مـوقع دائرة الثقافة القرآنية – تقارير – 25 رمضان 1446هـ
تتسارعُ المستجداتُ في المشهدَينِ العربي والدولي، ضمن حربٍ مركَّبةٍ وممنهجة تستهدفُ العالم َالإسلامي، تُشن تحت مِظلة “عقيدة الصدمة”، التي تعتمدها القوى الكبرى لفرض هيمنتها، عبر الحروب المدمّـرة، والحصار الاقتصادي الخانق، ودعم الجماعات الإجرامية لإشغال الدول وإضعاف مجتمعاتها من الداخل.
ورغم سنوات من الحروب، والحصار الاقتصادي على إيران وسوريا ولبنان واليمن، لم تفلح الاستراتيجية الأمريكية في تفكيك المقاومة، بل رسّخت هذه الأزمات العقيدة المقاومة في وعي شعوب المنطقة.
زمن الأُحادية الأمريكية.. إلى أفول
اليوم؛ ووفقًا للمؤشرات الجيوسياسية فَــإنَّها تدل على أن زمن السيطرة الأمريكية المطلقة قد ولّى، وأن شعوب المنطقة باتت أكثر وعيًا وإصرارًا على التحرّر من الهيمنة، والحرب الاقتصادية الأمريكية التي استُخدمت كسلاحٍ للتركيع، تحوّلت إلى محفّز لبناء منظومات صمود واستقلال اقتصادي وسياسي، وفق تجارب الشعوب المقاومة في “إيران واليمن ولبنان”.
وعلى النقيض، تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم عالقين في مستنقع غزّة، التي تحوّلت إلى العُقدة الكُبرى في وجه مشروع تصفية القضية الفلسطينية.
وبات الرهان الأمريكي على التطبيع الإجباري بين “إسرائيل” ولبنان وسوريا، وفق ما صرّح به “ويتكوف”، بعيد المنال، فكل المؤشرات على الأرض تؤكّـد أن تصفية القضية الفلسطينية وهمٌ كبير، يصطدم بحقائق التاريخ والميدان، وبرهنت غزة ومنذ السابع من أُكتوبر المجيد حتى اليوم، أنها ليست مُجَـرّد مدينة محاصرة، بل أيقونة إلهام ثوري ستغيّر وجه الإقليم بأسره.
بحسب مراقبين، فقرارات مثل إقالة رئيس “الشاباك”، وتصعيد محاولات إقالة “المستشارة القضائية”، وتحَرّكات عائلات الأسرى الصهاينة لدى المقاومة في غزة؛ تهدّد بتفجير الداخل الإسرائيلي في أية لحظة، وسط تحذيرات من تحول هذا الشرخ إلى مواجهاتٍ مسلّحة.
مراقبون إسرائيليون يرون أن مجرم الحرب “نتنياهو” بات الخطر الأكبر على كيان الاحتلال، خَاصَّة مع ازدياد الاحتجاجات التي تهدّد بعصيان مدني واسع، في وقتٍ تفقد فيه المؤسّسة الأمنية السيطرة، ويتزايد العجز أمام تصاعد العمل المقاوم في غزة والضفة ولبنان.
في السياق، ولبنان، كأحد ميادين الصراع المفتوحة، يواجه موجة ثانية من العدوان الصهيوني في الجنوب، بذريعة الردع وضرب “البنى التحتية للمقاومة”.
ورغم نفي حزب الله مسؤوليته عن بعض العمليات الأخيرة، يسعى الكيان الإسرائيلي لتأزيم الداخل اللبناني عبر استهداف الحكومة وتحميلها المسؤولية، وبحسب مراقبين، فَــإنَّ الضغط الإسرائيلي المدعوم أمريكيًّا بات علنيًّا؛ إذ صرّحت نائبة المبعوث الأمريكي بوقاحةٍ وفجاجة، بالقول: إن “الولايات المتحدة زوّدت إسرائيل بكل ما يلزم لمواصلة حربها على غزة ولبنان واليمن”، مؤكّـدةً الدعمَ المطلق لحليفتها “إسرائيل” في معركتها مع المقاومة.
في المقابل، جاء موقف السيد القائد عبد الملك الحوثي، مساء الأحد، بإعلانه وقوف اليمن عسكريًّا وسياسيًّا إلى جانب لبنان في أية مواجهة قادمة، ليعكس حقيقة محور الجهاد والمقاومة الذي تخلى عن حسابات الأنظمة التقليدية وارتقى إلى مصاف الدفاع عن الأُمَّــة.
وبحسب سياسيين وناشطين عرب، فَــإنَّه في زمنٍ تهافت فيه بعض الأنظمة الرسمية على التطبيع والتذلل للغرب الأمريكي وكيان الاحتلال الصهيوني، تُثبِتُ صنعاء أنها عنوانٌ للعروبة في وجه مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية.
حركة حماس بدورها، أدانت العدوان الأمريكي-الصهيوني المشترك على لبنان وسوريا واليمن، واعتبرته جزءًا من العدوان المُستمرّ على فلسطين، مؤكّـدةً أن المرحلة تتطلب توحيد الموقف العربي والإسلامي لمواجهة تصعيد خطير يهدّد المنطقة بأسرها.
وفيما تدلل كُـلّ المؤشرات أن غزة هي محور التحول الإقليمي، وأن هذا الحصار وهذه الإبادة ليست إلا محاولة يائسة لكسر إرادَة الصمود والجهاد والمقاومة، يؤكّـد الواقع الذي يتهرّب ويتجاهله “ويتكوف وساسة واشنطن” هو أن ما ينتظرهم بعد غزة لن يكون العودة إلى “اتّفاقيات أبراهام” ولا إلى صفقة القرن، بل إلى واقع جديد تُعيد فيه الشعوب رسم خرائطها بعيدًا عن أدوات الهيمنة.
وبالمحصلة؛ يبقى السؤال العالق في أذهان الشعوب: هل ستستفيق الأنظمة العربية، وتدرك أن مصيرها مرتبط اليوم بمصير غزةَ؟، أم ستبقى رهينةً لعقيدةِ الصدمة الأمريكية حتى السقوط في وحل صمتها وعمالتها وخيانتها للقضية؟
صحيفة المسيرة| عبد القوي السباعي
غزة.. العُقدة الكُبرى في معركة كسر الهيمنة: محورُ المقاومة يبدّد أوهامَ تصفية القضية
