أنهم أعداء، أنهم حاسدون، أنهم ما يودون لنا أي خير، أن قلوبهم مليئة بالحقد علينا، أنهم حريصون على إذلالنا، أنهم كذا، أنهم كذا... الخ،

خصال متعددة نبهنا الله عليها في القرآن الكريم بالنسبة لهم نسيناها، بينما آدم نسي واحدة فقط، نسي أن الشيطان عدو، هو قيل له: إن الشيطان عدو، أما الله فقد قال لنا بالنسبة للآخرين من أهل الكتاب من اليهود والنصارى: هم حساد، لا يودون لكم أي خير، هم حاقدون، هم لا يحبونكم، ويكرهونكم، هم كذا، هم كذا؛

نسينا هذه فما الذي جرّ علينا نسيانُنا لهذا من وبالٍ؟ أصبحنا نتثقف بثقافتهم، أصبحنا نحرص على أن نقلدهم في كل شيء بدءاً من كبارنا إلى أطفالنا ونسائنا، أصبحنا ننظر إليهم نظرة إكبار وإعظام وإجلال، أصبح الشخص منا يعتز بأنه أصبح شخصاً عصرياً وحضارياً عندما يمثلهم ويقلدهم في شؤون حياته فما الذي حصل؟ شقينا كما شقي آدم، ألم يشق العرب؟ تجمع لنا الشقاء والضلال كما شقي آدم عندما أُخرج من الجنة، إلا أنه لم يضل {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (طه122) شقي في حياته، احتاج إلى أن يقوم ليعمل، لم يعد معه لا ملابس ولا طعام ولا شراب، احتاج إلى أن يقوم لِيكدّ.

لكن نحن على أيدي هؤلاء تجمع لنا الشقاء والضلال كله، تجمع لنا على أيدي هؤلاء؛ لأننا نسينا من هم. والعجيب أيضاً أن الأحداث تتجلى إلى درجة عالية جداً من الوضوح، فيتجلى للعرب أن أمريكا هي وراء إسرائيل، وإسرائيل هي عدوهم، أليست الأشياء متجلية بشكل واضح جداً، لكن أصبح الناس في تيه وفي ضلال لدرجة أنهم لم يعرفوا أنه إذا كان عدواً، ما ذا تعني العداوة؟ وكيف أتعامل معه؟!

عدوّ ينطلقون ليبحثوا عن السلام من تحت أقدامه، عدوّ يعتزون ويتسابقون على الولاء له، وأنه دولة صديقة، ويدخلون معه في مواثيق كثيرة، وفي اتفاقيات كثيرة، اقتصادية، ثقافية... الخ!

فإذا كان آدم شقي عندما خرج من الجنة بموقف واحد، فنحن تراكم لدينا الشقاء بشكل رهيب جداً، تراكم الضلال بشكل رهيب جداً.

إذا كان الله سبحانه وتعالى جعل النتيجة على وفق ما عمل آدم أنه سيشقى، فسيشقى، وفعلاً أشقاه، خرج من الجنة بدون ملابس هو وزوجته {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّة} (الأعراف22) نحن في الوقت نفسه نرجو من الله ألا يحصل شقاء، ألا يحصل لا أدري ماذا، ولا أدري... أو ننتظر منه هو، لا، المسألة هي هكذا: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه123).

ألم يحسم الموضوع من أول ما نزل آدم؟ من أول ما أُهبط آدم؟ {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي} ذكره الذي هو هداه، وتذكّره هو سبحانه وتعالى {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} وأيضاً ماذا؟ وسيعيش ضالاً تائهاً في فكره وثقافته فيحشر يوم القيامة أعمى {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (طه124).

لم نفهم المسألة بالشكل الصحيح، مثلما تحدثنا في وقت العصر كيف أننا أصبحنا في واقعنا نفترض ما لم يحصل للأنبياء، نتبنى مواقف معينة بطريقة سلبية ونريد من ورائها ما لم يحصل للأنبياء، نحن نريد أن نرسم لنا طريقاً سهلة إلى الجنة غير طريق الأنبياء! والجنة من هم دعاتها؟ الأنبياء؟ لو كانت المسألة فيها سهولة بشكل كبير لما كان دعاة الجنة هم أنفسهم يحتاجون إلى أن يتعبوا ويصارعوا في الحياة. هذا بالنسبة للجنة.

فالله هو الذي يهدي إلى الجنة، وليس نحن من نرسم طريق الجنة ونفصّلها، الله يقول: {وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} (البقرة221) هو الذي يهدي إليها، ما معنى يهدي إليها؟ بالحظ؟! بل يرسم طريقها: صراطاً مستقيماً - أيضاً - ليس طريقا غامضاً، صراطاً مستقيماً، طريق واضح مستقيمة، بيِّنة.

في ميادين الصراع أيضاً ننطلق انطلاقة لم يكن عليها الأنبياء أنفسهم نريد أن ندعو: (اللهم.. اللهم اهلك، ودمر، واعمل كذا بالأعداء)! الدعاء جيد كإعراب عن موقف، لكن لا تنتظر من ورائه شيئاً إذا لم تعمل، خاصة ولديك القدرة على أن تعمل شيئاً، وأن تعمل ما تستطيع ولديك القدرة، اعمل متى ما عملت فسيستجاب الدعاء.

رسمنا طريقاً خاصة للجنة، ورسمنا منهجية خاصة في الصراع مع الآخرين، لم تتوفر للأنبياء لا هذه ولا هذه بالشكل الذي نريد أن تكون لنا، وكأننا أعلى مقاما من أنبياء الله ومن سيد المرسلين محمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم).

فأصبحت المسألة من الضلال إلى درجة أننا لم نعرف من نحن، ولم نعرف أعداءنا، ولم نعرف طريق جنته، ولم نعرف كيف كان عليه أنبياؤنا، ولم نعرف كتابنا، ولم نعرف شيئاً، أصبحنا صفراً، لا نعرف شيئاً، ونتعامل أيضاً مع الله سبحانه وتعالى ناسين!

وهذا مما جعلنا لا نثق بالله كثيراً هو: أننا ناسون أنه رحمن رحيم بنا، أي: أنه ينبغي أن يكون محط ثقتنا حتى آياته كأنه ليس بالإمكان أن نسير عليها، وكأننا سنتورط، أو كأن المسألة ليست بهذا الشكل. نقرأ الآية ونقول: (صدق الله العظيم - صحيح - لكن...).

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من نحن ومن هم

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: شهر شوال 1422هـ

اليمن – صعدة

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر