مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله
القبائل اليمنية.. الورقة الرابحة التي لا يملكها أحد

مـوقع دائرة الثقافة القرآنية - تقارير – 15 جمادى الأولى 1447هـ
تقرير | وديع العبسي
لم تكن القبائل اليمنية مكوِّنًا اجتماعيًا بأدوار تقليدية بمفهومه المحصور في إطار البيئة المحدودة جغرافيًا وحضورًا، وإنما كانت دائمًا صمّام أمان الوطن، فكانت -في التحولات التي شهدها- في مقام الورقة الرابحة التي تُرجِّح كفة الإصلاحات، وقد برزت هذه الأهمية الاستراتيجية للقبائل خلال الثورة الشعبية (21 سبتمبر).

فعقب ثورة الشباب المسلوبة، وما رافق تلك الفترة من تثبيت للحضور الأجنبي بصورة استعمارية مكشوفة صار خلاله اليمن مركزًا أمريكيًا لإدارة الصراعات والمصالح الغربية الصهيونية في المنطقة، كانت القبائل جنبًا إلى جنب مع كافة فئات الشعب تكتب السطر الأخير لهؤلاء الغزاة، بالتزامن مع إنهاء زمن الضعف والخضوع للبلد.

وفي لحظة من القناعة والإيمان بصدق القضية والتوجه للقيادة الثورية، وجدت القبائل اليمنية نفسها في قلب عملية التغيير بعزيمة راسخة للفكاك من الانهيار، وإنهاء حالة الارتهان للقوى الأجنبية، فكان لها الدور المحوري الذي عجّل من صنع هذا التحول إلى اليمن المتحرر والمستقل من التبعية والوصاية.

عكس التحرك الثوري للقبائل بذاك العنفوان -وهي القادمة من حالة الشتات والتناحر على المنافع الضيقة، ومن أزمات متراكمة على كافة الأصعدة تُغذّيها قوى خارجية- وضعًا مريحًا من الوعي والإدراك بما يجري في الواقع اليمني ومحيطه العربي والإسلامي، حيث المخاطر تحاصر الجميع وتضغط على طموحاتهم من أجل كسر شوكتهم، وحيث كل احتمالات التردّي الذي يبدو نتاجًا طبيعيًا لحالة الهيمنة الأجنبية التي فرضت الوصاية بشكل شَلَّ حركة الشعوب واغتال تطلعاتهم.

  • محاولات بائسة لاستهداف القبائل

مع هذا الحراك الوطني للقبائل أدرك الغزاة خطورة ما يمكن أن تفرضه في اليمن من واقع يحافظ على منظومة القيم والثوابت الدينية والأخلاقية، لذلك فإنها كانت هدفًا استراتيجيًا لمؤامراتهم بقصد اختراقها وضربها من الداخل، وعلى طريق هذا الهدف تفننوا في وضع صياغات متنوعة لشكل الاستهداف، فكان منها إشاعة الفتنة وخلق بيئة مفككة في ما بين القبائل، أو تلويث إيمانها وقناعاتها بحرب ناعمة هدّامة وسالبة للجوهر الإنساني، وثقافات ممسوخة لا قوام لها ولا هوية، تميل إلى إرضاء الذات وإشباع الرغبات كيف ما كان دون اعتبار للآخرين، وصولًا بها إلى الضعف، والإصابة بكل عوامل التآكل فالتلاشي.

ورغم أن محطّات أعداء الوطن بشأن القبائل كانت تَظهر ملامحها في الواقع الذي كانت عليه القبائل فعلًا، إلى درجة وصمها بالتخلف والوحشية، إلا أنه ما إن ظهر في البلد حراك وطني حمل همّ التشافي من هذه الأمراض، حتى كان لها حراكها المشهود قولًا وفعلًا، لتمثل القبائل اليمنية الورقة الرابحة في معركة الانتصار للوطن واستقلاله وسيادته، إذ رفدت الساحاتِ بالثوار، وبالدعم اللوجيستي وقوافل الدعم والإنفاق الشعبية، كما كان ذاك موقفَها في معركة الدفاع عن الثورة عندما شن التحالف السعودي الأمريكي عدوانه على اليمن، فكانت جدار الصد الأول الذي تحطمت عليه مساعي وتحركات الأعداء ومشاريعهم، فرفدت الجبهات بالرجال والسلاح، وسيَّرت القوافل دعمًا للمرابطين في الجبهات بسخاء وكرم، وقدمت الشهداء الذين سيخلدهم التوثيق التاريخي للجهاد ضد قوى الهيمنة والاستعمار ومصاصي دماء الشعوب ولصوص ثرواتها. كما أنها وخلال سنوات العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي كانت عاملًا قويًا للثبات والصمود، وحماية النسيج الوطني من التفكك والانهيار، وتعزيز لُحمة الجبهة الداخلية وتماسكها من محاولات ضرب الوطن من الداخل.

أصاب ذاك التحرك القبلي أرباب التآمر في مقتل، إذ لم يتصوروا أن النخوة والحميّة لا تزال من سمات القبائل وهُم الذين اشتغلوا على تمييعها لسنوات طويلة، لذلك عادوا إلى تحديث مخططات الاستهداف، إنما هذه المرة كانت القبائل اليمنية قد تخلصت من كثير من الأمراض القاتلة لقيم الحرية والعزة والكرامة، وعادت إلى كامل أصولها النقية. فأنهت الثارات والصراعات الداخلية، ووحَّدت الصفوف لمواجهة أعداء الوطن واستقراره ونهضته ونمائه.

  • منطلقات دينية وأخلاقية وإنسانية

وكما كانت القبيلة العامل الحاسم لإنقاذ البلاد من الانهيار خلال سنوات العدوان، كانت أيضًا المُغذي لجبهة إسناد غزة بكل ما أوتيت من قدرة، عكست تَجذُّرَ قضية فلسطين المحتلة والأماكن المقدسة في وجدانها.

في موقف الإسناد لغزة ترجمت القبائل اليمنية عمومًا صدق إيمانها بمركزية القضية، منطلقة من الحقيقة الثابتة بأن الكيان الصهيوني محتلٌّ للأراضي العربية الفلسطينية. فبرز دور القبائل، فيما التزم العالم المنافق الصمت أو كراسي "المشاهدين"، وكشف هذا الدور كيف أن القضية كانت حاضرة فعلًا وبقوة في وجدان القبائل كما كل اليمنيين، لذلك كانت الهبة واضحة وقوية -كما تابعها العالم- في مناصرة الفلسطينيين في غزة الذين كانوا يتعرضون لجريمة إبادة جماعية بأبشع الأدوات والأساليب على أيدي الصهاينة من الأمريكان والإسرائيليين.

كانت منطلقات مناصرة غزة دينية وأخلاقية وإنسانية، لذلك كان تحرك الشعب اليمني -بما فيهم القبائل- ترجمةً عملية للانتماء لهذه المنطلقات. وخلال عامين من عمليات "الفتح الموعود والجهاد المقدس" الإسنادية لغزة كانت القبائل سندًا وعونًا قويًا وحاسمًا، فضلًا عن احتشادها الأسبوعي في مختلف ساحات المناطق الحرة، وقوة صوتها في تأكيد موقف المواجهة وعدم تمكين الأعداء الصهاينة -تتقدمهم أمريكا- من الاستفراد بالشعب الفلسطيني، وإعلان الجهوزية للتحرك إلى الأراضي المحتلة والقتال مع المجاهدين في المقاومة الفلسطينية ضد عصابات الكيان الصهيوني المسلحة أو ما تسمى بـ"الجيش".

  • استنفار بعنفوان بطولي

عقب المسرحية الهزلية التي كتبها اللوبي الصهيوني وأخرجها المهرج "ترامب" واصطلحوا عليها باتفاقية وقف إطلاق النار، تصور الصهاينة أن ذلك المشهد الذي كانت القبائل اليمنية تتصدّره في مختلف الساحات الحرة في مسيرات رفض للسياسة الأمريكية ضد العرب والمسلمين، وتحذير صريح من استمرار استباحة الكيان الصهيوني لدول المنطقة، أن يتراجع وهجه، وأن يتناثر ذاك الجمع تاركاً غزة وأهلها يندبون الخذلان العظيم الذي عاشوه من أمة الملياري مسلم، إلا أن ما حدث كان صفعة خشنة شعر بها كَهَنَة الصهيونية قبل قادتها السياسيين، إذ استمرت القبائل تَحْتَشِد في تجمعاتها القبلية وبصورة متقدمة: لقاءات، ووقفات، ومسيرات استنفار، وإعلان للجهوزية بالتحرك الجهادي ومنازلة قتلة الأطفال والنساء من أمريكان وصهاينة.

المشهد القبلي في استنفاره ظهر بعنفوان بطولي لافت استرعى اهتمام المراقبين وقلق المتربصين باليمن، ويوم الثلاثاء الماضي حَيَّا السيد القائد هذا المشهد والثبات على الموقف الذي أكدته القبائل. وقال السيد القائد: "أتوجه بالتحية والإعزاز والتقدير الكبير لقبائل شعبنا العزيز التي تحركت في هذه الأيام بوقفات عظيمة تؤكد استعدادها وجهوزيتها التامة ووفاءها للشهداء".

  • اصطفاف وثبات ومواجهة أي تهديد

تعي القبائل اليمنية أن العدوان على فلسطين أو اليمن أو لبنان أو سوريا إنما يأتي في السياق الذي وضعه أعداء الأمة للهيمنة عليها وإخضاعها لإرادة الكيان الصهيوني، في محاولة لسلبها كل عوامل القوة والسيادة والاستقلال، بحيث تصير بتبعيتها تنتظر ما يجود به العدو لها من مقدراتها وثرواتها هي، كما تعي القبائل أن ما يسمى بـ"وقف إطلاق النار" في غزة لا يعني توبة العدو عن التمادي في التجرؤ على شعوب الأمة، وإنما هي أخذ أنفاس واستعادة ترتيب للأولويات التي تقاذفت بها صلابة المقاومة بجناحيها في فلسطين ومحور المقاومة، لهذا تتلاحم اليوم القبائل في التعبئة العامة والجاهزية القصوى، تأكيدًا على الاصطفاف الوطني والثبات على الموقف في دعم القضية الفلسطينية، ولمواجهة أي تهديد أو مخطط عدواني يستهدف الوطن وأمنه القومي، والوقوف صفًا واحدًا وراء القيادة الثورية والسياسية في مواجهة التحديات والمؤامرات.

  • صوت واحد ورسالة واحدة

في كل المناطق الحرة خرجت جموع القبائل بصوت واحد ورسالة واحدة إلى أمريكا ومحور الشر الذي تقوده، فحواها تحذير شديد اللهجة والثقة لكل من تُسوِّل له نفسه المساس بأمن الوطن، أو محاولة زعزعة الصف الداخلي. كما في الرسالة التأكيد الحاسم باتخاذ الشعب اليمني لكامل الإجراءات اللازمة ضد المتورطين في أعمال الخيانة أو التعاون مع أعداء الوطن.

كما تأتي هذه التحشيدات وأنشطة التعبئة من قناعة تامة بأن أعداء اليمن والأمة لن ينفكوا عن المحاولة في إخضاع الباقين من الأصوات الحرة الرافضة للسياسة الأمريكية الصهيونية في المنطقة، والرافضة استمرار هذه الاستباحة وتدجين الشعوب، وهو الرفض الذي لا يقف عند مستوى البيانات والتصريحات المتشنجة، وإنما يأتي عمليًا تلتف حوله كل الفئات في المجتمع اليمني بصدارة مشهودة للقبائل الأبية إلى جانب القوات المسلحة الباسلة بكل قدراتها واقتدارها.

أيضًا يأتي هذا الحراك الشعبي اليمني مسنودًا بثقة عالية بقيادة قائد الثورة لمسار التحرر وكسر هيمنة الأعداء، والتي قادت إلى وضع صار فيه اليمن أقوى وأمضى في الانتصار لدينه ومبادئه وثوابته الدينية والأخلاقية والإنسانية، وعدم السماح لكائناتٍ طارئة على الخارطة الأرضية كأمثال أمريكا والكيان المؤقت بأن تُملي على اليمن مواقفه، أو تفرض قوالب جاهزة لمواقف عدمية بلا مضمون وبلا تأثير.

  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر