مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ثلاث عناصر أساسية تقوم عليها خيرية الأمة، وتنطبق كلياً في أخيار هذه الأمة، في صفوة هذه الأمة، في هداة هذه الأمة، ويراد للأمة أن تنهج هذا النهج، وأن تسير في واقعها على هذا الأساس، أن تكون الأمة التي تتحرك وهي تحمل هذه المسؤولية، وفي نفس الوقت تلتزم في واقعها على أساس هذه المسؤولية؛ فتكون هي أمة المعروف، المعروف الذي يشمل كل مكارم الأخلاق، يشمل كل الإيجابيات، يشمل كل ما دعانا الله إليه، وأمرنا الله به، ورسمه لنا في هذه الحياة، يشمل كل ما يترتب عليه الخير لنا والفلاح والصلاح، وما تصلح به حياة البشر، هذا المعروف الذي أراد الله -سبحانه وتعالى- للأمة أن يكون لها النهج، وأن يكون لها المبادئ، وأن يكون لها العنوان الذي تتحرك في تفاصيله ملتزمةً بها، وداعيةً إليها، وآمرةً بها، وساعيةً إلى ترسيخها وإلى نشرها وإلى فرضها في واقع الحياة.

 

{وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، المنكر ذلك العنوان الواسع الذي يندرج تحته كل التفاصيل السيئة: الفساد، الظلم، الباطل، الجرائم… كل تلك التفاصيل والسلبيات الخطيرة والسيئة في واقع الحياة، أن تكون هذه الأمة أمةً تعمل على تحصين ساحتها من المنكر، وتحارب المنكر، تمقت المنكر، تتخذ المواقف الحاسمة ضد المنكر، تسعى لإزالة المنكر، تنهى عن المنكر، تسعى لتحصين ساحتها الداخلية وتطهير ساحتها الداخلية من المنكر، ثم تسعى  أيضاً- إلى إزاحة هذا المنكر من واقع حياة البشرية؛ فتكون الأمة الناهية عن المنكر، والتي لا تقبل بالمنكر: سواءً كان هذا المنكر ظلماً، أو فساداً، أو انحرافاً أخلاقياً، أو باطلاً… كل التفاصيل التي تندرج ضمنها، كل السلبيات السيئة في واقع الحياة وفي كل مجالات الحياة، فتكون هذه الأمة أمةً تحصِّن نفسها وتبعد نفسها عن المنكر، ثم تنهى عنه أيضاً في ساحة البشرية من حولها، وتنطلق في هذه المسؤولية بكلها، وهي مسؤولية كبيرة جدًّا؛ لأنها ستضبط مسيرة حياتها على أساسها، يكون المعروف هو الذي نعمل على أن نربط به مسيرة حياتنا، برنامج حياتنا، ننظم شؤون حياتنا في كل المجالات: إن جئنا إلى المجال الاقتصادي، إن جئنا إلى المجال السياسي، إن جئنا إلى… كل مجال من مجالات الحياة، كل شأن من شؤون هذه الحياة، في واقعنا الاجتماعي، في واقعنا الاقتصادي، في واقعنا السياسي… في كل مجال ، في سلوكياتنا وتصرفاتنا بشكلٍ عام نضبطها بالمعروف وعلى أساس المعروف، ثم نعمل على إزاحة المنكر، على تنقيتها من المنكر، على تطهيرها من المنكر، على التخلص من هذا المنكر في كل أشكاله السلوكية والعملية.

 

هذه الأمة يضبط برنامجها هذا ومسؤوليتها هذه ضابطٌ مهم وأساسيٌ: هو الإيمان بالله، {وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، عندما تنطلق على هذا الأساس هو الذي يضمن لها الاستقامة، ويضمن لها الدافع، ويضمن لها العامل المهم الذي يساعدها على الانضباط وفق هذه المسؤولية المهمة والعظيمة.

 

هذه الأمة هي الأمة التي قال لها الله -جلَّ شأنه- في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ} [المائدة: من الآية8]، هي الأمة التي أمرها الله، وجعل من أهم التزاماتها الإيمانية والدينية أن تكون أمةً قائمةً لله، بل قوّامةً وليس فقط قائمة، لما يفيده هذا التعبير القرآني (قَوَّامِينَ) من حركة مستمرة، من نهوض مستمر، من حركة متصاعدة، {قَوَّامِينَ لِلَّهِ}، قوامين بماذا؟ يعني: تنهضون بهذه المسؤولية، تقومون بمسؤوليتكم في إحقاق الحق، في إقامة العدل، في الالتزام بمنهج الله -سبحانه وتعالى- في إصلاح واقع الحياة، في الالتزام بالمبادئ والقيم والأخلاق التي أمر الله بها، في دفع الظلم، في دفع الفساد، في دفع المنكر، في التجند لله -سبحانه وتعالى- فتكونون جنداً لله في مواجهة كل عناصر الشر والإجرام، وكل أولياء الشيطان، في مواجهة كل المؤامرات الشيطانية، كل المفاسد والمظالم التي يتحرك بها الأشرار في هذه الأرض.

 

{شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ}، أمة تشهد بالقسط فيما تجسده كواقعٍ عمليٍ يقدِّم الشهادة على أنها أمة تلتزم بالقسط، وفيما تشهد به كذلك في الواقع.

 

يقول الله -سبحانه وتعالى- أيضاً في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}، هنا آية أيضاً تركِّز وتدخل مباشرة إلى المسؤولية، هناك: {قَوَّامِينَ لِلَّهِ}، ولها مدلولها المهم في أن يكون اتجاه هذه الأمة من أجل الله -جلَّ شأنه- ووفق الطريقة التي رسمها الله -سبحانه وتعالى- فتصلح النية، ويتجه الجميع نحو الهدف الصحيح الذي رسمه الله، ووفق الطريقة التي رسمها الله، هنا يدخل أيضاً إلى صلب الموضوع، إلى المسؤولية بشكلٍ مباشر: {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}، أن نكون الأمة التي تعمل وتسعى وتتحرك وتقوم بما يعنيه هذا القيام من عمل، من تضحية، من نهوض، من جهاد، من تحملٍ للمسؤولية، {بِالْقِسْطِ} لإقامة القسط في واقع الحياة بما يشمله من مفاهيم، في مقدِّمتها العدل، {شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: من الآية135]، الأمة التي يقول لها الله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، الأمة التي نهاها الله عن التفرق: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: الآية105].

 

وهكذا لو نأتي إلى القرآن الكريم كم فيه من الآيات القرآنية المباركة التي تحدد للأمة هذه كيف تكون، وما ينبغي أن تكون عليه، وبالتالي ما سيترتب على ذلك من نتائج، الأمة إذا كانت تتحرك وفق هذا المسار المرسوم لها من الله -سبحانه وتعالى-: تزكية، مكارم أخلاق، أمر بمعروف، نهي عن منكر، إقامة للقسط، نهوض بالمسؤولية، مواجهة للمنكر وسعي لإزالته، مواجهة للطاغوت وللظلم وللفساد، كيف ينبغي أن تكون حياتها، كيف ينبغي أن يكون واقعها؟ الواقع الذي بني على أساس توجيهات الله وتعليماته في القرآن الكريم: العدل سيتجسد في واقع الحياة، الخير سيكون هو السائد في واقع الحياة، الاعتصام بحبل الله جميعاً والألفة ستكون هي السائدة في واقع الحياة، ثم الزكاء والتربية على مكارم الأخلاق، والاستقامة في السلوكيات والتصرفات، والرشد في الرؤى والأفكار، والحكمة في كل الاتجاهات: رؤيةً، سلوكاً، عملاً، موقفاً… ثم العلاقة في الواقع الداخلي للأمة، معنى ذلك كله أن تصلح حياة الناس، أن تستقيم على أساسٍ من هذه القيم العظيمة والمبادئ العظيمة، وأن يسود فيها الخير، وأن يقود في هذه الأمة أخيارها وصلحاؤها ورشداؤها وهداتها على أساسٍ من هذه القيم.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة ذكرى عاشوراء 8 محرم 1441 هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر