حالة انحرافٍ وتحريفٍ تمثل السبب الرئيسي، ومصدر هذا الانحراف والتحريف كان ثنائيان حذَّر رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- الأمة منهما، ومن دورهما السيء، هما: سلاطين الجور، وعلماء السوء، الطغاة المتجبرون، الذين يتربعون ويتقلدون مقاليد الحكم في هذه الأمة، ويسيطرون عليها من موقع الحكم والسلطة، وإلى جانبهم علماء السوء، الذين يقفون إلى صفهم، ثم يشرعنون لهم كل ممارساتهم الإجرامية والمضلة، ويبررونها، ويقدِّمون لها الفتوى، ويقدِّمون المفاهيم الخاطئة والمضلة التي تشرعنها، وتروِّج لها، وتبررها، وتهيِّئ لها، وتوجد لها القابلية في الساحة الإسلامية، والسياق التاريخي لهذا الانحراف ولهاذين الثنائيين كانت ذروته في التاريخ الإسلامي متمثلةً ببني أميَّة.
بنو أميَّة كانوا هم في ذروة هذا الانحراف، وعلى رأس هذا الانحراف والتحريف الكبير في واقع الأمة، ومن يومهم الأول، هم كانوا في بداية الأمر في الصدارة في محاربة الإسلام ورسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، لمَّا انتصر الإسلام وتثبتت أركانه، وعجزوا عن محاربته بشكلٍ واضحٍ وصريح، وأرغموا على الدخول في هذا الإسلام؛ لأنه انتصر، وأصبح مسيطراً على الساحة العربية، اتجهوا وحملوا لواء النفاق في داخل هذه الأمة، ثم عندما وصلوا إلى مقاليد الحكم وسيطروا على السلطة في الساحة الإسلامية، تحرَّكوا بشكلٍ رهيبٍ جدًّا، يقودون هذا المسار التخريبي السلبي من الانحراف والتحريف، ومحاربة خط الهداية، والصراط المستقيم، والامتداد المحمدي الأصيل، بدءاً من محاربتهم للإمام عليٍّ -عليه السلام-، ومحاربتهم للإمام الحسن -عليه السلام-، ومحاربتهم للإمام الحسين -عليه السلام-… وهكذا بشكلٍ مستمر.
في تحركهم التخريبي والسلبي اتجهوا لنقض عرى الإسلام عروةً عروة، (واتخذوا دين الله دَغَلا، وعباده خَوَلا، وماله دُوَلا)، ووصلت الحالة الرهيبة جدًّا من حالة الانحراف والتحريف في زمنهم إلى المساس بالمقدسات والمعالم الكبرى لهذا الدين، وهذا يدلل على مستوى الانحراف والتحريف الذي وصلوا إليه، وأنه بلغ الذروة، بلغ حداً خطيراً، ولولا الجهود الكبيرة والعظيمة في خط الهداية ورموزه، وفي الجهود التي بذلها أخيار الأمة وصالحها في هذا الطريق؛ لكانوا تمكنوا بالفعل من الطمس الكلي لمعالم الإسلام، ولكانوا نجحوا في الانحراف الكلي بالأمة؛ حتى لا يبقى للحق صوتٌ، ولا يبقى للهداية راية.
بلغ الأمر في زمنهم أنهم تمكَّنوا أو وصلوا إلى درجة المساس بأهم ما لدى المسلمين من مقدسات ذات رمزية عظيمة في الدين، فمثلاً: الإساءة إلى الرسول -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، الإساءة والاستهتار بالقرآن الكريم، الإساءة أيضاً والاستهتار بالمقدسات والمعالم الإسلامية، فهم من بلغ بهم الحال أنه إلى جانب تحريفهم لمعاني ومفاهيم القرآن الكريم، أسسوا للسخرية والاستهتار بالقرآن الكريم، إلى درجة أنَّ أحد ملوكهم رمى القرآن الكريم، رمى المصحف الشريف بالسهام، واستهتر به ومزقه، إلى درجة أيضاً أنهم أحرقوا الكعبة لمرة، وهدموها بالمنجنيق لمرةٍ أخرى، إلى درجة استباحتهم لمدينة رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، وقتلهم لسكان المدينة من المهاجرين والأنصار وذراريهم، إلى درجة حربهم لعترة رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، وقتلهم لتلك الصفوة من أخيار الأمة، وأبرار الأمة، وعظماء الأمة من آل رسول الله ومن معهم، فما فعلوه ليس بالهين ولا بالقليل، منتهى ما نتوقعه: هو المساس بمثل هذه المقدسات المهمة.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1442هـ