ثم هي أيضاً مواساةٌ عظيمةٌ لأقاربهم وذويهم:
هذا مما في الشهادة في سبيل الله، وما وعد الله به الشهداء في سبيله، وما جعل لهم من الحياة الطيِّبة، والسعيدة، والهنيئة، والتكريم العظيم، والمنزلة الرفيعة والعالية، مما فيه فعلاً مواساة كبيرة جداً لأسرهم، وأقاربهم، ورفاق دربهم، ومحبيهم، حينما يتذكَّرون أنَّ شهداءهم انتقلوا إلى حياة طيِّبة وسعيدة، أسعد وأهنأ من هذه الحياة، وأطيب، وأرقى، وأعلى منها، وأنهم حظوا بذلك الفضل العظيم، والتكريم الكبير عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فهذا مما يواسيهم في مصابهم بذويهم وأقاربهم (بالشهداء)، يجعلهم يفرحون لهم بأنهم فازوا بهذا الشرف العظيم، وانتقلوا إلى ذلك المقام الرفيع، وحظوا بتلك الرعاية الإلهية العظيمة، والحياة السعيدة الهنيئة، فمن الذي يندم على أنَّ قريبه أو رفيقه وصل إلى ذلك المقام والحياة الطيِّبة، وهو يحب له الخير، بل إنه يفرح له، وإن كان الأسى على فراقه أو نقصه.
- ثم هي تحفيزٌ كبيرٌ جداً على الجهاد في سبيل الله تعالى باستبسال، والتَّحَرُّك في الموقف الحق مهما كانت التحديات والمخاطر:
وهذا من أهم فوائد الشهادة في سبيل الله، وما جعله الله للشهداء من تكريم، وحياةٍ طيِّبة وهنيئة، أنَّ هذا يحفِّز الآخرين على أن يجاهدوا في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، حينما يدركون- مع عظمة وفضل الجهاد، وأهميته، وضرورته- يدركون أنهم في حال لقوا الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قتلى في سبيله، فإنهم يحظون من خلال ذلك بهذه المنزلة الرفيعة، بهذا التكريم العظيم، بهذا النعيم والحياة السعيدة الهنيئة، الخالصة من كل المنغِّصات؛ فهم بذلك يتحفَّزون للانطلاقة في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وقد أزيحت عنهم أخطر العوائق المؤثِّرة نفسياً، فالكثير من الناس قد لا يتحرَّك في سبيل الله وهو يخاف على حياته في هذه الدنيا، يتصوَّر أنَّه قد يُقتَل عندما يتحرَّك في سبيل الله "تَبَارَكَ وَتَعَالَى"، حينما يجاهد، ولكن حينما يؤمن بأنَّ الشهادة في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هي- كما ذكر الله في القرآن الكريم- هي انتقال إلى حياة أفضل من هذه الحياة، أسعد من هذه الحياة، أرقى وأسمى، وبنعيمٍ عظيم، وتكريمٍ معنويٍّ كبير؛ حينها يتخلَّص من هذا العائق النفسي، فينطلق في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" وهو يدرك أنه إذا استشهد فاز، وظفر بهذه المرتبة، وهذا النعيم، وهذا التكريم؛ وبالتالي ينطلق باستبسال، بإقدام، بجرأة، بثبات، لم يعد خائفاً من مسألة أن يُقتَل في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
والأعداء الذين يجعلون من الجبروت، والقتل، والاستهداف للناس وسيلةً لإذلال الناس، واستعبادهم من دون الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويجعلون منه كذلك المعادلة التي يُخضِعون بها المجتمعات البشرية، حينما يرون في الذين يتحرَّكون في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أنهم لا يرهبونهم، لا يخافون منهم، أنهم قد تحرروا من عقدة الخوف والذل، التي يسلِّطونها على المجتمعات كوسيلة لإخضاعها، واستعبادها من دون الله، لهذا أهمية كبيرة جداً في تغيير هذه المعادلة، تتحوَّل إلى حافز ودافع للجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد 1447




