مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عندما تأتي لتتأمل كثيرًا من الوقائع والأحداث التي تحرك فيها التكفيريون، وحملوا عنوان الجهاد، بدءًا من حرب أفغانستان، كان من الطبيعي أن يكون هناك- مثلًا– جهاد في أفغانستان؛ لإخراج المحتل السوفيتي، ولكن ليكون تحركًا صادقًا، نابعًا من إرادة تحرر، وليس من استغلال لصالح أمريكا، آنذاك ما الذي حصل؟ أمريكا كانت ترغب، وضمن حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق، أن تعمل على إضعاف الاتحاد السوفيتي، وتنتقم منه ضمن برامج وأنشطة واسعة لها واستهدافات متنوعة؛ تسعى إلى تقويضه، والتخلص منه، والدفع به إلى حافة الانهيار؛ فتحركت بوسائل وعناوين وطرق متعددة، واحدة من هذه الوسائل التي تحقق لها هدفين:

 

الهدف الأول: الإضعاف- آنذاك- للاتحاد السوفيتي، والاستنزاف له.

 

 الهدف الثاني: العمل على السيطرة على أفغانستان بشكل مباشر من جانب أمريكا، فما الذي عملت أمريكا؟ اتجهت إلى النظام السعودي، ومعه بعض دول الخليج، على أساس أن يقوموا بالآتي:

 

أولًا: يعملون على توفير طاقة بشرية، وتغطية الموارد البشرية بتجميع عشرات الآلاف، أو مئات الآلاف من المقاتلين الذين يذهبون إلى أفغانستان ليقاتلوا هناك باسم (الجهاد في سبيل الله)؛ لإخراج الاتحاد السوفيتي بعد استنزافه، وفي النهاية تتمكن أمريكا من المجيء وتحتل، فيرفع عنوان الجهاد؛ لأنه عنوان سيحاط بفتاوى دينية من علماء البلاط لدى السعودية وأمثالها، والمرتبطين بها في العالم الإسلامي، ثم يدفع بالشباب من كافة المناطق والبلدان العربية والإسلامية للتحرك إلى هناك، تحت عنوان الجهاد المقدس والواجب، والذي صدرت به فتاوى من فلان الذي هو من هيئة كبار العلماء، وفلان مفتي دولة كذا، وفلان الذي هو كذا، و… بألقابهم، وأسمائهم، وأساليبهم المعروفة للترويج والإقناع، ثم أن تقوم أيضًا بالتمويل لمستلزمات هذه الحرب، التمويل المادي، توفير المال اللازم، وتحمل الكلفة اللازمة لتلك الحرب.

 

قام النظام السعودي ومعه بعض الأنظمة– لكن هو الذي تولى المسألة بالدرجة الأولى- قام بكل هذا الدور، وبقيادة هذا الدور، كلفة مادية، زخم بشري، تحشيد كبير جدًّا من مختلف البلدان التي انطلق منها الكثير والآلاف من الشباب، في بعض الإحصائيات أنَّ الذين تحركوا من اليمن للمشاركة في أفغانستان: – تقريبًا- ستون ألف مقاتل، تحت عنوان (الجهاد في سبيل الله)، آنذاك قالوا: [أفغانستان بلد محتل، وبما أنَّ الاتحاد السوفيتي احتل أفغانستان؛ يلزم- وجوبًا- كل شعوب المنطقة أن تذهب للجهاد في أفغانستان حتى تطهر أفغانستان، وتعمل على تنظيفها بالكامل من سيطرة الاتحاد السوفيتي]، انتهت المسألة، تحققت أهداف أمريكا في الاستنزاف الهائل للاتحاد السوفيتي، وإلحاق نكبة كبيرة به على المستوى الاقتصادي، وأن تستنزف الأمة الإسلامية، وتقدِّم الشعوب العربية تضحيات كبيرة جدًّا، وتقدم تلك الدول العربية مبالغ هائلة جدًّا؛ لتمويل تلك الحرب والقيام بتكلفتها، العنوان كان عنوان (الجهاد في سبيل الله).

 

لماذا لم يجب هذا الجهاد بنفسه في فلسطين؛ لإنقاذ الشعب الفلسطيني، لدحر إسرائيل؟ لماذا لم يصدر علماء النظام السعودي في هيئة كبار العلماء ومفتوه وغيرهم- آنذاك- نفس الفتوى لتحرير فلسطين من سيطرة إسرائيل؟ واضح؛ لأن المسألة باعتراف الأنظمة العربية، وباعتراف الأمريكيين أنفسهم، وباعتراف بعض قادة تلك الجماعات التكفيرية، الثلاثة اعترفوا: (المُخَطِّط، والمُمَوِّل والمُحَرِّك، والمُنَفِّذ)، ثلاثتهم اعترفوا: أنَّ مسألة التحرك للقتال في أفغانستان- آنذاك- كانت بإرادة أمريكية، ورغبة أمريكية، وطلب أمريكي، إذًا لا تتوقع من أمريكا أن تطلب منك خيرًا، أن تطلب منك ما هو رضى لله، وهو في نفس الوقت يمثِّل مصلحة حقيقية لها؟ ألم يكن بالإمكان أن يكون هناك جهاد غير مرتبط بأمريكا، ولا يحظى بالتمويل- طبعًا- الخليجي من النظام السعودي وغيره، ولا يحظى بذلك الإقبال، والالتفاف الواسع، والزخم الكبير من الفتاوى ونحوها؟.

ثم ماذا كانت النتيجة؟

في النهاية ما الذي حدث؟ بعد الاستكمال لإخراج السوفيت من أفغانستان، والسيطرة التامة عليها، فيما بعد وبعد وبعد، أتت أمريكا، احتلت أفغانستان، وأصبحت أفغانستان بلدًا محتلًا من أجنبيٍ كافر، بحسب التسميات التي يركِّز عليها أولئك، فما الذي حصل؟ لم يأتوا من جديد ليقولوا: [وَجَبَ نفس الجهاد الذي وَجَبَ- آنذاك- أيام احتل الاتحاد السوفيتي أفغانستان]، لماذا؟ لأن المحتل اليوم هو الأمريكي، تلك الفتاوى، ذلك التحرك النشط في مختلف البلدان العربية والإسلامية، أولئك الخطباء، والمرشدون والمفتون, وغيرهم، كل أولئك سكتوا، ولم يأتوا من جديد بمثل ما فعلوا أيام الاتحاد السوفيتي، لماذا لا يفعلون مثلما فعلوا- آنذاك- ويتحركون في ساحتنا العربية والإسلامية لاستنفار المسلمين، والوجوب الحتمي واللازم والفوري للجهاد ضد أمريكا في أفغانستان؟ لأن المحتل هو الأمريكي، والقوم يتحركون وفق البوصلة التي يحددها الأمريكي، يعني: أنَّهم يتحركون بعنوان (الجهاد) أين ما أرادت منهم أمريكا أن يتحركوا، لم يجعلوا من فلسطين أولوية لتحركهم نهائيًا، لا آنذاك، ولا اليوم، ولا قبل اليوم، ولن يجعلوها بعد اليوم، فلسطين وفيها مساجد مقدَّسة، فيها ثالث الحرمين الشريفين (الأقصى الشريف)، مكان مقدس، يعترف المسلمون بقدسيته، وأرض مباركة، وفيها الكثير- أيضًا– من المشاهد وكذلك المقدسات المتعددة، ومع ذلك بمكانتها حتى داخل الثقافة الإسلامية لم يجعلوها من أولوياتهم أبدًا، لم يجعلوا إسرائيل العدو رقم واحد، يرفضون ذلك نهائيًا، مع أن الله يقول: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ}[المائدة: من الآية82]، مع ما يفعله اليهود الصهاينة، وما فعلوه عبر كل هذا التاريخ من بداية غزوهم لفلسطين وإلى اليوم، ومؤامراتهم على الأمة بكلها، ولم يقبلوا أن يجعلوا أمريكا في تصنيفهم هي العدو بشكلٍ جاد وحقيقي؛ فيتحركون وفقًا لذلك، ولمناهضتها بالفعل. |لا|، جعلوا بوصلتهم تمامًا في سوريا إلى حيث تريدهم أمريكا وإسرائيل أن يكونوا، وكان موقفهم متطابقًا مع الأمريكي والإسرائيلي، والفارق لم يكن إلَّا في العناوين، وإذا لم يكن الفارق إلَّا في العناوين، والمضمون واحد، والتوجه واحد، والموقف واحدٌ في أصله؛ فاعرف أنَّ ذلك من الباطل.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

محاضرة السيد الثالثة بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام للعام 1440هـ-


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر