اليوم، الذي يريدونه من هذا العدوان هو ما كانوا أرادوه في الماضي: سلب حريتنا، ومصادرة قرارنا السياسي، والإخضاع الكامل لنا، ثم الاتجاه بنا نحو الهاوية، وهذا شيءٌ لا يمكن أن نقبله بأي حالٍ من الأحوال، وأي ثمن، وأي مستوى من التضحيات نقدمه في سبيل أن نبقى أحراراً، هذا شيءٌ يجب أن نكون مستعدين له، وأن لا نتحرج منه أبداً، أي مستوى من التضحيات في سبيل أن نكون أحرار وأعزاء، في سبيل أن نضمن مستقبلنا؛ ليكون مستقبلاً حراً وعزيزاً وكريماً، هذا شيء يفرضه علينا ديننا، وتفرضه علينا إنسانيتنا، ولنا الحق به، ولو كان لنا خياراً آخر كُنّا سنضحي أكثر، ونخسر بشكل أكبر ومن دون نتيجة، ثم نصل إلى الهاوية.
نحن، بكل ما نقدمه من تضحيات في سبيل أن نبقى أحراراً وأعزاء، نحن والله رابحون بكل ما تعنيه الكلمة، أما ما يمكن أن نخسره مع استسلامنا، مع خضوعنا للأجنبي، مع فقداننا للحرية والاستقلال، مع مصادرة قرارنا السياسي؛ فهي خسارة الدنيا والآخرة، وخسارة الحاضر والمستقبل؛ ولذلك نحن اليوم معنيون في أن نسعى بكل جد في التصدي لهذا العدوان الهادف إلى سلب حريتنا، الهادف إلى تحويلنا عبيداً لهم، أذلاء وخانعين؛ ليسحقونا ويقهرونا ويذلونا، وليفقدونا كل الخير، وليسلبوا منا حاضرنا ومستقبلنا.
اليوم، هناك توجه كبير من جانب قوى العدوان لمرحلة جديدة من التصعيد- تحدثنا عنها في الخطابات السابقة- وهم على وشك البداية بهذه المرحلة الجديدة، بعد أن فشلوا في المراحل الماضية، ونحن معنيون في أن نتحرك بشكل جاد، بمستوى حجم التآمر ومستوى حجم التحديات، وأن نحشد كل الطاقات في هذا الاتجاه: النشاط الإعلامي، النشاط المجتمعي، التحرك التوعوي والتعبوي، العمل التثقيفي، نشاط بكل ما تعنيه الكلمة في كل الاتجاهات؛ في سبيل أن نتصدى لهذا العدوان، وإن الله معنا بقدر ما نتحمل نحن المسؤولية؛ لأن الله ليس مع الذين يتنصلون عن مسؤولياتهم، وإن الشعوب التي تتنصل عن مسؤوليتها في الدفاع عن حريتها وكرامتها؛ هي شعوبٌ تُسحق وتباد ولا يبقى لها وجود ولا تاريخ.
لاحظوا، هناك أمثلة، مثلاً: الهنود الحمر في أمريكا، قرابة الخمسة عشر مليوناً في بعض الإحصائيات، أُبيدوا عن آخرهم، شعب بكامله أُبيد وانتهى؛ لأنه لم يحمل إرادة التحرر كما ينبغي، ولم يكن لديه لا من الوعي ولا من الإرادة ولا من التحرك ما يتطلبه الموقف، ويجب أن نكون حذرين من كل المستهترين والساخرين، الذين لا يتحلون ولا بمثقال ذرة لا من الإنسانية، ولا من الانتماء، ولا من الإحساس بالهوية، ولا من الأصالة، ولا من العزة، ولا من الكرامة، الذين لديهم كل القابلية لهيمنة وسيطرة الأجنبي، والتضحية بكل شيء، ولديهم الاستعداد لتقبل الخسارة بكل شيء، أولئك الضعاف الذين يقبلون بالهوان.
ولذلك، نحن معنيون أن نجعل من هذه الذكرى (ذكرى الحادي والعشرين من سبتمبر) ذكرى تمثل دافعاً وحافزاً كما كانت في يومها وفي حينها، للتصدي للسيطرة الأجنبية والهيمنة الخارجية، وأن نتحرك من جديد، وحتى أن يكون الحضور في ميدان السبعين معبراً ومقدماً لهذا الرسالة: (أننا شعبٌ يأبى الإذلال، ويأبى الهوان، ويأبى العبودية لغير الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- أننا شعبٌ حرٌ، ونأبى إلا أن نكون أحراراً، ولن نضحي أبداً بحريتنا، ولن نقبل بأن نكون عبيداً لأعدائنا من المستكبرين وقوى الطاغوت، لا يمكن أن نقبل أبداً)
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية والثورة السبتمبرية في 28ذوالحجة 1438هـ