لكن المسؤولية على أبناء هذه الأمة أن يكونوا على درجةٍ عاليةٍ من الوعي، وأن يفهموا الأمور فهماً صحيحاً؛ حتى لا يخضعوا لهذه الاستقطابات، ولا يتأثروا بهذا الترويج للتطبيع والتبعية لأعداء الأمة، وأن يدركوا أنَّ هؤلاء مهما كان تضليلهم، ومهما كانت العناوين التي يقدمونها، والتبريرات والترويج الذي يشتغلون من خلاله لتضليل هذه الأمة، فهم لا يحترمون هذه الأمة، لا يريدون الخير لشعوب هذه الأمة، لا يريدون الخير لا لشعب اليمن، ولا لشعب العراق، ولا للشعوب في منطقة الخليج، ولا يريدون خيراً للشعوب في المغرب الإسلامي، وفي مصر، وفي الشام… في كل أقطار هذا العالم الإسلامي، لا يريدون الخير لأحد، أولوياتهم باتت هي تنفيذ مؤامرات أعداء هذه الأمة، أولوياتهم، اهتماماتهم، مؤامراتهم، مخططاتهم، كلها تصب في مصلحة أمريكا وإسرائيل، وقد جنَّدوا أنفسهم لمصلحة أمريكا وإسرائيل.
يجب أن تحمل شعوبنا هذه النظرة الصحيحة إليهم؛ حتى تحذرهم، إنَّ القرآن عندما أخبرنا عن المنافقين، وعن ولائهم لأعداء الأمة، وعن تبعيتهم لأعداء الإسلام والمسلمين؛ هو لنحذر منهم، {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}، احذرهم، لا تتأثر بهم، لا يستقطبوك، لا تقف إلى صفهم، لا تتعاون معهم، لا تشتغل معهم لا إعلامياً، ولا سياسياً… ولا في أي مجال من المجالات، واحذر من مؤامراتهم؛ لكي تتصدى لها، من واجبك في انتمائك الديني، في انتمائك لهذه الأمة أن تتصدى لمؤامراتهم التي هي ذات طابع استهدافي وعدائي لهذه الأمة.
اليوم هم سيتآمرون على الشعب الفلسطيني بكل وضوح، وباتوا كذلك، وبدأوا ذلك؛ أما عدوانهم على شعب اليمن فهو في هذا السياق، ومنذ اليوم الأول عندما بدأ العدوان قلنا: إنَّ هذا العدوان يأتي من هؤلاء وهم مجرد أدوات تنفذ لأمريكا وإسرائيل مؤامراتها، هذا هو عدوانٌ لمصلحة أمريكا وإسرائيل يستهدف الشعب اليمني، هؤلاء لا يمتلكون أي أجندة تخصهم، ولا مشاريع تخصهم، مشاريعهم هي ضمن المشاريع الأمريكية، أجندتهم هي ضمن الأجندة الأمريكية، هم ينفذون مؤامرات أمريكية وإسرائيلية في المنطقة، وكان واضحاً ارتباطهم بما سمي بصفقة القرن، صفقة ترامب الجائرة والباطلة، كان واضحاً مدى علاقتهم بهذه الصفقة، ولهذا يأتي دورهم السلبي والتخريبي في المنطقة ككل، وفي عدوانهم الذي هو الآن في العام السادس على شعبنا اليمني المسلم العزيز، الآن توضحت الأمور وتجلت أكثر فأكثر.
كان البعض لا يستوعبون عندما كنا نتحدث في بداية هذا العدوان ونقول لهم: هؤلاء يتآمرون على اليمن، هؤلاء لهم أهداف ظالمة وسيئة وتخريبية وعدوانية في اليمن، هم يريدون احتلال اليمن، والسيطرة على الشعب اليمني، وهم يريدون من وراء ذلك أن يمكِّنوا الأمريكي والإسرائيلي ليأتي من خلفهم فيسيطر على هذا البلد، وهم مجرد أدوات، هم يتحملون الحمل الثقيل، ويدفعون الكلفة الباهظة في سبيل أن يمكِّنوا الأمريكي وأن يمكِّنوا الإسرائيلي لاحتلال هذا البلد، والسيطرة على هذا البلد، ثم هكذا لهم نفس الدور التخريبي في بقية شعوب وبلدان هذه المنطقة.
ونلاحظ هذا: عندما تمكَّنوا من السيطرة على المحافظات الجنوبية، بدأ الأمريكي يتواجد من خلفهم، وأصبح له قاعدة في مطار الريان في حضرموت، وأصبح يتواجد في شرورة، وأصبح يتواجد إلى حدٍ ما في عدن، ثم الإسرائيلي بدأ يحضِّر لمثل هذا الحضور، لمثل هذا التواجد من خلفهم، وبحمايتهم، وبنفقاتهم، وبجهودهم هم، هذا ما يعملون له في منطقتنا بشكلٍ عام، ويشتغلون سلباً على كل المستويات.
الدور السلبي الحاضر في لبنان على المستوى السياسي والاقتصادي هم ضالعون فيه إلى حدٍ كبير، لو تركوا الشعب اللبناني وحاله؛ لاستطاع الشعب اللبناني أن يتغلَّب على أزماته الاقتصادية ومشاكله السياسية، لكنهم يتدخلون سلباً بكل وضوح، وتبعاً للدور الأمريكي والدور الإسرائيلي، هذا واضح منذ زمان، وهكذا باتوا مكشوفين وواضحين أمام أبناء هذه الأمة، وبقيت المسؤولية على أبناء هذه الأمة أن يقفوا الموقف الصحيح، الموقف المسؤول، الموقف الذي يفرضه عليهم انتماؤهم للإسلام، وتفرضه عليهم مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم، الموقف الذي فيه حريتهم، وكرامتهم، واستقلالهم، والحفاظ على حقوقهم.
عندما نخلص لمبادئنا الدينية التي تجعل منا أحراراً، وتكفل لنا الحياة الكريمة، وتربينا على العزة، فنحن نستفيد لمصلحتنا، نحن نسعى لتحقيق ما هو مصلحةٌ حقيقيةٌ لنا، عندما نبقى متمسِّكين بمقدساتنا: بالقرآن، بالرسول، بالمقدسات الإسلامية والمعالم الإسلامية، فهذا يجعل منا أمةً تحظى برعاية الله، بتأييد الله -سبحانه وتعالى-، وأمةً لها قضية، أمةً لها مبادئ تصونها، وقيم تحفظها وتحافظ عليها، لا يصل الإنسان إلى درجة أن يجعل من نفسه عبداً لعدوه- كما فعلوا هم لصالح الأمريكي والإسرائيلي- إلَّا في الوقت الذي كان قد تنكَّر فيه لتلك المبادئ ولتلك القيم، وخان فيه ذلك الانتماء: الانتماء لهذا الإسلام ولرسوله ولقرآنه، وكذلك لمبادئه ولمقدساته.
من يسترخص هذا الدين في مقدساته، وفي رموزه، وفي مبادئه، هو يسترخص نفسه، ويسترخص أمته، وسيكون حاضراً للخيانة، وحاضراً للجريمة، وحاضراً لفعل أي شيء، ومخذولاً من قبل الله -سبحانه وتعالى-، فلا يتوفق، ولا يهتدي للسير في الاتجاه الصحيح، ولا لتبني المواقف الصحيحة.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1442هـ