هذا يعتبر فعلاً أمراً عظيماً وشرفاً كبيراً جِدًّا، ولهذا لاحظوا البعض مثلاً يستغلون سيما في ظل الصراع يستغلون مسألة الشهداء والتضحيات وبالذات في مثل هذه الحالة من الصراع الساخن الذي فيه كُلّ يوم شهداء، المسألة هذه لمحاولة الإيغار للصدور والتحسيس للناس بأن التضحية خسارة التضحية في سبيل الله في قضية عادلة ومحقة خسارة وغبن إلى آخره لا ليست غبناً، هذا شيء مهم جِدًّا أَيْضاً من المسائل المهمة التي ينبغي أن نلحظها في الموضوع أن الشهداء هم يتحركون أَيْضاً بوعي عن طبيعة الصراع في هذا الوجود وفي هذه الحياة يعني الحياة هذه الحياة الدنيا هي ميدان مسئولية وميدان اختبار واحد مما فيها ومن أهم ما فيها ومن أهم ما لازمها في واقع حياة البشرية وعلى مر التاريخ ومنذ الوجود المبكر للبشرية منذ أبناء آدم وإلى اليوم حالة الصراع؛ لأن هذا الإنْسَان حتى يصبح ممكناً ويصبح مكلفاً ومسئولاً في هذه الحياة مكن من الخير ومكن من الشر قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وهديناه النجدين) وقال أَيْضاً (ونفس وما سواها فألهمها فجورَها وتقواها) وجود البشر هو وجود مسئول في هذه الحياة ومسئوليته كبيرة وعظمية ومهمة وواسعة ودوره أساس في هذا العالم وهذا الإنْسَان ألهمه الله في نفسه الفجور والتقوى ومكن من الخير ومكن من الشر وأعطاه الله القدرة ليفعل بها الخير أَوْ يفعل به الشر يعني مكن من هذا وأراد الله له وأمره بفعل الخير ونهاه عن الشر وحمله مسئولية اختياره إن اختار الخير كافأه وجازاه خيرا وإن اختار الشر فيتحمل مسئولية هذا الاختيار وعواقب هذا الاختيار ونتائج هذا الاختيار فيما سيحاسب وسيعاقب على ذلك، وبناءً على هذا اختلفت اتجاهات البشر وكما قلنا منذ الوجود المبكر للبشر منذ أبناء آدم الأوائل تحركت وأثرت نزعة الشر وميول الشر ميول الهوى النزعة العدوانية التوجه نحو الفجور في البعض والبعض الآخر كان خياراته واتجاهاته في هذه الحياة في اتجاه الخير وفي اتجاه التقوى والانضباط والالتزام في إطار القيم في إطار الأخلاق في إطار الضوابط الشرعية.
في واقع كهذا أصبح من البديهيات وشبه لازم من لوازم الحياة يعني مسألة واقعية لازمت الوجود البشري في كُلّ مراحله هي حالة الصراع، ووفر لهذا الإنْسَان في هذا الوجود حتى الوسائل التي تستخدم في الصراع لاحظوا مثلاً الخيول في زمن طويل كانت آلات ووسائل عسكرية خلقها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خلقها وأعدها عسكرياً لتلاءم الأداء القتالي وظروف الحرب واستخدمها المؤمنون واستخدمها الفاجرون والظالمون وأهل العدل وأهل الظلم كلاً يركب خيله يسرح يقاتل عليه، هيئ مثلاً الحديد كوسيلة أساسية يستخدمه أصحاب القيم المحقة القضايا العادلة في الدفاع عن أنفسهم عن قضاياهم العادلة عن وجودهم عن الحق الذي ينتمون إليه استخدمه أيضاً الآخرون من بني الإنْسَان في ظلمهم في جورهم في طغيانهم في بطشهم في جبروتهم {وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ} [الحديد: 25] بأس يستخدم عسكرياً على نطاق واسع واتسعت الاستعمالات العسكرية في زمننا وفي عصرنا هذا للحديد في وسائل كثيرة جداً جداً تطورت كثيراً، فوجد لهذا الإنْسَان ووفر له ضمن هذا الاختبار ضمن هذه المسؤولية وسائل هذا الصراع حتى على المستوى العسكري على المستوى العسكري ولذلك لاحظوا من يتصور هذه الحياة حياة يعمها السلام بدون أي مشاكل ولا صراعات ويتخيل هذه الحياة وهذا الوجود في الدنيا وجوداً لا تحّفه أي مخاطر ولا تدخل فيه أي تحديات فهو حالم حالم يعني خيالي غير واقعي، ولم تكن أبداً المشكلة لا في الصراعات ولا في النزاعات ولا في الأخطار ولا في جلب المحن والمشاكل على البشرية هو الحق وأهله هو العدل وأصحابه لا الذي يتحمل في الواقع البشري مشكلة الصراع والنزاع وما يترتب عليه وما ينتج عنه والذي يجلب المآسي والويلات والنكبات إلى الواقع البشري هم قوى الشر هم قوى البغي هم قوى العدوان، تصبح الحالة الأخرى التي تتصدى لقوى الشر تتصدى لقوى العدوان تتصدى للبغي وأهله لعناصر الشر من ينتمون إلى مبادئ الحق مبادئ العدل مبادئ الخير الفطرية والإنْسَانية والإلهية هم في الموقف الحق الموقف الضروري الموقف الذي لا بد منه ضمن حكمة الله وعدله وضمن سننه جل شأنه، بمعنى لا يتصور أحد أنه عندما نتحدث عن الشهادة أَوْ عن الجهاد بمفهومه الصحيح وليس المفهوم المشوه الإجرامي لا بمفهومه الصحيح الذي هو تجسيد للحق والعدل والقيم العظيمة والذي هو حماية وسيلة حماية للمستضعفين وسيلة وقاية في مواجهة الأشرار والمتسلطين والطغاة والمفسدين والمستكبرين والظلمة، لا يتصور أحد أن المشكلة هذا الكلام وشهداء وجهاد ومدري ما هو ذاك لا ما الذي يتصور البعض أنه يمثل الحل مثلاً، لو افترضنا أن كُلّ ما يرتبط بالخير والقيم والأخلاق والعدل يُعطل ونقل خلاص نخلي الحياة هذه للشر وأهله للمجرمين للطغاة للمستكبرين حتى نسلم المشاكل حتى نهدئ ونرتاح فنمكن الطغاة هؤلاء الذي با يتمشكلوا والمجرمين الذين يستخدمون وسائل القوة والجبروت والبطش والظلم والطغيان والسفك للدماء من أجل فرض تسلطهم وسيطرتهم ومن أجل تمكنهم من الاستحواذ على كُلّ شيء والتحكم بكل شيء لماذا لا ندعهم يتحكمون بكل شيء يسطرون على كُلّ شيء يتغلبون على كُلّ شيء يحققون أهدافهم حتى نسلم حالة الاصطدام التي يرى فيها البعض أنها حينما أتى تبني مثلاً منطق الحق وموقف الحق ومبدأ الحق والتمسك بالعدل حدث منها اصطدام ما بين العدل والظلم ما بين الخير والشر ما بين الحق والباطل المسألة ليست كذلك، يعني لو افترضنا أنه ترك للأشرار والطغاة والمتسلطين والمستكبرين والظالمين والمجرمين والمتجبرين والمستكبرين والعبثيين واللاهين والمستهترين في هذه الحياة أن يفعلوا ما بدا لهم هل يمكن أن يعم السلام والاطمئنان والخير ونسلم المشاكل طالما ما عاد به منطق حق ولا كلمة حق ولا موقف عدل ولا ولا ولا، لا يا أخي المسألة حينها يحدث ما هو أفظع وأسوء وأشد سوءً فيما لا يمكن أن يصل إليه خيال ولا أن يبلغ مداه تفكري أبداً، بمعنى أن التمكين للمتسلطين والطغاة والمتجبرين والأشرار لا يحل المشكلة لا يوقف الصراع لا ينهي حالة النزاع لا إنما يمكنهم لممارسة نزغاتهم دوافعهم، يعني حالة الشر بالنسبة لهم باتت حالة نفسية تنزع إليها وتندفع لها أنفسهم أصبحت ممارسات اعتيادية وأصبحت سلوكاً هم عليه، معنى ذلك أن يمكنوا من ارتكاب ما يريدونه من ظلم من جبروت من طغيان، معنى ذلك أن تعظم المأساة بشكل رهيب جداً وأن تعظم المحنة على البشرية وألا يبقى للعدل وجود ولا للخير وجود أن تفسد الحياة نهائياً، هذه كارثة يعني من يفكر هذا التفكير الأحمق أن التمكين للطغاة والمستكبرين والظالمين والمجرمين والعبثيين والمستهترين واللاهين وغير المنضبطين في هذه الحياة وغير الراشدين والخيرين في هذه الحياة تمكين لهم من كُلّ شيء سيحل المشكلة لن يحل المشكلة بل وأكبر مشكلة أخطر مشكلة أعظم مشكلة ولا يتخيل الإنْسَان مدى النكبات والويلات والمصائب والمآسي الرهيبة جداً جداً جداً التي ستحل بالناس إن حدث ذلك، والقرآن الكريم قدم لنا فيما يتعلق بهذا الشأن عبارة مهمة جداً قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ} [البقرة: 251] لفسدت الأرض، لكن سنة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هي أن يدفع بعض العباد البعض من الناس بالبعض الآخر فيتجه البعض الأخر هؤلاء ليحدوا من شر أولئك من طغيان أولئك يحدث هذا الصراع تلقائياً؛ لأن قوى الشر والإجرام والطغيان تتسلط هي تبتدئ هي ما تحتاج أن تتعب نفسك بشرعنة موقفك كمنتمي للحق كمظلوم كمنتمي للعدل كإنْسَان يحرص على أن يكون حراً في هذه الحياة من استعباد الطغاة وتسلطهم ما تحتاج تتعب نفسك هم بي بيكفوك المؤونة ما تحتاج إلى أن تتعب نفسك في شرعنة موقفك هم يكفونك المؤونة هم دائماً المبتدئون بعدوانهم كما في القرآن الكريم {َتَرىٰ كَثيرًا مِنهُم يُسارِعونَ فِي الإِثمِ وَالعُدوانِ} [المائدة: 62] انظروا اليوم إلى واقع أمريكا أنظر إلى واقع إسرائيل انظر إلى واقع من يرتبط بأمريكا وإسرائيل من عملائهم حتى من أبناء العالم الإسلامي أليسوا هم من يبتدئون الآخرين بعدوانهم أليسوا هم من يبتدئون الآخرين بالاستهداف لهم، أليسوا هم من يسعون لقتل الآخرين بل يباشرون قتل الآخرين وظلم الآخرين واضطهاد الآخرين والتحرك العدائي ضد الآخرين والسعي لاحتلال أرض الآخرين إلى آخره، تدمير لمقدرات الآخرين يفعلون كُلّ شيء فإذن الصراع حتمي في هذه الحياة إما أن تكون أنت في ظل وجود هذا الصراع إما في صف أولئك الطغاة طاغ من الطغاة مجرم من المجرمين بقدر مستواك المعين إما إنْسَان تافه مجرم يجعلون منك أداة لتنفيذ جرائمهم جندي تتحرك في صف الطغاة والظالمين والمجرمين مشاركا لهم في الوزر والإثم والظلم والاضطهاد ومتحملاً معهم أوزاراً فظيعة وعاراً كبيراً وخزياً أبدياً وقدامك جهنم والعياذ بالله وإذا قُتلت في هذا السبيل لا تعتبر لا شهيد ولا هم يحزنون أبداً، مجرم بكل ما تعنيه الكلمة وإما أن تكون متمسكا بالحق والعدل والقيم والمبادئ المحقة الإنْسَانية والإلهية وتحرص على أن تكون حراً من تسلط الطغاة ومن الاستعباد لهم أن لا تقبل بالعبودية لغير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأي طاغية في هذا العالم لأي مجرمين في هذه الدنيا لأي مستكبرين في هذه الأرض ولا تقبل بالعبودية إلا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن هذا هو فعلا التحرر الحقيقي وتصمد على موقفك هذا؛ لأنهم لن يقبلوا منك؛ لأن هذه مشكلة عندهم جِدًّا الآن مثلاً في زمننا هذا مشكلة عند الأمريكي مشكلة عند الإسرائيلي مشكلة عند عميل الأمريكي وعميل الإسرائيلي يقلك لا وسيطلق عليك ما يرغب به من توصيفات ويبرر موقفه ضدك؛ لأن المسألة في نهايتها أن تكون عبدا له خاضعا له خانعا له مستسلما له طوعا لأمرهم خانعا لتوجهاتهم مصغيا لإملاءاتهم هذه المحصلة في النهاية وهم أين هم؟ إن جئت للعملاء من المنطقة العربية مثل السعودي والإماراتي هل له مشروع أصيل ينبثق من هويته التي ينتمي إليها ويدعي الانتساب إليها لا في ضمن الفلك الأمريكي يدور ويتحرك بشكل واضح ومفضوح منتمياً للجبهة الأمريكية الجبهة الأمريكية راية طغيان استكبار في هذا العالم ضمن احتلال غزو اعتداء بغي إجرام إفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل تهديد للقيم الإنْسَانية إلى آخره، وإما أن تكون ضحية بدون موقف يعني لا أنت وقفت بشكل رسمي وواضح بجانب الطغيان في جبهة الشر والطغيان ولا أنت وقفت بشكل واضح ومبدئي في جبهة الحق والخير في هذا الوجود في هذه الحياة وأردت لنفسك أن تكون بلا موقف هكذا منتظرا على حسب اتجاه البعض لمن سيحسم المعركة ليكون في صفه في ظل هذه الحالة من الانتظار العبثي تأتي الأحداث وتدوسك الأحداث تأتي الأحداث لتكون ضحية لها كثير من الناس يعني يجيله يا قصف يا أي شيء من جانب قوى الشر وخلاص يخسر كُلّ شيء يعني لا يسلم في ظل هذا الصراع الساخن في الحياة لا يسلم من امتدادات نتائج وتبعات هذه الأحداث هذه الأحداث تشمل الجميع وتصل إلى الجميع وآثارها ونتائجها تعم الجميع لا يستطع أحد أن يكون بمنأى عن أثارها عن تداعياتها عن نتائجها ما يستطيع هذا امر واضح يعني الشهداء عندهم وعي واضح بهذه الحقائق لهم وعي أن الوجود البشري ليس للدعة والاسترخاء في هذه الحياة وَلسنا في عالم الدنيا وغير عالم ليس عالما للدعاء والنعيم هو عالم للمسؤولية السعادة فيه بقدر ما يتحقق في العدل في المبادئ والقيم العظيمة والسامية التي تصلح هذه الحياة لا بد من إقامتها من تضحية؛ لأنها تعارض بشدة من قبل قوى الشر والطغيان وتحارب بشدة من قبل قوى والطغيان وهذا الذي حصل حتى مع الأنبياء أنفسهم لا سلموا لا من أعداء ولا من استهداف ولا أبداً (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين) نبي بكل مقامه العظيم وكماله السامي والعظيم وبقيمه الراقية جِدًّا يحارب من الكثير يستهدف من الكثير يؤذى من الكثير والكثير من الأنبياء استشهدوا في طليعة الشهداء عدد كبير من أنبياء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الشهداء ينطلقون من وعيهم واقع هذه الحياة وحقيقة هذه الحياة وظروف هذه الحياة ويرَون أن حسابات الشهادة حساباً ضمن حسابات الربح وليس ضمن اعتبارات أَوْ حسابات الخسارة وأنه أداء وتضحية واعية ورابحة وفائزة نتيجتها الفوز العظيم ومردودها الايجابي في الحياة عظيم جِدًّا في الدنيا نفسها الشهداء بصمودهم وتضحياتهم يقدمون لمن خلفهم من أممهم من أقوامهم من شعوبهم يساعدون على تعزيز الأمن والاستقرار والحماية والدفاع ويدفعون عنهم الكثير من الشر الكثير من الظلم الكثير من الاضطهاد من الاستعباد إلى آخره، فيحق للشهادة أن تستوعب كثقافة عظيمة وكعطاء مقدس وعظيم وسامي له آثاره العظيمة في الحياة ونتائجه المباركة ويدفع عن الناس الكثير من التضحيات والخسائر العبثية الغير المحسوبة غير المثمرة؛ لأن الناس لو لم يتحركوا لدفع الظلم عن أنفسهم في مواجهة الشر والطغيان والشر والاستكبار يمكن أن يداسوا وأن يستباحوا وان يقتلوا بدم بارد وتكون تضحياتهم غير مثمرة لا تدفع عنهم شيئا لا تسهم في تحقيق نصر ولا في دفع خطر ولا في الوقاية من شر فيتحتم ان يكون هناك توعية من المهم أن يكون هناك توعية كبيرة في هذا الشأن وارتباط واعتزاز بالشهداء وبتضحياتهم وبأسرهم.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
في الذكرى السنوية للشهيد/ 1439 هـ.