{اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} وكأنكم محملون بأوزار ومقيدون إلى الأرض، في حالة من التثاقل الواضح. {أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ} هذا هو السبب؟ هل رضيتم بالحياة الدنيا بديلاً عن آخرتكم؟ وآثرتم هذه الحياة الدنيا بدلاً عن آخرتكم؟ ماذا يعني هذا؟ يعني أن تثاقلكم وتخاذلكم خطير عليكم في إيمانكم ودينكم، يحبط أعمالكم، يسبب إلى أن تخسروا آخرتكم.

تثاقلك وتخاذلك وتنصلك عن المسئولية وعدم استجابتك لله بعدما أمرك بالجهاد في سبيله يترتب عليه أن تخسر آخرتك، هل تدرك حجم الخسارة؟ خسرت الجنة، خسرت رضا الله، خسرت السلامة من عذاب الله، أكبر خسارة، هل بعد هذه من خسارة؟.

 إذا كان البعض يرى في الجهاد في سبيل الله خسارة لدنياه دنياه وحياته الدنيا، خسارة لحياته الدنيا بأيامها القليلة ومتاعها القليل، فإنه ولأنه تخاذل عن الجهاد في سبيل الله قد خسر آخرته، آخرته بكلها، فإذا كان يشفق على نفسه من الجهاد في سبيل الله حتى لا يخسر منزله، منزل معين قد يكون حتى منزل متواضع مبهذل، فهو خسر قصور الجنة عندما تخاذل عن الجهاد في سبيل الله، وإذا كان لا يريد أن يفارق بلدته أو قريته أو منطقته فهو قد حتم على نفسه وكتب لنفسه وقرر لنفسه وجلب على نفسه أن يخسر جنة الله وعالم الجنة بكل ما فيها، إذا كان مشفقاً على أيام قليلة لا زالت مكتوبة له أو يأمل أن يعيشها فيما تبقى من حياته فقد خسر الحياة الأبدية في نعيم في جنة عدن، خسر مليارات وبلايين السنين، الزمن الذي ليس له نهاية ولا حد، الأبد الأبد، وهو يريد أن يحافظ على أيام قليلة وسنوات قليلة وقد تكون أيام أو شهور، وإلا فالكل يموت، أوليس الكل يموت {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}(الرحمن:26)، {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ}(آل عمران:185).

هل من يتخاذل عن الجهاد سيبقى حياً ويعيش ويخلد أبد الأبد فلا يموت؟ هل لا يجعل الناس يفارقون هذه الحياة إلا حينما يجاهدون حينها يمكن أن يفارقوا هذه الحياة؟ أو أن الكل يفارق هذه الحياة؟ البعض يموت حتفاً على فراشه، البعض يموت بحادث حادث معين.

على مدى أشهر أشهر قصيرة في أحد الأعوام الماضية كان عدد ـ أشهر معدودة فقط ـ كان عدد الذين قتلوا في اليمن في حوادث السيارات ـ انتبهوا معي ـ في حوادث السيارات أكثر من تسعة ألاف قتيل، أكثر من تسعة ألاف قتيل، على مدى أشهر معدودة فقط في حوادث السيارات.

كم كم مضى علينا من حروب طاحنة حروب شاملة؟ ست حروب شاملة، وما يقارب من عشرين حرب متفرقة وصغيرة، لم يصل بعد عدد شهدائنا إلى تسعة ألاف شهيد، لا لم يصل، وتلك أشهر معدودة وفيها أكثر من تسعة ألاف قتيل في حوادث السيارات.. كم من الناس يموتون حتفا حتف أنفسهم هكذا على فراشهم؟.

المسألة ليست مسألة أنه من يجاهد يمكن أن يرحل من هذه الدنيا، أما من لا يجاهد سيبقى يعيش أبد الأبد لا، الكل يموتون ويرحلون، فالبعض خوفاً من الشهادة في سبيل الله والتي هي شرف وحياة أبدية، وعز أبدي خالد، وتشريف كبير من الله سبحانه وتعالى لعباده، البعض خوفاً من الشهادة يترك الجهاد في سبيل الله، ويراهن على قليل من الأيام يعيشها.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(دروس من سورة التوبة - الدرس الرابع)

ألقاها السيد/عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.

بتاريخ:13/ رمضان/1434هـ

اليمن – صعدة.