قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[النساء:167 -169]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
في هذه الأسابيع، أعلن الرئيس الأمريكي المجرم الطاغية [ترامب] موقفاً تفاجأ منه أكثر الناس، تفاجأ منه الزعماء، تفاجأ منه السياسيون، تفاجأت منه النخب، وتفاجأ منه معظم المجتمع البشري، ولقي استهجاناً كبيراً في المجتمع البشري في مختلف البلدان، عندما أعلن خطته لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، إلى بلدانٍ عربيةٍ أخرى، يعني: خطةً لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه وبلده، ومصادرة حقه مصادرةً كاملة، مصادرةً لحقٍ يتفرَّع عنه حقوقٌ كثيرة، وحقٌ واضح وثابت، بكل الاعتبارات المعترف بها بين البشر، والمجمع عليها عند مختلف البلدان، في كل المجتمعات البشرية.
في البداية كان البعض يتصوَّر أنَّ هذه واحدة من الكلمات التي يطلقها المجرم الطاغية [ترامب]، وهو متعوِّدٌ على أن يطلق كلمات غير واقعية، ولا منطقية، ولا مقبولة، ولا معقولة، أشبه شيءٍ بالتُرَّهات، وأشبه شيءٍ بالتهريج، الناس متعوِّدون منه لذلك، في أمريكا نفسها، وفي غير أمريكا، ولديه الكثير من المبالغات، والكلام الذي لا يتقبَّله أيُّ إنسانٍ عاقل، ففي البداية تصوَّر البعض أنَّها قد تكون من هذا القبيل، وقد تكون كلمة غير جادة؛ إنَّما في سياق مجاملاته مع الإسرائيلي، ومن باب التعبير عن مدى ولائه للصهيونية، وتفاعله مع العدو الإسرائيلي، لكن مع تكراره لطرح الموضوع، يظهر إصراره على خطته الإجرامية، التي تتنكَّر لكل الحق والعدالة، ولكل الحقوق، مع أنَّه متضاربٌ في كلامه، أحياناً يطرح مسألة الشراء، وهي مسألة لقيت مع الاستهجان العالمي الاستغراب، وأصبحت أشبه شيء بنكتة؛ لأنها كلام ساذج، وكلام غريب جداً، أن يُطْرَح مثله من شخص في موقع مسؤولية، باسم رئيس دولة، والولايات المتحدة الأمريكية التي تقدِّم نفسها على أنها دولة تمتلك حضارة، وتعبِّر بعناوين الحُرِّيَّة، والعدالة، والحقوق... وغير ذلك، ولو أنها عناوين زائفة، لكن أن يكون التنكر لتلك العناوين حتى على هذا المستوى من الصلف والوقاحة، فهذا هو الشيء الغريب جداً.
على كُلٍّ، تكرر الموقف من [ترامب]، وبدا جاداً في أطروحته هذه، وفي خطته التي هي باطلٌ محضٌ وخالص، ومكشوفٌ تماماً، بدون أن يكون هناك أيُّ شيءٍ من العناوين الأخرى يغطيها، أو شيءٌ يستطيع أيُّ أحد من الموالين لأمريكا، أو من داخل أمريكا نفسها، أن يجعل منه مبرراً لمثل هكذا خطة باطلة، ظالمة، بدا جاداً، وأصبح يكرر هذه الأطروحة، ويسعى إلى الترويج لها، ويسعى إلى الإقناع بها، وبدأ يمارس الضغوط على بعض الأنظمة العربية للقبول بها.
الشيء الواضح في الطرح الأمريكي: أنَّه- فعلاً- هو نتاجٌ للطغيان الأمريكي، بالنسبة لنا لا نتفاجأ أبداً من أي أطروحةٍ أمريكية مهما كانت في بُعدها عن الحق، في أنها ظالمة، في أنها باطلة، هذا هو المتوقع من الأمريكي، الأمريكي الذي له داء الطمع، والجشع، والطغيان، الطغيان بكل ما تعنيه الكلمة:
- سياساته تعبِّر عن الطغيان.
- مواقفه تعبِّر عن الطغيان.
- سلوكه يعبِّر عن الطغيان.
- تاريخه الإجرامي، الظالم، المتوحش، كله متفرِّعٌ عن الطغيان، ومن تجليات طغيانه.
ولـذلك أن يصل إلى مثل هذه المرحلة من الانكشاف في تبنيه للباطل، وللظلم، وبتنكُّره التام والكامل للعدالة وللحق، فهذه مسألةٌ متوقَّعةٌ منه، بطغيانه، بهمجيته، بنزعته الاستعمارية، بجشعه، بأطماعه التي لا حدود لها.
ثم أيضاً بدائه الآخر، وهو: إيمانه بالمشروع الصهيوني، الذي هو مشروعٌ عدوانيٌّ، تدميريٌّ، ظالمٌ، والأمريكي يؤمن به ويسعى لتحقيقه، وبات في هذه الآونة الأخيرة مستعجلاً على أن يعمل لتحقيق نجاحات في ذلك المشروع الظالم، وهي نجاحات إن تمت؛ فهي بمصادرة حقوق لشعوب، لبلدان، حقوق ثابتة، وهي أيضاً لو تمت هي ظلمٌ محضٌ، وباطلٌ خالص، ليس له ما يبرره إطلاقاً، حتى فيما هو مجمعٌ عليه بين البشر من عناوين، ومن حقوق معترفٍ بها.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات 14 شعبان 1446ه 13 فبراير 2025