مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله
  • ثم كانت الميزة- وهذه ميزة أساسية، ومن أهم المؤهلات الضرورية- ما كان أيضاً- وهي مرتبطة بهذا الجانب- كان من المؤهلات المهمة: أنهم كانوا نواةً، ومجتمعاً، ودائرة قابلةً للنمو والتوسع والبناء:

ليسوا أنانيين، منغلقين على أنفسهم بعصبيات، أو مصالح ضيقة، أو حسابات ضيقة، هم ذائبون في الإسلام، همهم هو راية الإسلام، ورسالة الإسلام، والمشروع الإسلامي، والمناصرة الصحيحة، الصادقة، الجادة للرسول "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"؛ ولذلك عبِّر عنهم بهذا التعبير المهم: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}، بعظيم محبتهم للإسلام، وذوبانهم فيه، وحرصهم على كل ما يمثِّل عامل قوة في الانتصار، وفي إقامة الإسلام، وفي التمكُّن من النهوض في المشروع الإلهي في الأرض، فهم كانوا على هذا المستوى، على هذا النحو: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}، يفرحون ويحبون من يهاجر إليهم؛ لأنهم يجدون فيه لبنةً في بناء صرح الإسلام العالي والشامخ، والبنيان العظيم للإسلام، فهم يحبونه؛ لمحبتهم العظيمة للإسلام، ولوعيهم بأهمية الدور لكل ما يمثل عامل قوة في بناء الأمة الإسلامية، وذوبانهم في خدمة الرسالة الإلهية، إضافةً إلى أنهم يحملون قلوباً زكت، ونفوساً زكت بالإسلام وبالإيمان، ليست مليئة بالأنانية والأحقاد، والحسد، والعقد.

  • وقلوب في نفس الوقت- وميزة هي أيضاً مرتبطة بهذه المؤهلات، ميزة مهمة للغاية- قلوبٌ تحمل إرادة الخير للآخرين، وسليمةً من الحسد والضغائن:

لأنك عندما تتحمل في إطار هذا المشروع العظيم نشر الرسالة الإلهية وهدى الله، لِيَعُمَّ بخيره ونوره الآخرين، لابدَّ أن تحمل إرادة الخير للآخرين في قلبك، وفي نفسك، هذه مسألة مهمة جداً، إذا لم تحمل هذه الإرادة، إذا لم يكن لديك هذا التوجه، هذه النفسية والروحية؛ فستكون أبعد ما تكون عن التحرُّك الجاد، الصادق والواعي، المشرف والعظيم في إطار هذه المسؤولية المقدسة، لنشر الإسلام، وحمل رايته، والنهوض بمشروعه.

وعبَّر عن هذه المسألة بقوله تعالى: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}، (لَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً): لا حسد، ولا ضغائن، ولا حساسيات، ولا عُقد... ولا أي شيء مما يبعث عليه الطمع، أو الرغبة، أو الحسابات والمصالح الشخصية... أو غير ذلك، (مِمَّا أُوتُوا) يعني: مما يؤتى المهاجرون، مما يعطى لهم: سواءً على المستوى المادي، أو على المستوى المعنوي، فليست لديهم حساسيات تجاه الآخرين، وما يعطى للآخرين في إطارهم الإسلامي، وفي إطار مجتمعهم كنواه مسلمة مكونة من المهاجرين والأنصار، وهذه ميزة مهمة؛ لأنَّ من أهم وأخطر عوامل الفرقة وأسوئها هي: الحساسيات والعُقَد، النابعة من الحسد تجاه ما يؤتى الآخر، ممن هو في صفك، في إطار أمتك، في إطار مشروعك العظيم، عندما تنتشر حالة الأنانيات والحسد، لا تبقى معها أُلفة، ولا أُخوَّة، ولا تعاون، ولا تفاهم، ولا وئام، ولا يتحقق التوحُّد المطلوب، المطلوب شرعاً، والمطلوب واقعاً للنهوض بالمشروع الإلهي، وفي نفس الوقت تمثيله، وتجسيد قيمه وأخلاقه، فهذه ميزة تدل على سلامة صدورهم من آفة الأنانية، والحسد، والعقد... وغير ذلك.

  • ثم أيضاً المزية الرابعة، وهي ذات أهمية كبيرة جداً، وتعتبر في موقعها في الأخلاق والقيم ذات مستوى متقدم، وعالٍ، وراقٍ جداً، قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}:

يحملون روحية العطاء والإحسان والتقدمة، إلى درجة الإيثار على النفس، حتى مع الظروف الصعبة، ومع الفقر والحاجة، فهم يحملون هذه الروحية الممتازة العظيمة جداً، وهي مؤهلةٌ كبيرة جداً للنهوض والمسؤولية، عندما يكونون من يتجهون في إطار المشروع الإلهي بهذه النفسية، بهذه الروحية: روحية العطاء، البذل، التقدمة، يقدِّمون الجهد، يقدِّمون المال، لا يبخلون بشيء، وهم سليمون من الحساسيات والعقد والأنانيات، التي تسبب الفرقة، وتثير الخلاف، والنزاع، والشقاق، والأطماع، والتغالب على الأطماع.

  • ثم يختمها بختامٍ عظيمٍ ومهم، له علاقةٌ بها بكلها، وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}:

بتلك المواصفات التي تقدمت، وقاهم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" من شُحّ النفس، وَشُحّ النفس يعتبر من أخطر العوائق المعوّقة عن الفلاح، التي تعيق الإنسان عن الفلاح بما يعنيه: من الضفر بالخير، والفوز بالخير، والنجاح في الوصول إلى الأهداف العظيمة، والضفر بالمطلوب الذي يسعى الإنسان لتحقيقه، وفي المشروع الإلهي، في المشروع الإسلامي، في مشروع الرسالة الإلهية، الإنسان يسعى لتحقيق أهداف عظيمة ومقدسة في الدنيا والآخرة، والغاية عظيمة: رضوان الله، والجنة، والنجاة من عذاب الله، والثمرة العاجلة في الدنيا: العزة والكرامة، والحريَّة بمفهومها الصحيح، والعدل والخير، أهداف عظيمة جداً، ونجاحات ذات أهمية كبيرة للإنسان، في سموِّه الإنساني، وفي كرامته الإنسانية، وأيضا فيما يأمله كإنسان مؤمن من أهدافٍ إيماني.

فأمكن بتلك المواصفات العظيمة، التي تعني السلامة من شُحِّ النفس، الذي هو أخطر المعوّقات، فالسلامة منه ساعدت على الفلاح، على النجاح؛ ولهذا كانوا حاضنةً ناجحة، الأنصار حاضنة ناجحة، نجحت في تحركها بالمشروع الإلهي، في أن تذوب كأمة، كنواة، مع المهاجرين لتكوين مجتمعٍ واحد، والنهوض بحمل المشروع الإلهي، والرسالة الإلهية، وحمل راية الإسلام، فتحققت النجاحات الكبيرة، والانتصارات العظيمة، التي تغيَّرت بها حالة العربي جميعاً آنذاك وانتقلت بهم إلى واقعٍ مختلف، بالرغم من أن التحديات كانت كبيرة وكثيرة، في محيطهم على المستوى العربي، ومحيطهم على المستوى العالمي، لكن بتلك المواصفات أمكن لهم أن يحظوا برعاية الله، وتأييد الله، ومعونة الله، ونصره، وكان لديهم القابلية لأن يتحركوا بالمشروع العظيم الإلهي.

فإذاً يتبين لنا خطورة الشُح، الشُح بما يعنيه من نفسية الأخذ، والاستحواذ، والأنانية، وعدم إرادة الخير للآخرين، الذي هو مصابٌ بشُح النفس، ريد أن يأخذ ولا يريد أن يعطي، يريد أن يستحوذ على الأشياء هو لنفسه، يتمحور دائماً حول ذاته، حول ما يتصور أنه يمثل مصالح شخصية له، يجعل ذلك فوق كل شيء، فوق كل الاعتبارات، فوق كل الأمور، مهما كانت عظيمة ومهمة، وهي نظرة خاطئة؛ لأن الخير الحقيقي، والمصلحة الفعلية للإنسان، هي: عندما يذوب في الله، وعندما يتَّجه الاتجاه العام ضمن أمة، في مشروعٍ إلهيٍ عظيم، هذا عائدته لك شخصياً عائدٌ عظيم، ثمرته ثمرةٌ كبيرة، عواقبه هي العاقبة التي وعد الله بها المتقين في الدنيا والآخرة.

ولكن عندما ينفصل الإنسان من التَّوجُّه العام، إلى التمحور حول الذات والحسابات الشخصية؛ يصبح مكبلاً ومقيداً بالأنانية، بالحساسيات والعقد، بالنظرة الضيقة والحسابات الضيقة؛ وبالتالي لا يحمل روحية العطاء، روحية التقدمة، روحية البذل للجهد، والبذل للعمل، والإيثار على النفس، مثل: تلك المواصفات العظيمة، ولا يسلم قلبه من حمل العقد والأحقاد، بدلاً من: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}، يمكنه أن يحمل في قلبه العقد، بل إلى درجة الكراهية أحياناً، لمن هم من رفاقه في إطار المشروع الإلهي، والمسؤولية الجهادية والإيمانية؛ فيصبح قلبه ممتلئاً بالعقد، والأحقاد، والضغائن، ليس قلباً سليماً، ليس صافياً بالمحبة الصادقة؛ بل هو مُعقَّد، هذا يؤثِّر حتى على مستوى التوحد، وبذل الجهد الجماعي، والتعاون اللازم، الذي لابدَّ منه لانتشار نور الإسلام، ولانتصار المشروع الإلهي، لابدَّ من أمة مُوَحَّدَة، وَمُوَحِّدة لله تعالى، متآخية، متعاونة، تسود بينها الألفة، والمحبة، والوئام، والتفاهم، والتعاون على البر والتقوى، فإذا دخل الشُّح؛ تفرَّع عنه:

  • الأنانية.
  • الأحقاد.
  • العقد.
  • الحسابات الشخصية.
  • التمحور حول الذات.
  • الحسابات الضيقة.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

كلمة ألقاها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية

الأحد 1 محرم 1446هـ 7 يوليو 2024م


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر