في ظل هذه الظروف، وما تعانيه أمتنا الإسلامية وكافة المستضعفين والمظلومين في العالم، وما يعانيه شعبنا العزيز بسبب العدوان الأمريكي السعودي الهادف إلى مصادرة الحرية والاستقلال، والاحتلال للبلد، والسيطرة على الشعب، فإننا ومن نور هذه المناسبة المباركة نؤكِّد على التالي:
أولاً: ندعو أمتنا الإسلامية وشعبنا العزيز إلى السعي الحثيث لتعزيز التمسك بهذه الرسالة الإلهية، وتعزيز الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وعلى آله- والتمسك بالقرآن الكريم، مع العناية الفائقة بالتثقف بثقافة القرآن الكريم، وفكِّ كل أشكال التبعية لقوى الاستكبار والغرب الكافر، والاهتمام بتعزيز الاستقلال الحقيقي على المستوى الثقافي والفكري… وفي كل مناحي الحياة: اقتصادياً، وسياسياً، وحضارياً.
كما أدعو الشباب إلى الحذر من حالة الفوضى في التلقي الثقافي والإعلامي في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، فجزءٌ كبيرٌ مما يتم نشره يستهدفهم بالتضليل الثقافي والإفساد الأخلاقي، ومصدره أعداء الأمة وعملاؤهم.
إننا– أيها الأعزاء- أمةٌ يجب أن نتحلى بالوعي، نحن أمة محمد، نحن أمة القرآن، يجب أن نتحلى بالوعي، وأن نعرف من نحن، وكيف يجب أن نكون، ومن هو العدو، وما هي مؤامراته وأساليبه في حربه الشيطانية.
ثانياً: أدعو شعوب أمتنا كافة إلى أخذ الحيطة والحذر في تعاملها مع مشاكلها بما لا يفتح ثغرةً للأعداء، كما حصل مؤخراً في العراق وفي لبنان، فالموقف الإسرائيلي المبتهج ببعض التطورات في العراق ولبنان، والارتياح الأمريكي يكشف بوضوح أهمية الحكمة، والوعي، والتصرف الصحيح الذي يحقق المطالب المشروعة دون تقديم خدمةٍ للأعداء، وضرورة التحلي بالمسؤولية في اعتماد الخيارات والوسائل العملية.
كما أدعو الحكومات إلى تقوى الله -سبحانه وتعالى- تجاه شعوبها، وأن تؤدِّي دورها في خدمتهم ومسؤولياتها تجاههم بأمانةٍ، ونزاهةٍ، ومصداقيةٍ، وإخلاص، وأن تدرك مخاطر أدائها الفاشل، وعواقب الفساد والخلل الذي يساهم أكثر وأكثر في تفاقم الأزمات.
ثالثاً: أنصح تحالف العدوان الظالم بوقف العدوان والحصار على شعبنا العزيز، فشعبنا لن يتراجع أبداً بإذن الله -سبحانه وتعالى- في مسيرته التحررية، التي تحقق له الاستقلال التام وحرية القرار وفق مبادئه وانتمائه وهويته الإيمانية، تجاه قضاياه في الداخل، وفي موقفه تجاه قضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية: إنساناً، وأرضاً، ومقدسات، والموقف الحاسم من إسرائيل كعدوٍ للأمة الإسلامية، والمناهضة للهيمنة الأمريكية، والنزعة الاستعمارية، والسياسات العدائية الأمريكية ضد أمتنا الإسلامية.
إنَّ تمسك شعبنا العزيز بحقه في الاستقلال، وتمسكه بموقفه تجاه هذه المسائل، وتمسكه بالأخوة الإسلامية مع أبناء أمته، هو موقفٌ مبدئيٌ إيمانيٌ دينيٌ لا يمكن التخلي عنه، ولا المقايضة به في مزاد المساوات السياسية، ومن يسعى بالحروب، والحصار، والعدوان، والجرائم اليومية، إلى التحكم بنا كشعبٍ يمنيٍ مسلم، وإرغامنا على الخنوع والعبودية؛ فهو يسعى للمستحيل الذي لن يصل إلى تحقيقه، وعاقبة أمره الخسران.
إننا نمدُّ أيدي الإخاء والسلام إلى كلِّ أمتنا الإسلامية، ومن يعادينا كشعبٍ يمنيٍ ويعتدي علينا، يتحمل هو المسؤولية لخياره الخاطئ، وقراره الظالم، وإنَّ استمرار العدوان معناه أن نستمر في تطوير قدراتنا العسكرية بمختلف أنواعها، وأن نوجِّه أقسى الضربات التي نتمكن من توجيهها كعمليات ردع لوقف العدوان علينا، وهذا حقٌ مشروع.
وهنا أوجِّه دعوةً للنظام السعودي بوقفٍ جادٍ للعدوان والحصار، واحترام حق الجوار؛ وإلَّا فمخاطر الاستمرار في العدوان كبيرة، ونتائجها عليكم وخيمة، وينبغي أن تدركوا ذلك كحصيلةٍ لتجربة خمس سنوات.
رابعاً: تكررت تصريحات مجرمي الحرب الصهاينة، وعلى رأسهم المجرم الصهيوني اليهودي نتنياهو، التي تتحدث عن اليمن كتهديدٍ لإسرائيل، وتسعى لربط ذلك بإيران، كما هي العادة الإسرائيلية.
إننا في هذا المقام نؤكِّد على أنَّ موقفنا في العداء لإسرائيل ككيانٍ غاصب ومعادٍ لأمتنا الإسلامية، هو موقفٌ مبدئيٌ إنسانيٌ أخلاقي، والتزامٌ ديني، نلتقي فيه مع الأحرار والشرفاء من أمتنا الإسلامية، وإذا تورَّط العدو الإسرائيلي في أيِّ حماقةٍ ضد شعبنا؛ فإنَّ شعبنا لن يتردد في إعلان الجهاد في سبيل الله ضد هذا العدو، كما لن نتردد في توجيه أقسى الضربات الممكنة لاستهداف الأهداف الحسَّاسة جدًّا على كيان العدو الإسرائيلي.
خامساً: أدعو الجهات الرسمية في بلدنا إلى بذل كل الجهد لرفع مستوى الأداء في خدمة الشعب بكل ما أمكن، بالرغم من شحة الموارد وظروف الحرب والحصار، والعمل على تصحيح الوضع داخل مؤسسات الدولة، ومكافحة الفساد بشكلٍ فعَّال، وتنفيذ الخطط التفصيلية للرؤية الوطنية، والسعي للمزيد والمزيد من تحقيق العدالة والأمن والاستقرار، وتصحيح الوضع في السجون، ومعالجة مشاكل السجناء.
كما أدعو شعبنا العزيز بكل مكوناته وأطيافه إلى الاستمرار في مسيرة التحرر والاستقلال، والحذر من الاختراق الخارجي، والحفاظ على وحدة الصف، وعلى السِّلم الاجتماعي، والعناية بالتكافل الاجتماعي، ورعاية الفقراء والمساكين، والعناية بأسر الشهداء والمرابطين، والعناية بإيتاء الزكاة كركنٍ مهمٍ من أركان الإسلام.
شعبنا المسلم العزيز الصابر الصامد العظيم: إننا ندرك حجم المعاناة التي تعاني منها، والتي جزءٌ كبيرٌ منها هو نتيجةٌ للعدوان والحصار، الذي سعى لتدمير كل مقومات الحياة، والتضييق على البلاد في كل الاحتياجات ومتطلبات الحياة، وسعى للوصول بالاقتصاد إلى الانهيار الكامل، وسعى مع الخونة من أبناء البلد إلى سرقة النفط والغاز، من خلال سيطرته على حقول النفط والغاز في مأرب وشبوة وحضرموت، فالإنتاج من حقول النفط في تلك المحافظات يقدَّر خلال سنوات العدوان بأكثر من مائةٍ وعشرين مليون برميل من النفط، يعني: سرقة كبيرة، سرقة كبيرة جدًّا، والإيرادات التي كان شعبنا سيحصل عليها من مصادره من النفط والغاز… وغيرها، وخسرها بسبب العدوان وعملائه الخونة تقدَّر بأكثر من اثني عشر ترليوناً، كانت ستكفي لصرف المرتبات، اثنا عشر ترليوناً كانت ستكفي لصرف المرتبات لأكثر من اثني عشر عاماً، وهذا يكشف عن حجم الظلم الذي يعانيه شعبنا من عدوان تحالف العدوان وعملائه على المستوى الاقتصادي، وهذا يحتم على شعبنا العزيز المزيد من الصمود والثبات في التصدي لهذا العدوان الجائر، السارق، الظلم، الغاشم، الناهب، المدمِّر، فشعبنا في موقف الحق، ويمتلك القضية العادلة، وهو شعبٌ مظلوم، وعاقبة الصمود والثبات والتوكل على الله هي النصر الموعود الذي وعد الله به، وما صمود شعبنا وتماسكه كل هذه السنوات بالرغم من حجم العدوان ومستوى المعاناة، إلَّا نصرٌ من الله تعالى، وبشارةٌ على حسن العاقبة، والعاقبة للمتقين.
إنَّ الخلاصة الجامعة لهذه المناسبة، وأهمَّ نتيجةٍ لها، هي ما قاله الله -سبحانه وتعالى- في الآية المباركة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: الآية21].
أسأل الله تعالى أن يبارك فيكم، وأن يكتب أجركم على هذا الحضور المبارك الكبير، وما سبقه من فعاليات تحضيرية، وأن يوفقني وإياكم لنكون من المقتدين برسوله، والمتأسين به، والمتَّبعين له، وأن يحشرنا في زمرته، وأن يجمعنا به في مستقر رحمته، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، ويفرِّج عن أسرانا، وينصرنا بنصره.
أكرر المباركة لكم، ونفسي وروحي لكم الفداء…
والسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من الخطاب الجماهيري للسيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة المولد النبوي الشريف 1441هـ