مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

درس الإثنين

 

تابع...معرفة الله...نعم الله...الدرس الثاني

 

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه

 

  • نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع

 

  • إن أسلوب القرآن وأسلوب النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) هو ذلك الأسلوب الذي ينفذ إلى أعماق الناس رغماً عنهم.

 

  • منهج الحج هو بالشكل الذي يفرز الناس إلى مؤمن أو منافق أو كافر  فما الذي حصل في تاريخنا نحن؟ عالم بعد عالم لم يظهر لنا مؤمن بشكل صحيح أو منافق بشكل واضح أو كافر بشكل واضح،

 

  • الخطيب لابد أن يرضي الجميع ولذلك يجب أن لا يتكلم عن المنافقين أو عن العدوان أو  ....الخ......هل هذا كلام أو المفهوم صحيح ؟

 

  • لماذا جاء الحديث الواسع في القرآن عن نعم الله ؟ و كيف تعامل معها علماء علم الكلام ؟

 

  • أسلوب الإستعطاف في القرآن الكريم أمثلة عليه و تأثيره على النفوس و واجبنا تجاه الله الذي يستعطفنا بكرمه.

 

  • مع الدرس نسأل الله الهداية

 

أما القرآن الكريم فهو كتاب عملي، كتاب عملي، معرفة تترك أثراً في النفوس، تترك هذه النفوس أثراً في الحياة، معرفة تزكو بها النفوس، فينعكس أثر هذه النفوس صلاحاً في هذه الحياة، والله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان هو يعلم من أين يأتي له، وكم هي المداخل ليعرف إلهه، المعرفة العملية. ألسنا نرى في القرآن الكريم كيف كان يهدد الكافرين بجهنم؟ هذا على منطق المعتزلة ونحوهم غير منطقي؛ لأنه تهدد الكافرين بجهنم، وهو بعد لم يؤمن بمحمد ولا بالقرآن، لم يؤمن بعد بهما حتى تهدده بجهنم، وجهنم إنما جاء الخبر عنها من قبل القرآن الكريم ومن قبل رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) إذاً فهذا غير منطقي، سيكون كثير من القرآن غير منطقي.

لكن من يدري أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم أن هذا الإنسان ـ وإن كان لا يزال جاحداً ـ أن أسلوب القرآن وأسلوب النبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هو ذلك الأسلوب الذي ينفذ إلى أعماقهم رغماً عنهم، ينفذ إلى أعماق نفوسهم رغماً عنهم،فيسمع التهديد والإنذار بأنه إذا ما كذبوا قد يحيق بهم ما حاق بالأمم السابقة: قوم صالح، وقوم هود، وقوم نوح.

ألم يظهر في القرآن الكريم تهديد للكافرين؟ كيف تهددهم وهم بعد لم يؤمنوا بالقرآن الكريم ولم يؤمنوا بمحمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)؟ لكن محمداً، شخصية محمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) كماله والمعجزات التي تظهر على يديه هنا وهناك هي مما يترك أثره في النفس، حتى وإن كان صاحب هذه النفس ما يزال معلناً لكفره وجاحداً، عندما يسمع التهديد، التهديد لا بد أن يترك أثره في النفس، ولو في لحظة من لحظات يومه أو ليلته، ولو قبيل نومه وهو فوق فراشه مسجى بلحاف، وهي اللحظة التي ـ عادة ـ يفكر الإنسان فيها كثيراً.

هذه المعرفة معرفة عملية تدفعك لتغوص إلى أعماق نفسك، ثم تدفعك عملياً إما أن تكون ممن ينطلق على وفق الهدى والإيمان، أو تتجلى هناك، تتجلى هناك خبيثاً منافقاً أو كافراً، ما الذي حصل في تاريخنا نحن؟ عالم بعد عالم لم يظهر لك مؤمن بشكل صحيح أو منافق بشكل واضح أو كافر بشكل واضح، صفوف علماء من هذه الطائفة، وصفوف داخل هذه الطائفة، وصفوف هنا وصفوف هناك، لم تتجل الأشياء؛ لأن ما قدم، لأن ما في داخلهم ليس من النوع الذي يجلي بشكل كامل.

مع أن الجميع يصبغون ما يقدمونه بصبغة إيمانية، فهو لا يرى نفسه - بالتأكيد - أنه مصيب, أو أنه مخطئ، أنه مؤمن أو أنه منافق، أنه محق أو أنه مبطل، أنه مهتد، أو أنه ضال؛ ولهذا وجدنا في الساحة أشياء كثيرة من الضلال وأصحابها يقدمونها على أنها من دين الله، ويتعبدون الله بأنهم يقدمونها لعباده، ضلال كثير نزل.

لكن القرآن الكريم هو وحده إذا ما حاولت أن تهتدي به ستعرف نفسك من خلاله، كتاب عملي، تعرف نفسك من خلاله، وتعرف الآخرين أيضاً من خلاله، وتعرف الفنون الأخرى من خلاله، وتعرف الحياة كلها من خلاله، وتعرف إلهك بالشكل الذي يليق بك كعبد له أن تعرفه به، تتجلى لك الأمور، تتجلى لك المواقف،

فنحن عندما نتحدث عن معرفة الله سبحانه وتعالى نتناول أشياء كثيرة من خلال القرآن الكريم مما قد يرى البعض بأنها تدل على جهل أن نتناولها ونحن في إطار الحديث عن معرفة الله، من أجل أن نعرف كيف نتولاه فنكون من أوليائه بتوفيقه.

الحديث عن نعم الله سبحانه وتعالى مهم جداً، في القرآن الكريم آيات كثيرة تناولت كرم الله سبحانه وتعالى وإحسانه العظيم إلى عباده فيما أسبغ عليهم من النعم الظاهرة والباطنة وتأتي لأكثر من هدف أو لأكثر من غاية، فدلائل على قدرته سبحانه وتعالى، على حكمته، على رعايته، على حسن تدبيره، على عظم إحسانه إلى عباده ليحبوه ليعظموه ليجلّوه، ليخلق في نفوسهم ذلك الأثر الذي تجد في نفسك أمام أي نعمة تسدى إليك من الآخرين.

هذه المشاعر مهمة جداً، عندما نستشعر عظم إحسان الله إلينا، عظم إنعامه علينا بنعم كثيرة جداً: نعمة الهداية، نعم مادية كثيرة، نعمة كبيرة فيما أعطانا من هذه الكيفية التي قال بأنها أحسن تقويم {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين:4).

تلك المشاعر التي تتركها هذه، نظرتك إليها، نظرتك إلى من أسداها إليك، تلك المشاعر مهمة جداً في ربطك بالله، في ثقتك بالله، في انطلاقك في طاعته، في ابتعادك عن معصيته، في خوفك منه، في إجلالك له، في حيائك منه، في حرصك على رضاه.

فتصبح في حالة لست بحاجة إلى من يأتي ليحلل لك المسألة، أنه لماذا وجبت الطاعات، من أين وجبت علينا، أليس هذا من منطق المتكلمين؟ كيف عمل الواجب حتى وجب؟ ومن أين وجب حتى وجب؟ من أين؟ وكيف عمل؟  ما هو الذي يعتبر منطقياَ، وشيئاً منطقياً يسوِّغ أن يكون هذا الواجب واجباً، من أين وجب الواجب حتى أصبح واجباً؟!

لستم بحاجة إلى هذا التحليل بكله، الذي يجعلك هناك، والله هناك، وكأنه لا علاقة بينك وبينه، معرفته الواسعة التي تسيطر على كل مشاعرك، هي التي تدفعك، هي التي تجعلك تقر بعبوديتك لله سبحانه وتعالى، فلا تحتاج إلى من يأتي ليشعرك بأنه واجب عليك، وبأنك ملزم بكذا وكذا، أنت ترى أن المسألة فوق مجرد واجب وفوق مجرد إلزام.

أنت أصبحت تسير تلقائياً نحو الله سبحانه وتعالى، قلبك مليء بحبه، نفسك كلها سلمتها له، في حالة كهذه متى يمكن أن يجول بخاطرك تساؤل: من أين وجب الواجب حتى وجب؟ هذا التساؤل في الأخير يجعلك تتساءل من أين لزم اللازم حتى لزم؟

إذاً لا بأس هذا لزمني لكن مجاملة، هكذا مجاملة، أو ليس معي مجال منه، لا بأس لزم لكن يمكن يكون لك (حيَل) شرعية لأجل ألا يلزم، ثم تنطلق في طريق التهرب من أن يلزم، من أين يجب؛ لأنه هو مقدار العلاقة فيما بينك وبين الله، هو ماذا؟ مكره: [مكره أخاك لا بطل] كما يقولون. وجب، يقال واجب وغصباً عنا، وإن كنا لم نعرف بعد لماذا وجب، لزم وإن لم نكن نعرف بعد لماذا لزم؟ لكن لزم؛ لأن الصيغة جاءت بعبارة [افعل] أو نحوها، فتأتي القواعد التي تفتح الأبواب أمامك، فتجعل هذا لا يلزم، فتتعلم كيف تتهرب من أن يلزم، ما يلزم، كيف تتهرب من أن يجب الواجب بالنسبة لك، ثم نقول: عالم، عالم، وهو يتهرب عن الله، وهو يتهرب هناك عن أي شيء يلزمه، فيقول: (يمكن أن نحاول ألا يلزمنا، ما قد هو يلزمنا، وما قد وجب علينا) وهكذا.

هل هذا ممن يمكن أن نقول فيه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: من الآية28) لو أن قلبه مليء بخشية الله، لو أن قلبه مملوء بمعرفة الله الصحيحة، لو أن قلبه مليء بحب الله لما كان على هذا النحو، فيسير في طريق التهرب من الأعمال التي فيها رضا الله، حتى وإن كانت واجبة يتمسك بقواعد معينة تعفيه عن أن تكون قد وجبت عليه من وجهة نظر تلك القاعدة.

إذاً لا بد أن نعود إلى القرآن الكريم؛ لنعرف من خلاله أنفسنا كعبيد لله سبحانه وتعالى، لنعرف من خلاله المعرفة الواسعة لكمال الله سبحانه وتعالى، إلهنا، وربنا، وسيدنا، ومالكنا، والمنعم علينا،

وحينئذٍ ستبدو، وسيبدو الحديث عن النعم في القرآن الكريم له أهمية كبيرة فيما يتعلق بنفسيتك، وفي تعاملك مع الله، وفي نظرتك نحو الله سبحانه وتعالى.

ما يدلك على أهمية هذا، أنه يقرن الحديث عن نعمه بإرشاد عباده إلى عبادته والأمر لهم بعبادته فيقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة:21 - 22).

ألم يتحدث هنا عن كيف يرعانا؟ الأرض بالنسبة لنا فراش، السماء بالنسبة لنا سقف، فكأن مجموع الأرض مع السماء بالنسبة لنا بناء نقيم فيه {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} وهذا الماء ينزل بسهولة لا يكلفنا شيئاً لا نحتاج إلى مضخات، ولا نحتاج إلى بقر نسْنِي عليها، ولا نحتاج إلى شيء ينزِّل المطر، وفي دقائق معدودة ترى الأرض مملوءة بالماء في دقائق معدودة، هذا الماء هو الذي يرتبط به كل حاجات الإنسان، كل حاجات الإنسان مرتبطة به.

{مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وأنتم تعلمون بهذا: أنه الذي خلق الأرض وخلق السماء، وأنه هو الذي ينـزل الماء من السماء، وأن هذه الثمرات هو الذي أخرجها بما أنزل من الماء. أليس للحديث عن نعم الله هنا علاقة بتوحيده؟ {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أليس للحديث عن نعمه أثر كبير في الدفع نحو عبادته؟ هو يقول: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} أليس للحديث عن نعمه أثر كبير في ترسيخ حالة التقوى في النفس {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؟

يبدو الحديث وكأنه حديث عاطفي، وفعلاً تلمس في القرآن الكريم هذا الجانب، هذا الشيء، أو هذا الأسلوب يأخذ مساحة واسعة في القرآن الكريم، الحديث الذي يبدو حديثا عاطفيا، استعطاف {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} أليس هنا يذكرنا بما عمل لنا؟ أم أنه يقول: اعبدوا ربكم وإلا فسوف نحرقكم؟ هل قال هكذا؟ ممكن أن يقول هكذا؟ وهي حقيقة، إن لم تعبد ربك سيعذبك بعد أن يكون قد أرسل من يبلغك، من ينذرك، من يعرفك بعبادتك له كيف تعبده لكن لا. هذا وإن كان شيئاً حقيقياً، وقد يبدو في بعض الآيات، لكن يأتي في مقام التهديد بعد أن يكون الإنسان قد عرف الكثير، وطرق مسامعه الكثير من الآيات التي تأتي على هذا الأسلوب: الاستعطاف.

وما أجمل العبارة التي قالها الإمام زيد عليه السلام ـ وهو يتحدث عن أقسام القرآن أو مجالات القرآن ـ قال: (ومنها مواعظ وأمثال يستعطف بها خلقه ..) ماذا يعني استعطاف؟  أي يخاطب وجدانك، يخاطبك أنت كإنسان ترعى الجميل، وتقدر الإحسان، وتشكر النعمة، وتعترف بالفضل لمن أسدى إليك النعمة ليشدك نحوه.

وهذا الشيء معروف في حياتنا معروف في تعاملنا مع بعضنا البعض، الواحد منا متى ما تحدث عن ابنه عندما تقول له: "يا خبير ابنك ما لك انت واياه كذا، وبينكم مزاعلة، وبينكم كذا؟" فيقول: "عملت له كذا، وربيته، وتعبت عليه، وخسرت، وزوجته، واشتريت له سيارة، وعملت له كل شيء، وأعطيته رأس مال، وماطاع " قد تقول هذا لابنك بعبارات من هذا القبيل، استعطاف تذكره بما أسديت إليه، قد تقول أنت لشخص آخر في مقابلة شخص آخر أصبح له موقف غير طبيعي منه وأنت تعرف أياديه العظيمة عليه:" يا رجال تذكر.. هو الذي أدى لك كذا.. وتعاون معك في كذا، ما ينبغي، ما يصلح، ما يليق بك أن تعامله بهذا الأسلوب وهو الذي كذا، وهو كذا...إلى آخره"

أليس هذا استعطافاً؟ أنت تخاطب وجدانه، وخطاب الوجدان، خطاب المشاعر في أعماق النفس يترك أثره الكبير؛ ولهذا وجه الله عباده إليه في قوله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت:34).

الكلمة الحسنة التي تبدر منك ترد بها إساءته، أنت هنا تخاطب وجدانه، أليس كذلك؟ هي تنفذ إلى أعماق وجدانه رغماً عنه، وتتجاوز مظاهر الغضب وحواجز الغضب والانفعال، فتقتحم هذه الحواجز وتغوص إلى أعماق وجدانه فتنعكس لتملأ كيانه كله عاطفة نحوك فيتحول إلى ولي حميم، بكلمة إحسان، بكلمة لينة، فكيف لا تلين قلوبنا لمن يحسن إلينا هذا الإحسان الكثير والإحسان الكبير، إحسان بالكلمة وهو يهدينا، إحسان بالنعمة وهو يسبغها علينا لدرجة أن قال لنا: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}(النحل: من الآية53) ليس هناك نعمة أنتم فيها، تتقلبون فيها في أجسادكم, وفي معيشتكم إلا وهي من الله، يبدو هنا الأثر المهم لخطاب الوجدان واستعطاف المشاعر الداخلية، ما تترك من أثر من أجل ما تترك من أثر في كيان الإنسان وفي تصرفاته وفي توجهه، وفي نظرته.

فنحن بحاجة إلى أن نعرف الله سبحانه وتعالى في توحيدنا له كإله، أن نتعرف على كماله، نتعرف عليه سبحانه وتعالى، المعرفة العملية بالتركيز، كما نركز على توحيده نركز على التعرف على ما أسدى إلينا من نعم، وعلى تقييمها وتقديرها، أن تنشدَّ أنفسنا نحوه، أن تمتلئ قلوبنا بحبه، أن تمتلئ قلوبنا خشية منه.

وهكذا أسلوب القرآن الكريم وهو يتحدث: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} (إبراهيم:32 - 33) دائبين، باستمرار، ما تحتاج من قِبَلِكُم إلى أي وقود، ولا إلى أي شيء، ولا تتوقف ولا تنطفئ {سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم:33- 34).

هذا المنطق أيضاَ حديث عن نعم، أليس كذلك؟ هو أيضاً من هذا القبيل: استعطاف لعباده، واستعطافه لعباده هو تكريم في غاية التكريم للإنسان، مظهر من أعظم مظاهر رحمته بعباده، دليل من أعظم الأدلة على صحة الثقة به؛ لأن من ينعم عليك هذه النعم لا يمكن أن يورطك، لا يمكن أن يغشك، لا يمكن أن يكذب عليك، لا يمكن أن يتركك ويهملك وأنت تسير في طريقه، هي من أعظم الوسائل لتعزيز الثقة به.

ونحن نرى في الدنيا مع بعضنا بعض شخصا تراه يهتم بك، يراك في حاجة يحاول يقدم لك مساعدته، يراك في موقف يبادر معك، يعيش همك، يشاركك في كل شئون حياتك.

ألست أنت من تتجه إليه لينصحك؟ ألا يبدو لديك من أعظم الأشخاص وأعزهم؟ تبدو معه واثقاً به أعظم ثقة من أي شخص آخر؟ تكون عظيم الثقة به، تقول: [يا أخي كيف لا أثق به، وهو الذي كذا، لا يأتي موقف إلا هو معي، لا يلمس أني بحاجة إلاّ ويبذل معروفه إليّ، هو الذي عمل لي كذا، وعندما سافرت عمل لي كذا وكذا، وأعطى ابني كذا وكذا، وبحث لابني لعمال يسرحوا يشتغلوا معه] ألست هنا يمتلئ قلبك حباً له وثقة به، والثقة بالله مهمة جداً.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

(معرفة الله – نعم الله - الدرس الثاني)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

 

بتاريخ 6 من ذي القعدة 1422 هـ الموافق:19/ 1/2002م

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر