صور من الحكم العادل للإمام الهادي عليه السلام
سار الإمام الهادي ‹عليه السلام› في حكم البلاد اليمنية على سنة العدل مما جعل الأهلين يرون فيه مظهراً لحكم الإسلام، ولهذا الاطمئنان إلى الحكم العادل سار جند اليمن وراءه طائعين لا كارهين؛ فأخضع أكثر اليمن لحكمه، وعمل على إقامة الحدود وقد كانت معطلة، ولم يعف منها كبيراً لكبره بل نفذها في غير هوادة ولم يجعل للحيف على نفسه إرادة، فالشريف والوضيع، والغني والفقير، أمام الحق سواء، وكان يردد قول الله سبحانه عند تنفيذ الحدود: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44] وكان يقول: «والله ما هو إلا الحكم بكتاب الله تعالى أو الخروج من الإسلام، والله لو قام حد على بني القاسم لأخذته منهم» .
وأمر يوماً بإقامة حد الشرب على امرأة ثبت عليها الحد فقالت له: اعف عني بحق علي بن أبي طالب، فقال لها: «وحق علي بن أبي طالب لو كان الأمر لي ما ضربتك ولكنه لله تعالى» ثم قال: «والله لو وجب الحد على أبي لأخذته منه».
وقال يوماً وعنده جماعة من الناس: «لو أنه جدي القاسم بن إبراهيم ثم وجب عليه ضرب العنق ما صليت الظهر أو أضرب عنقه» .
يقول مؤلف سيرته: (وسمعته يوما يقول: «والله لئن لم يستو لي في اليمن أمر لا رجعت إلى أهلي أو أضرب الشرق والغرب حتى أقيم لله حجته» ).
يقول الدكتور عبدالفتاح شايف نعمان في كتابه الإمام الهادي :
(لقد كان سلوك الإمام الهادي في جهاده ومعاركه سلوك العالم الفقيه الذي يخرج إلى الجهاد عبادةً لله وتقرباً إليه وطلباً لرضاه لذلك فقد كان دقيق الالتزام بأحكام القرآن وسنة الرسول ‹صلى الله عليه وآله وسلم› وكان التزامه هذا هو أبرز ما تميزت به معاركه سواء وهو يعبئ أصحابه لملاقاة الأعداء أو أثناء مباشرة القتل والقتال ثم بعد انتهاء المعركة وما يعقب ذلك من التصرف في الغنائم وأسرى الحرب).
ويقول بعد أن ساق نظرية الإمام الهادي ‹عليه السلام› في الإمامة والتي يقول فيها:
«وإن الله افترض اتخاذ الإمام العادل إماماً ليؤتم به، وسمي خليفة ليخلف النبي محمد في أعماله، وأنه من خالف حكمه حكم النبي‹صلى الله عليه وآله وسلم›وفارقه فليس بإمام ولا خليفة ولكنه ظالم مبين» .
ثم يعلق الدكتور قائلاً: تلك كانت صورة الإمامة عند الإمام الهادي في عالم النظريات أما في عالم الواقع فقد كانت صورة شديدة النصاعة وشديدة البريق، فلقد كان الإمام الهادي في ممارسته لسلطته كإمام وكحاكم للمسلمين من تلك النماذج الفذة في تاريخ المسلمين، وكان تجسيداً كاملاً لكل ما نادى به هو ومن سبقه من الأئمة الأبرار الذين قدموا حياتهم الواحد تلو الآخر شهداء في سبيل العودة بدولة الإسلام إلى ما كانت عليه أيام الرسول ‹صلى الله عليه وآله وسلم› .
ومن كلامه ‹عليه السلام›: «والله لئن أطعتموني لا فقدتم من رسول الله إلا شخصه إن شاء الله».
من كتيب "الإمـام الهـادي (علية السلام) صورة مُوجزة " للاستاذ يحيى قاسم ابو عواضه