أمام واقعٍ كهذا، وتجاه تحديات كهذه، وفي بيئة غلبت عليها حالة الصمت لدى الكثير، وانطلق فيها الكثير للاستجابة للأمريكي، على النحو الذي يساعده، برز موقفٌ مغاير، وصوت حرٌ انطلق من اليمن. آنذاك تحرك السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- بمشروعه القرآني، رافضاً حالة التدجينِ والاستسلام، ومعلناً موقفاً مسؤولاً وحراً ومنطلقاً على أسسٍ صحيحةٍ ومشروعة، بتاريخ يوم الخميس الموافق: 17/1/2002م، يعني: بعد قرابة أربعة أشهر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- أطلق في يوم الخميس هذا -الذي كان آخر خميس من شهر شوال- موقفه المُعلن، الواضح، الصريح، وكان شعار هذا الموقف، كان شعاره الذي أطلقه في مدرسة الإمام الهادي -عليه السلام- بمران، في ذلك التاريخ، هتاف البراءة :
الله أكبر. الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل. اللعنة على اليهود. النصر للإسلام
هذا الهتاف: هتاف الحرية، هتاف البراءة من الأعداء، كشعارٍ يعبّر عن توجهٍ، وعن مشروع: مشروع ضمنه تفعيل المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، ضمنه نشاط توعوي كبير في أوساط الشعب، في أوساط الأمة؛ لتوعيتها تجاه المخاطر الكبيرة التي تعيشها، تجاه المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، وكذلك لإفشال الكثير من الأنشطة المعادية، التي يتحرك بها الأمريكي والإسرائيلي في واقع الأمة، سنأتي للحديث عن كثير من هذه التفاصيل إن شاء الله.
وأيضاً لمواجهة حالة الاستسلام والتدجين، ولكسر حالة الصمت، التي يُراد لها أن تُفرض على شعوب هذه الأمة؛ لأنه أريد لشعوبنا كلها: أن تبقى في مقابل ذلك التحرك الأمريكي والإسرائيلي، أن تبقى صامتة، وأن تبقى تحت حالة الاستسلام، وفي حالة الاستسلام، وأن تبقى في حالة جمود، ليس مسموحاً لأحد أن يكون له موقف يناهض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، يتصدى للحملة الأمريكية، ليس من المسموح لأحدٍ أن يكون له صوت، ولا أن يكون له موقف، ولا أن يتحرك تحركاً مغايراً للموقف الرسمي العربي، الذي اختار حالة الاستسلام، والاستجابة المطلقة للسياسات الأمريكية، والانضواء الكامل تحت الراية الأمريكية، والتقبّل التام لكل ما تريده أمريكا في بلداننا: قواعد عسكرية [تفضلوا…]، سياسات شاملة، وتدخل كامل في كل شؤوننا [تفضلوا…]، تدخل حتى في المناهج الدراسية، في السياسية الإعلامية، في السياسة الاقتصادية، في المواقف العامة، تدخلٌ في كل شؤوننا…. [تفضلوا، الأبواب مفتوحة]؛ فالحالة الرسمية هذه، كان يُراد لها: أن تكون مفروضة علينا كشعوب، وأن نقبل بها كشعوب، وألا نخالفها أبداً.
قال أيضاً في كلمته (الصرخة في وجه المستكبرين) في ذلك اليوم، قال في آخرها: (حتى تتبخر كل محاولة لتكميم الأفواه، كل محاولة لأن يسود الصمت، ويعيدوا اللحاف من جديد على أعيننا، لقد تجلى في هذا الزمن أن كُشفت الأقنعة عن الكثير، فهل نأتي نحن لنضع الأقنعة على وجوهنا، بعد أن تجلت الحقائق، وكُشفت الأقنعة عن وجوه الآخرين؟ لا يجوز هذا)، وفعلاً انطلق هذا المشروع، وكان يوم الجمعة الأخير من شهر شوال: أول جمعة هُتف فيها بهذا الشعار في المساجد، في منطقة مران، وفي نشور، ثم انتشرت إلى مناطق أخرى في محافظة صعدة، ثم انتشرت إلى مناطق أخرى فيما بعد في البلد.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
في الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين: 26شوال/ 1438هـ.